الرأي

المهاجرون.. مصدر أمل!

محمد سليم قلالة
  • 1007
  • 6
الأرشيف

مادامت البلاد لم تبدأ في التحول إلى قطب جاذب لأبنائها في الخارج، فإنها ستبقى بالضرورة مَرْكَزَ طردٍ لِمَن هم في الداخل. لن يُقنِعَ شبابنا اليوم بالبقاء في بلدهم وخِدمتها سوى أن يروا رأي العين أنها أصبحت تَستقطب مَنْ سبقهم للهجرة وتُوَفِّر لهم الامكانيات اللازمة للبقاء ولو لفترات محدودة…

هناك مشكلة كبيرة لدينا اليوم بهذا الصدد وينبغي التفرغ لبحثها ورصد كافة الوسائل لإيجاد حل لها إذا أردنا أن نُعيد بناء الأمل في قلوب ملايين من الشباب أصبحوا قاب قوسين أو أدنى من حالة اليأس وفقدان الثقة في إمكانية حدوث إصلاح حقيقي من شأنه أن يُصحِّحَ الأوضاع. ولا يوجد مؤشر أفضل على نجاحنا أو فشلنا في هذا المجال من طرح السؤال التالي: هل نحن قادرون على استقطاب كفاءاتنا المهاجرة وإدماجها ضمن مسار التنمية الوطنية تدريجيا أم لا؟

إذا ما استمر الجواب بالنفي، فإن كافة المزاعم بتوفير المحيط الملائم لأبنائنا للعمل والبقاء والعطاء في بلدهم تُصبح بلا معنى، ذلك أننا اليوم لم نعد نعيش في عالم أطرافه معزولة عن بعضها البعض، أو في دول مُغلَقَة لا يعلم مَن بداخلها ما يحدث بالخارج، بل في عالم كل المعلومات فيه متاحة، والمُهندس الجزائري أو الطبيب أو الأستاذ أو العامل اليدوي بالساعة أو اليوم يعرف بالضبط قيمة الجهد الذي يبذله وكيف يُقيَّم في أكثر من بلد وأي الحقوق يستفيد منها نظيره سواء في السكن أو الضمان الاجتماعي أو إعانات الدولة المختلفة، كما يعرف طبيعة حقوقه وواجباته ومدى الحرية التي يتمتع بها.. لم يعد هناك ما يُمكِن أن يُخفَى في هذا العالم المُتَّصل مباشرة ببعضه البعض.

لذا، فإنه لا بديل من العمل على أن نكون في مستوى التطورات الحاصلة عالميا أو سنندثر تماما كدولة ومجتمع، ناهيك عن أن يبقى لدينا ذلك الشعور بأننا نملك شخصية ومكانة بين الأمم.

إن شبابنا في الهجرة لم يتنكر أبدا يوما لبلده، ومازال في كل لحظة يحن للعودة إليه، بل ويُتابع ما يجري به أحيانا بالساعة والدقيقة، ويتحسر أنه مُنِع مَنعا من أن يخدم شعبه ووطنه ومواطنيه الذين يتألم لألمهم ولا يرضيه أن يبقوا على الحال التي هم عليها. وليس أمامنا سوى الاستثمار في هذا الحب منقطع النظير لهؤلاء الأبناء لبلدهم والذي وَقفتُ عليه بنفسي في أكثر من مناسبة ومع أكثر من  فرد، جميعهم يؤكدون أنهم اضطروا اضطرارا لترك بلدهم وهاجروا على مضض، ويتأسفون أنهم لا يرون في الأفق ما يشجعهم على العودة  للتوقف عن خدمة شعوب أخرى او اقتصاديات دول أخرى، وهم يُدركون حق الإدراك أن شعبهم بهم أولى…

مَن يستطيع تصحيح هذه المعادلة، ويغير سهم اتجاه الهجرة بصيغة أو بأخرى؟ الجواب على هذا السؤال هو مقياس ما إذا كُنَّا نسير باتجاه صناعة أمل جديد في هذه البلاد أم نعمل خلاف ذلك تماما…

مقالات ذات صلة