الموس وصل للعظم !
بينما كشفت عديد الصور والفيديوهات، نهاية مأساوية للهفة و”اللهيف”، حيث تخلّص بعض المستهلكين من “شكاير” السميد والفرينة، وخضر وفواكه، في المزابل، أكرمكم الله، يستغيث آلاف “البطالين” من ممتهني الحلاقة والتجارة والنقل الفردي والجماعي، ممّن أحالتهم كورونا على بطالة مقنعة، دون سابق إنذار، ويطلبون النظر إليهم بعين الرأفة، لأن عائلاتهم وأولادهم مهددون بالجوع، بسبب الظرف الاستثنائي الطارئ!
هكذا، في كلّ مرّة، تكشف القمامة، هؤلاء الذين يأكلون بأعينهم، وها هي أكياس السميد والفرينة، التي قيل أنها ضحية ندرة مفتعلة ومضاربة أولئك الذين لا يخافون ربّ العالمين، تغادر المنازل حيث كانت مكدّسة، نحو الزبالة، تنتظر الشاحنات لحملها والتخلص منها، فلا حول ولا قوّة إلا بالله العليّ العظيم، لهكذا مشاهد موجعة!
لكن الغريب في الموضوع، أن هذه الأكياس التي ظهرت في المزابل، ودفعت وزير التجارة ومنظمات حماية المستهلكين، إلى تنبيه المواطنين، تثير الكثير من التساؤلات: فهل فعلا فسدت هذه “النعمة” نتيجة سوء التخزين بالبيوت؟ بعد نحو شهر أو أقل من اقتنائها من المحلات التجارية؟ أم أن هذه المواد كانت في الأساس منتهية الصلاحية أصلا، وهو ما يفضح ربما متلاعبين بصحة الجزائريين ومضاربين بقوتهم؟
إذا كان الأمر يتعلق بسوء تخزين، فهذه رسالة إلى المواطنين، مفادها أن اقتناء أكثر من الحاجة، سينتهي في الأخير إلى القمامة، بعد التزاحم على تلك السلع في طوابير طويلة، والمخاطرة بالحياة، بسبب عدم الوقاية من انتشار عدوى كورونا، أمّا إذا كانت عمليات الرمي، نتيجتها انتهاء صلاحية البضاعة، فهذه كارثة أخرى بكلّ المقاييس، تكشف أن “مجرمين” زوّروا الأوسام وغيّروا تواريخ الانتهاء وصلاحية الاستهلاك وباعوا للناس “الرهج”!
الاحتمال الثاني، يبقى غير مستبعد، إلى أن يثبت العكس، فقد حجزت أجهزة الأمن المختلفة وكذا مصالح قمع الغش ومراقبة الجودة، القناطير والأطنان من السميد والفرينة، والسلع الغذائية، الفاسدة، عبر عديد الولايات، وتمّ توقيف عشرات المضاربين والسراق و”القتلة” داخل مستودعات سرّية، وهم بصدد تغيير الأوسمة، مع سبق الإصرار والترصّد، تحضيرا لتسويق بضاعة فاسدة على أساس أنها صالحة للاستهلاك البشري!
في كلّ الأحوال والحالات، فإنه من العيب والعار، أن “تأكل” المزابل ما اقتنيناه لوقت الشدّة، ولا يستبعد أن بعض اللاهثين قد انتزعوا نصيب غيرهم من الدقيق مثلا، ليتم في الأخير رميه في القمامات، وهذه “جريمة” لا تختلف كثيرا عن جريمة افتعال الندرة والمضاربة والغشّ والتدليس.. والحال أن الأزمات والمحن تعرّي الكثير من “الفضائح” التي تكون مستورة، لأن الجميع يكون منشغلا ولا يعير اهتماما لوقائع نائمة ومنوّمة!