-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

المواريث في الإسلام: رؤية اقتصادية

بشير مصيطفى
  • 8001
  • 9
المواريث في الإسلام: رؤية اقتصادية
د.بشير مصيطفى

يتميز التشريع الإسلامي في شقه المالي والاقتصادي بقمة الإعجاز. وفي باب المواريث وجوه عدة للإعجاز الاقتصادي، هذا بعض منها:

  •  
  • إعادة توزيع الثروة بشكل عادل
  •      يلعب التوريث بالصورة التي وضعها الفقه الإسلامي دورا مهما في إعادة توزيع الثروة بين الأفراد من الجنسين ممن يحق لهم الإرث، ويلاحظ على هذا التوزيع أنه ثابت بثبات التشريع الإسلامي عكس الضريبة التي تخضع لتقلبات القوانين الوضعية، وبالتالي يمكن الاعتماد عليه في رسم التوقعات الاستثمارية لدى الأسر التي تتمتع بثروات مهمة.
  • كما أن خضوع توزيع الإرث لتحديد الفقه الإسلامي يحول دون الخطأ في تقدير أنصبة الأفراد ويجعل من تلك التوقعات أداة ناجعة في سلوك الاستثمار بالنسبة للأفراد. وهكذا تنخرط المواريث في الإسلام مباشرة في نظرية “التوقعات الرشيدة” التي عجزت الرأسمالية على تحقيقها.
  •  
  • رفع قيمة المعدل الحدي للاستهلاك
  •     عندما تبلغ الثروة حدا معينا يتشبع صاحب الثروة من حيث الاستهلاك ويصبح الميل الحدي للاستهلاك لديه قريبا من أو يساوي الصفر، كما هو مبين في النظرية الاقتصادية، وفي هذه الحالة يلجأ المستهلك إلى التخزين أو إلى الادخار، ولكن في حالة العائلات ذات الثقافة الاقتصادية المحدودة فإن تركز الثروة لدى فرد واحد يؤثر سلبا على تخصيص الموارد.
  •  أما بعد تقسيم الميراث فإن الأنصبة تذهب إلى عدة أفراد يكون احتمال أن يكونوا دون حالة التشبع، مما يؤثر إيجابا على الميل الحدي للاستهلاك، وبالتالي يخدم الطلب الداخلي، الطلب الإضافي بدوره يدفع بالإنتاج ويخدم أهداف السوق.
  •  
  • تكوين رأس المال
  •     تقسيم الميراث فرصة لإعادة تشكيل رأس المال في بعض الحالات التي يزيد فيها نصيب الأفراد عن الحاجات الاستهلاكية، وهكذا وبدل أن تنحصر الثروة في صاحب مفترض واحد لرأس المال يصبح لدينا عدة أفراد مفترضين، وهذا يخدم فرضية تشكيل القطاع الخاص، وبالتالي يخدم الاستثمار.
  • وفي حالة العائلات ذات الثقافة الاقتصادية يمكن تحويل مجموع الأنصبة التي تكون قيمتها متواضعة إلى رأس مال حقيقي بفضل قانون الشركات والقانون التجاري. ويمكن للدولة من خلال الحكومة دعم فكرة تكوين رأس المال المتأتي عن المواريث باقتراح تحفيزات جبائية كي يتحول الميراث إلى أداة اقتصادية فعالة في تشكيل الثروة.
  •  
  • محاربة الفقر وخدمة هدف التشغيل
  •     في حالة تطبيق الفقه الإسلامي للمواريث ينال الأفراد نصيبهم بصورة عادلة، ويتم تحويل الثروة إلى الأفراد المعوزين والفقراء بصورة آلية ودون تدخل السلطات، مما يخدم هدف محاربة الفقر، كما أن حصول الرجال على ضعف حقوق النساء في الميراث حسب الفقه الإسلامي إشارة معجزة إلى ضرورة تحويل الثروة إلى أداة للتشغيل سواء عن طريق الاستثمار الفعلي أو التجارة. وهكذا يتيح الميراث لمستحقيه من الفقراء فرصة حيازة أدوات الإنتاج لأنه يوفر لهم السيولة اللازمة لذلك.
  •  
  • منع التركز الرأسمالي
  •      تتشكل الطبقة البرجوازية وتتغذى الطبقية من تركز رأس المال في يد واحدة، ويعمل تقسيم الميراث على تفكيك هذا التركز من خلال إعادة توزيع الثروة. آلية تحول دون التركز الرأسمالي ولا تسمح بنشوء البرجوازية التي غالبا ما تتطور في شكل نظام رأسمالي كما هو حاصل الآن في الغرب. ويشجع الإسلام تكوين نظام اجتماعي عادل تتوزع فيه الثروة بشكل طبيعي. ولهذا لم نشهد في التاريخ الإسلامي أية اضطرابات اجتماعية ناشئة عن الصراع الطبقي أو التفاوت الفاحش في السلوك الاستهلاكي.
  •  
  • توفير السيولة
  •     عادة ما يعمد مستحقو الميراث إلى تسييل الأصول بغرض تسهيل عملية التقسيم، وفي هذه العملية نتائج اقتصادية مهمة، منها توفير السيولة في الاقتصاد وتنشيط عمليات البيع والشراء والعمليات المصاحبة للإشهار والتوثيق وباقي الخدمات.
  • وتحمي عمليات التسييل هذه الأصول العقارية من الاهتلاك والاندثار في حالة اشتراك أفراد كثيرين في تملك الأصول دون قبول التقسيم، الشيء الذي يمكنها من المحافظة على قيمتها المحاسبية.
  • والملاحظ في الجزائر هو لجوء جل العائلات إلى التقسيم عن طريق تحويل الأصول إلى سيولة بطريق البيع بسبب المشكلات التي تنشأ بين الأفراد عند التملك المشترك، وفي كل ذلك ثقافة اقتصادية جاهزة للتطبيق بفضل حكمة توزيع المواريث في الشريعة الإسلامية.
أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
9
  • BRAHIM

    بارك الله فيك يا أستاذ مصيطفى على هدا المقال المفيد

  • hocine Dani

    c vraiment magnifique de lire une analyse aussi brillante concernant un sujet purement religieux...Merci monsieur msitfa

  • Hocin

    بارك الله في الأستاذ مصيطفى على هذه الرؤية العلمية للفقه الإسلامي وسبحان الله كم في الإسلام من معجزات

  • ahmed44

    شكرا لك دكتور مصطفى على هذا المقال .لكن ومقارنة بالواقع الاجتماعي و قلة الوعي الديني وانعدام التغطية الاعلامية لهذا الموضوع .ارجو منك يافضيلة الدكتور ان تقدم باسهاماتك في هذاالمجال .الميراث في الشرع والقانون الجزائري .ونحن في الانتظار .ياجريدة الشروق ارجوا ان تخصصوا صفحة او صفحات لهذا العلوم .علم المواريث .وشكرا

  • daoud

    "كما أن حصول الرجال على ضعف حقوق النساء في الميراث حسب الفقه الإسلامي إشارة معجزة إلى ضرورة تحويل الثروة إلى أداة للتشغيل سواء عن طريق الاستثمار الفعلي أو التجارة"
    أين هو المغزى الاقتصادي من حصول الرجل ضعف ماتحصل عليه المرأة في الميراث من الناحية الاقتصادية?
    شكرا

  • daoud

    "كما أن حصول الرجال على ضعف حقوق النساء في الميراث حسب الفقه الإسلامي إشارة معجزة إلى ضرورة تحويل الثروة إلى أداة للتشغيل سواء عن طريق الاستثمار الفعلي أو التجارة"
    أين هو المغزى الاقتصادي من حصول الرجل ضعف ماتحصل عليه المرأة في الميراث من الناحية الاقتصادية?
    شكرا

  • ali

    المراة لاترث عند النمامشة وتاخذ اكثر من نصيبها احيانا

  • الأستاذ/ الطاهر قانة

    حقيقة؛ إن نظام الإرث في الإسلام علاج رباني لتكدس الثروات في أيدي الأقلية على حساب الأغلبية، فهو يفتت الثروات بصفة دورية ومستمرة، مما يجعل الأموال متداولة بين جميع البشر، ويستفيد منها الجميع.
    شكرا أستاذي الكريم على هذا المقال، ولكن يا ليت من يقومون بالإشراف على السياسات المالية والاقتصادية يلتفتون إلى ما تزخر به شريعة الله تعالى من حلول ناجعة وفعالة لكافة مشاكلنا وأزماتنا، ولا أقول المالية فقط.

  • أبو عامر

    بارك الله فيك على هذا الموضوع القيم وجزاك الله خيرا إذ بينت للناس أن الإسلام دين شامل كامل واف بكل زمان ومكان وموضوع.