-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

المطلوب: منصب إمام مفتي 

جمال غول
  • 745
  • 0
المطلوب: منصب إمام مفتي 

بتاريخ 5 جانفي 2022م صدر بالجريدة الرسمية قرارٌ مشترك بين وزارة الشّؤون الدِّينية والأوقاف ووزارة المالية والسلطة المكلفة بالوظيفة العموميّة، يحدد عدد المناصب العليا للموظفين في قطاع الشّؤون الدِّينيّة، وكان من بين هذه المناصب العليا منصب الإمام المفتي، الذي حُدِّد له 65 منصباً على أساس إمام مفتي لكلّ ولاية، والباقي مخصّص لمسجد الجزائر الكبير.

إذا كان هذا المنصب منصباً للإفتاء، فالأصل فيه أن يتورّع المقترٍح والمقترٓح له، فقد جاء في الحديث النبوي: (أَجْرَؤُكُمْ عَلَى الْفُتْيَا أَجْرَؤُكُمْ عَلَى النَّارِ)، وهذا إمام دار الهجرة الإمام مالك رحمه الله تصدَّر للفتوى بعد أن شهد له سبعون شيخاً من شيوخ العلم بالمدينة المنورة أنّه أهلٌ لذلك.

وبهذا القرار يصبح متاحاً تعيين الإمام المفتي الذي بقي حِبراً على ورق منذ 2008م، تاريخ صدور القانون الأساسي الخاص بقطاع الشّؤون الدِّينية والأوقاف، إذ سُئل الوزير السَّابق عن ذلك، فكان تبريره هو عدم وجود مؤهّلين لذلك! فهل تفعيله اليوم جاء بعد أن تمّ التأهيل اللّازم؟ وإذا كان كذلك فكيف تمّ هذا التأهيل؟ أم أن الحقيقة كانت غير ذلك وأُلبِست لباسا أسودَ؟ وعلى كلِّ حال فقد أصبح الباب مفتوحاً لمن تتوفّر فيه الشّروط لتقلّد هذا المنصب، الذي هو ليس رتبة من رتب السِّلك الديني، وإنّما هو منصبٌ من المناصب العليا التي تخضع لاقتراح المديرين وموافقة الوزارة الوصيّة، ويثمّن بـ255 نقطة استدلالية إضافية.

والناظرُ في شروط التّعيين في هذا المنصب يلحظ أنّها شروط إدارية محضة، مرتبطة بالأقدميّة أكثر منها بالمهنيّة والكفاءة، وهذا يجعل هذا المنصب عبئاً على القطاع بدلا من أداة فاعلة في النهوض به، وهذا يستدعي التّحاكم إلى معايير أكثر ميدانيّة؛ فالأقدميّة في الوظيفة لا يمكنها أن تكون بديلًا عن الكفاءة، والرتبة لا يمكنها أن تكون بديلًا عن المؤهِّلات العلميّة. فكم من مناصب عليا يتمّ منحُها بعيداً عن استحضار الضّمير الحيّ الذي يجعل المخوّلَ باقتراح أسماء في هذه المناصب يضع نصب عينيه إرضاء الله تعالى قبل إرضاء أيِّ جهة كانت، وتحقيق المصلحة الوطنية والدينية المتوخّاة من هذه المناصب قبل أيِّ مصلحة أخرى ترتبط بالمزاج أو الولاء.

هل يحقُّ لمن هو مفوّض قانونياً بالاقتراح أن يقترح من يعلم يقيناً أنه ليس أهلًا لهذا المنصب، وإنّما يبني اقتراحه على حسابات منفعيّة ضيّقة؟ وهل يحق لمن يملك سلطة الموافقة على التعيين أن يختار المرجوح على الراجح ضمن المقترحات بناءً على تصفية حسابات شخصيّة؟ وهل يحقُّ إقصاء الكفء لهذا المنصب لا لشيء إلّا لأنّه محسوبٌ على فئة أو أخرى، ضاربين عرض الحائط بالقانون الذي يمنع أن يكون للانتماءات المختلفة تأثيرٌ في المسار المهني للموظفين؟

وإذا كان استحداث هذا المنصب خطوة إيجابيّة، فإنّه ينبغي أن لا تميّع الأمور، لأنّ ذلك سيوصل إلى نتيجة فارغة يكون الرابح فيها هو الخاسر الأكبر في الدنيا والآخرة، فالحرص على أن لا يخرج هذا المنصب عن فلك معيّن، نتيجة التخوّف الزائد وغير المبرّر من تعيين أشخاص كانت لهم مواقف لا تروق لبعض المسؤولين، لهو تحريفٌ فاضح للمسار الصّحيح الذي كرّس هذا المنصب، كما أنّ التّساهل في منحه لمن لا يستحقّه تهوينٌ وإفراغ له من محتواه الصّحيح النافع، ولا تُصنع النتائج الإيجابية بالتهويل ولا بالتهوين.

وإذا كان هذا المنصب منصباً للإفتاء، فالأصل فيه أن يتورّع المقترٍح والمقترٓح له، فقد جاء في الحديث النبوي: (أَجْرَؤُكُمْ عَلَى الْفُتْيَا أَجْرَؤُكُمْ عَلَى النَّارِ)، وهذا إمام دار الهجرة الإمام مالك رحمه الله تصدَّر للفتوى بعد أن شهد له سبعون شيخاً من شيوخ العلم بالمدينة المنورة أنّه أهلٌ لذلك.

إنَّ حاجة مجتمعنا إلى الفتوى الصحيحة التي ترفع الخلاف، وتبعد الاختلاف، وتصنع الوَحدة والائتلاف، وتقضي على فوضى الإفتاء، تدعو كلَّ حرٍّ مصلح أن لا يخون الأمانة التي اؤتِمن عليها، ومن فعل ذلك فقد خان اللهَ ورسوله والمؤمنين، ومن صانها فقد وُفّق للخير كلّ الخير، ثم بعد ذلك لابد من خطوات أخرى لحماية الفتوى والقائمين عليها، حتى تكون إحدى أسباب النهوض العلمي والإقلاع الحضاري.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!