-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

المهمة لم تنته في أفغانستان

المهمة لم تنته في أفغانستان

المهمة لم تنته في أفغانستان بعد!! قالها الرئيس جو بايدن دون أن يتساءل لماذا سحبت جيوشك الغازية إذن بهذه الطريقة العشوائية التي قدمت للعالم أسوأ مشهد همجي؟
قالها وكأنه يرقع عبثا فتوق سياسته، ويخبئ سوءة قراره القاصر، ويظهر متفاخرا في منصة البيت الأبيض، معلنا انتصاره في إنهاء أكبر عملية إجلاء في التاريخ.

“نجحنا بإجلاء عشرات الآلاف من أفغانستان”.. هزيمة نكراء بشكلها السياسي والعسكري، يصورها انتصارا من دون خجل، في محاولة يائسة للتلاعب بالعقول المندهشة من أبشع هزيمة عرفتها أمريكا، ليته التزم الصمت فخفف من وطأة خيبته.

تغنى مبكرا بإجلاء عشرات الآلاف من الأمريكان من جحيم طالبان، ومازال الآلاف محاصرين في مدن أفغانستان يتطلب إجلاءهم زمنا آخر، وخططا معقدة، وضمانات وتنازلات لحاكم القصر الرئاسي في كابل.

خسر جو بايدن زمن بقائه في زمن مقبل، وخسرت أمريكا بتخبطه ما تبقى لها من هيبة، ولم يبق له سوى تبرير خيبته في حكم أكبر دولة في العالم، تارة يلقي اللوم على الرئيس الهارب أشرف غني، وتارة أخرى يلقي اللوم على جيش أفغانستان الذي أخلى كل مواقعه دون قتال، متناسيا أن جيوشه الأعظم قوة في العالم فشلت في الانتصار على طالبان طيلة عشرين عاما في حرب هي الأطول في تاريخ أمريكا، ويراهن على جيش أفغاني مبتدئ في انتصار مستحيل على عدو عاش في الكهوف والأدغال..!!

إلقاء اللوم على حقبة الرئيس السابق دونالد ترامب كان مبررا آخر أدلى به جو بايدن، باعتباره من فاوض طالبان على اتفاق الانسحاب في 31 أوت 2021، وكأن ترامب قال له انسحب على عجل بهذه الفوضى غير اللائقة بجيش نظامي معد لخوض حرب عالمية عظمى.

مازال جو بايدن يبحث في قاموس السياسة عن مبررات يمتص بها صدمة الرأي العام الأمريكي دون جدوى، فأي مبرر لا يمحو من الأذهان ذاك المشهد المروع لحشود هاربة من حكم طالبان العائد بقطار أمريكي.

تزامن تسلم جو بايدن للسلطة مع صعود جديد لحركة طالبان، هو من قال ذلك، هذا الصعود وضعه أمام خيارين، إما التصعيد العسكري أو الانسحاب، فقرر الانسحاب كأقل الضررين، قبل أن يؤسس مجتمعا ديمقراطيا وعد به الرئيس الأسبق جورج دبليو بوش.

“ماذا نفعل في أفغانستان”؟ سؤال أمريكا بلسان قائدها جو بايدن، حسنا سؤال منطقي في الوقت الراهن، الإجابة عليه تبرر الانسحاب العشوائي، تبريرا لا يقنع الرأي العام الأمريكي والعالمي الذي يتساءل هو بدوره: “ماذا فعلتم طيلة عشرين عاما في أفغانستان، انسحبتم على عجل وعادت طالبان منتصرة”؟

تتخبط إدارة البيت الأبيض في إطلاق العناوين، لاحتواء هول كارثة “مهينة”حلت بأمريكا وجيشها، عنوان يبعث على السخرية أطلقه وزير الخارجية بلينكن في محاولة يائسة لاحتواء الغضب الأمريكي حين قال: “إن طالبان ستحارب الإرهاب..”!! وكأنه أخذ منها عهدا موثقا، وعنوان آخر يطلقه قائد عسكري كبير يكشف عن خبث العقل الأمريكي الحاكم: “سنجعل الإرهاب يقاتل نفسه في أفغانستان”.

أيا كانت العناوين العاجزة عن احتواء فشل أمريكي ذريع، فإن العنوان الأوحد المتداول هو: “قصور العقل الأمريكي الحاكم”، بانتظار ظهور قوة أخرى تقود قاطرة العالم.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
1
  • مواطن

    عندما يظلم القوي فهي دلالة على إقتراب ذهاب ريحه وزواله.