-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
إسرائيل تتمدد في فراغنا

المقاومة اقتصادا

بشير مصيطفى
  • 7834
  • 3
المقاومة اقتصادا

يفتتح، بعد غد السبت، بالعاصمة اللبنانية بيروت، الملتقى العربي الدولي الأول للمقاومة، بمبادرة من المركز العربي الدولي للتواصل والتضامن.

  • الملتقى، الذي تشارك فيه أكثر من 65 هيئة ومؤسسة عربية وإسلامية ودولية، إضافة إلى مفكرين ومثقفين وشخصيات من كل العالم، يبحث في موضوع المقاومة كخيار شرعي لمواجهة الاستعمار وتحرير الشعوب المستعمَرة من نير الاحتلال مهما كان لونه ونوعه.
  • ويتزامن انعقاد هذا التجمع الكبير مع تدهور الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية في فلسطين المحتلة جراء الحصار المضروب على غزة من جهة، والخطة الإسرائيلية لتهويد القدس وتوسيع الاستيطان، من جهة ثانية. كما ينعقد التجمع وقد أثبتت مسارات التسوية والحلول المبنية على التفاوض محدوديتها في إعادة الاعتبار لأقدم قضية إنسانية في العالم إسمها “القضية الفلسطينية.
  • فما الرسالة التي ينوي المشاركون في الملتقى العربي الدولي الأول للمقاومة توجيهها للرأي العام؟ وكيف نفهم لغة المقاومة من منظور المقاطعة الاقتصادية؟
  • سلاح المقاطعة
  • اعتمدت جامعة الدول العربية قرار مقاطعة المنتجات الإسرائيلية العام 1945 وتأسس بدمشق مكتب المقاطعة الاقتصادية لإسرائيل العام 1951 وظلت المقاومة الاقتصادية للاحتلال شعارا شعبيا بين جميع سكان المنطقتين العربية والإسلامية، إلى غاية ظهور مفردات التطبيع ومسارات السلام والتسوية وحرية التجارة العالمية. وحتى عندما قررت مصر العربية تصدير جزء من غازها للسوق الإسرائيلية تحركت الآلة الشعبية منددة ومازال الجذب بين الأطراف الممانعة والمطبعة حول ملف الغاز المصري الموجه للاستهلاك الإسرائيلي قائما لحد الساعة.
  • والمتابعون لخيار المقاطعة الاقتصادية والتجارية للعدو يدركون كم هو سلاح فعال أن تشترط الحكومات العربية والإسلامية على الشركات الأجنبية عند إبرام الصفقات أن تخلو تلك الصفقات من أي مكون ذي منشأ إسرائيلي، خاصة وأن الولايات المتحدة الأمريكية، التي تمثل المصدر رقم واحد للمساعدات التي تتلقاها إسرائيل من العام تمثل في نفس الوقت الشريك التجاري الأول لمجموع الدول العربية ليس من منظور أسواق السلع والخدمات وحدها ولكن من زاوية توظيف الرساميل أيضا، وعلى سبيل المثال بلغ التبادل التجاري بين دولة عربية واحدة وأمريكا شهر نوفمبر الماضي 50 مليار دولار، بينما لم يتعد حجم التبادل التجاري بين مجموع الدول العربية وجميع دول أمريكا اللاتينية المساندة للقضية الفلسطينية 21 مليار دولار. وتعيش الشركات الأمريكية على تصدير خدماتها للدول العربية النفطية منذ اكتشاف النفط في تلك الدول، كما تعيش الشركات الفرنسية ونظيرتها البريطانية على مبيعات السلاح لعدد كبير من الدول العربية ومنها دول تنتمي لـ”مجموعة الصمود والتصدي” سابقا، بينما تعيش سويسرا على الخدمات المصرفية التي تقدمها للأثرياء العرب تحت غطاء جنات الضريبة وسرية المعاملات والأمان البنكي.
  • وعلى الرغم من الجدوى التجارية المهمة التي تتيحها الأسواق العربية والإسلامية للشركات الغربية الداعمة لإسرائيل، إلا أن تراجعا متزايدا مازال يطال خيار المقاطعة وقد ساعدت الفضاءات الجديدة للتبادل العالمي على تكريس هذا التراجع مثل: مسار برشلونة، الشراكة الأورومتوسطية، الاتحاد من أجل المتوسط، مسار التجارة العربية الحرة، المناطق التجارية الحرة بين أمريكا وبعض الدول العربية وأخيرا مسار منظمة التجارة العالمية، وجميعها فضاءات استفادت منها إسرائيل بالدرجة الأولى بسبب ضعف التحكم العربي في إثبات شهادات المنشأ وقابلية جل الدول العربية للضغوطات الغربية تحت غطاء التبادل الحر تارة، وتارة أخرى تحت غطاء مواجهة “المعاداة للسامية”، كما لعب التفكك في النظام السياسي العربي دورا مساعدا في إضعاف الموقف التفاوضي للدول العربية أمام مشاريع انسياب التجارة وحركة رؤوس الأموال، مما يعني أن زاوية مهمة في مسار مقاومة الاحتلال لازالت بعيدة عن التوظيف بالشكل المناسب.
  • أرقام… وأرقام
  • وبلغة الأرقام خسرت إسرائيل أثناء فترة المقاطعة، أي لغاية العام 2000، ما حجمه 90 مليار دولار وهو رقم مهم بالنسبة لاقتصاد ضيق يعيش على المساعدات ولا يتجاوز ناتجه الداخلي الخام 100 مليار دولار. ولو استمرت المقاطعة بالشكل الذي رسم لها لأمكن الضغط على الكيان الصهيوني بشكل أقوى في موضوع الاستيطان وتهويد القدس وحصار غزة. وتفيد آخر الأرقام أن إسرائيل ماضية في عملية تهويد المدينة المقدسة بميزانية سنوية حجمها 1.25 مليار دولار تمول جلها الأرباح المتأتية من التجارة ومساهمات رجال الأعمال اليهود النشطين عبر العالم والمساعدات الغربية. وفي نفس الوقت تزداد الأوضاع الاقتصادية بين الفلسطيين سوءاً لتطال البطالة 67 بالمائة من الفلسطينيين القادرين على العمل ويأتي الفقر على 15 بالمائة من السكان. وتبلغ المفارقة ذروتها بين الجانبين الإسرائيلي والعربي عندما يعجز “صندوق دعم الأهالي المهددين بهدم منازلهم” عن توفير أكثر من 50 مليون دولار لهذا الغرض، بل وتصد قافلة “شريان الحياة” الموجهة لإغاثة أهل غزة على أنقاض تراجع المقاطعة العربية للسلع الإسرائيلية وخفوت أصوات الممانعة.
  • وتفيد أرقام استهلاك السجائر في الوطن العربي من الماركات الداعمة للكيان الصهيوني ومشتريات السلاح من الدول الحليفة للمحتل بأن ما يصل للخزانة الإسرائيلية من ريع هذه الأسواق وحدها كاف لتمويل ميزانيات حربية بأكملها، إضافة إلى توفير المال اللازم لتوسيع المستوطنات وضرب المقاومة المسلحة.
  • لقد آن الأوان للطوق العربي أن يعمق من مفهوم المقاومة على مسارات فعالة أخرى، يأتي على رأسها المسار الاقتصادي، فهل يعيد “إعلان بيروت” المرتقب عند اختتام الملتقى العربي الدولي الأول للمقاومة الروح لخيار عربي وإسلامي فعال إسمه “المقاطعة الاقتصادية”؟.
أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
3
  • hocin Rahim

    الى صاحب التعليق1
    نرجو منك رفع المستوى لأن الأستاذ الكاتب كان من أوائل المدعووين لملتقى المقاومة وقدم ورقة حول موضوع المقاومة الاقتصادية حيث وضعت توصياته في البيان الختامي أما تعليقك فيدل على جهل واضح وشكرا

  • جلول

    شيئ جميل عقد الملتقيات و المنتديات الفكرية . لكن تبقي تلك الملتقيات حبر علي ورق ما لم تكن الزامية و قابلة للتطبيق الفوري او المرحلي .
    وفي كل مرة نجتمع ونتهم القوي الاستعمارية و غيرها علي فشلنا ومحدودية تفكيرنا و استشرافنا للمستقبل البيعيد و القصير . وكيف لنا القدرة علي رفع التحديات و نحن لا نستطيع حتي محاورة بعضنا البعض . فعقليتنا يميزها الاستبداد و الاستعلاء و المكابرة بالراي . حتي اصبح من يملك القوة هو الذي يملك الراي و الفكر السديد الذي لا يقبل النقاش او الاختلاف معه .
    صحيح ان القوي الاستعمارية خلفت وراءها العديد من القنابل الموقوته و الاوراق الرابحة لها . وصحيح ان هذه الاوراق تبقيها تلك الدول لوقتها المعلوم . فمنطقة الشرق الاوسط و مادام عصب الاقتصاد العالمي هو البترول و الغاز . فان هذه المنطقة تمثل منطقة جذب قوي للقوي الكبري . والسيطرة علي منابع الطاقة هو في فهم الكبار الحفاظ علي الريادة و الهيمنة الابدية .
    لكن لا يمكن اتهام فقط الدول الاستعمارية في بقاء الوضع العربي الراهن علي حاله . بل انه يزداد سوءا من تصرفات العرب انفسهم . و من منطق حصار العدو هاهم العرب يدخلون في محاصرة بعضهم البعض . و من سوء حظ غزة انها بجوار جار عربي فعل ما لم يفعله كل الاستعمار الذي عرفته البشرية منذ سيدنا ادم لغاية اليوم . وهاهم الاجانب تتحرك فيهم غريزة البشر و الانسانية و تسيل دماءهم في سبيل ايصال كميات من الاغذية و الادوية . انهم فعلا مقاومون مخلدون في التاريخ . بينما نبقي نحن نبكي دوما علي اطلال ام كلثوم . وهاهم هؤلاء الانسانيون يفكرون في فك الحصار عن طريق البحر . بعدما كان الجار العربي اقسي و اشد عليهم من الصهاينة . و تصرفات هذا الجار توحي انه يملك عقدة ما يريد من خلالها اثبات حسن الولاء والسلوك والطاعة العمياء لولي النعمة الذي يدفع له ثمنها .
    و في منطقة المغرب العربي تبقي قضية الصحراء الغربية و التي عمرت طويلا تشكل نقطة سوداء في هذه المنطقة . و القوي الكبري تضغط بقوة و بصفة مستمرة علي ديمومة و بقاء هذا الخلاف حتي يحين وقته المعلوم .
    و من طول مدة بقاء المشكل الصحراوي ما يقارب 30 سنة فان الشعب الصحراوي انقسم الي فئتين و لا يمكن ان تجمعهما دولة واحدة . حتي وان تم فرض منطق الدولة الواحدة فان تقاتل الاخوة لا احد يستبعده . فالصوملة هي الاقرب لما يحدث نتيجة تباعد الافكار و السنوات .. وحتي حق تقرير المصير عن طريق الاستفتاء غير ممكن حيث قام المغرب بتغيير كبيرفي التركيبة السكانية و بتواطئ مع الامم المتحدة .و من الاحسن و حسب رايي الخاص هو تقسيم الصحراء الغربية الي دولتين لهما افضلية الاتحاد . او انضمام اختياري لكل طرف الي دولة كبري في المنطقة يراها الاقرب اليه .
    ان الاسراع في حل مشكلة الصحراء سوف يعجل ببناء المغرب العربي الكبير و يضفي علي المنطقتين لافريقية و العربية المزيد من الاستقرار الدائم الذي يصاحبه طبعا نموا في كل المجالات .

  • محمد صالح الدادسي

    يفتتح، بعد غد السبت، بالعاصمة اللبنانية بيروت، الملتقى العربي الدولي الأول للمقاومة، بمبادرة من المركز العربي الدولي للتواصل والتضامن.

    خسارة ما عرضوكش دكتور , ريح في دارك خيرلك