النجم وائل شرف: الجزائر وشعبها في شغاف قلبي
العقيد، القبضاية، الشهم، ابن الحارة، صاحب النخوة، العروبي، الوطني المقدام.. كلها صفات تنطبق على الفنان الشامي المنبت، السوري الهوى، العربي الانتماء (معتز). عندما قررنا أن نلتقي الفنان العربي السوري وائل شرف، قيل لنا في الوسط الفني السوري إن هذا النجم محجم عن اللقاءات الصحفية منذ بداية مسيرته الفنية، ومع هذه المعلومة ازددنا إصرارا على إجراء الحوار معه، وتواصلنا معه مباشرة دون أي وسيط، أين فوجئنا ببساطته وتواضعه وترحيبه، واستطعنا أن نلتقيه في وقت قصير، وازدادت صورة هذا النجم جمالا في وجداني بعد الدقائق الأولى من اللقاء، وجدت أن كل أدوار الشهامة والنخوة والمروءة التي مثلها لا تشكل إلا جزءا بسيطا من حقيقة هذا النجم الشاب، فهو الممثل والفنان التشكيلي، والمفكر الذي أدرك المفاهيم الحقيقية للمرحلة الإنسانية والاقتصادية في هذه المنطقة، هو مثقف من الطراز الممتاز، يتحدث إليك في الفكر والسياسة والاقتصاد بلغة المدرك لكل أبعاد المرحلة وهو يقطر وطنية وعروبة.
وائل شرف تركت دراسة الطب لتسلك طريق التمثيل. هل تعتقد أنك قادر على إيصال رسالتك الإنسانية في التمثيل أكثر من الطب…؟؟
الطبيب يحمل رسالة إنسانية كبيرة، ولكن وجدت نفسي أكثر راحة في مهنة التمثيل.
(أسير بشكل طبيعي)
حققت خلال فترة قياسية نجومية تغبط عليها. ما هو تفسير ذلك برأيك، وهل لشخصيتك دور في ذلك؟
أنا دخلت المعهد العالي للفنون المسرحية في دمشق عام 1997، وتخرجت منه 2001، وكان مسلسل المتنبي في نفس السنة أول أعمالي، وتتالت من بعد ذلك عدة أعمال أذكر منها: الحجاج، الشمس تشرق من جديد، بقعة ضوء، فضية 6008، ليالي الصالحية، وصولا إلى باب الحارة الذي حقق جماهيرية كبيرة في الوطن العربي، قدمت إلى جانبه عدة مسلسلات منها: كوم الحجر، بيت جدي، دليلة والزئبق، وقد مضى على ذلك الوقت 13 سنة وهي ليست فترة قياسية.
هل تقبل النقد وماذا يضيف لك النقاد..؟
طبعا، أقبل النقد إذا كان نقدا بناء من شخص طيب. ولا أعتقد أن هناك أحدا يتقبل النقد الهدام، وطبعا آخذ جميع الملاحظات بعين الاعتبار.
(النجومية صناعة فردية)
هل تعتقد أن حال النجومية في سورية يصنعها الفرد أم هناك مؤسسات وراء صناعة النجوم..؟
النجومية في سورية هي صناعة فردية بامتياز..
هناك إقبال كبير على الأعمال الشامية، ما هو السبب؟ وهل الأعمال التي أنجزت أعطت دمشق حقها التاريخي والتراثي ..؟
دمشق أقدم عاصمة مأهولة في التاريخ، ولا يمكن لأي نوع من الدراما أن يفيها حقها. أما بالنسبة للشق الأول من السؤال، فلدمشق خصوصية تجعلك تشعر بانتمائك لهذه الأرض، وهذا بسبب طيبة أهلها وعبقها التاريخي، فهناك آلاف الحكايات التي نسجت على أرضها.
أنت شخص متعدد المواهب، رسام، فنان تشكيلي، مدرب رقص، شاعر، والآن أكتشف أنك مفكر سياسي، هل تحدثنا عن هذه المواهب؟
فيما يخص الفن التشكيلي، أتمنى أن أصل إلى مكانة أحد الفنانين التشكيليين المهمين.. لدي محاولات في الرسم ومحاولات شعرية وكتابة القصص القصيرة…
هناك انتحال دائم لشخصيتك على مواقع التواصل الاجتماعي، ما هي الصفحات الخاصة بك على هذه المواقع..؟
الحقيقة أنا حتى قبل أربعة أشهر لم يكن لدي موقع على شبكة التواصل الاجتماعي، ومنذ أربعة أشهر أصبح عندي حساب على موقع الانستغرام وهو (INSTAGRAM:@Waelsharaf1)، هذا هو حسابي الوحيد على مواقع التواصل الاجتماعي. علما أنني كنت ضد الفكرة ولكنني اكتشفت أن معظم الناس صار عندهم هاجس يومي للدخول للنت والتواصل عن طريقه لدرجة أن الشخصيات الحقيقية أصبحت افتراضية. أنا إنسان كلاسيكي، أحب الورق والقلم، أحب القراءة من الكتاب الورقي وليس الإلكتروني، أحب رائحة الورق، لأنني أشعر أن ذلك هو الشيء الحقيقي وما سواه وهمي، دخلت العالم الافتراضي ولكن بشخصيتي الحقيقية، ومازلت في صراع دائم بين أن أندمج في هذا العالم وبين أن أحافظ على شخصيتي الحقيقية.
كيف تستشعر قبول أو رفض الجمهور للأدوار التي أديتها..؟
الحقيقة كنت أستشعر ذلك من خلال الشارع، وكانت الطريقة الوحيدة المتاحة لي، ومؤخرا صار ذلك عبر حسابي على موقع انستغرام.
لماذا لا نجد لك أعمالا كوميدية أو مسرحية..؟
حتى الآن لم يعرض علي نص كوميدي صرف، ولو قدم لي نص لدرسته وفكرت بتمثيله، ولكن شخصية الزيبق التي قدمتها في مسلسل دليلة والزئبق كانت تحمل في بعض جوانبها نوعا من أنواع الكوميديا. أما بالنسبة للمسرح، فقد شاركت في مسرحية الرهان في بداية مسيرتي الفنية ومؤخرا مسرحية بعنوان الياسمين والاس، كانت مهداة لروح والدي المرحوم صبحي الرفاعي.
(الفنان ليس ملكا للجمهور)
هل يمكن أن نتحدث عن القضايا الشخصية (العائلة الصغيرة)، الأولاد، الزوجة، علاقتك بهم ومدى تأثرهم بعملك..؟
أنا شخصيا لست مع الحديث عن حياة الفنان الشخصية، ولا أوافق على مقولة إن حياة الفنان ملك للجمهور، أنا أؤمن أن حياة الفنان الخاصة هي ملك لأسرته فقط، أما أعماله فهي ملك للجمهور، ولذلك لا أحب أن أتحدث عن حياتي الخاصة، ومع ذلك أقول لك: أنا متزوج من سيدة هي نصفي الحقيقي الثاني، اسمها خلود الصوا، وهي صحفية وعندي طفلان، ليمار وجود (خلال هذا الجواب دخلت زوجة وائل وطفلاه إلى مكان حوارنا) … ليمار: مرحبا بابا (وعرفنا على زوجته وولديه وتمنينا لهم السعادة).
لك مقولة (من كثر كلامه كثرت أخطاؤه). هل هذا هو سبب إحجامك عن اللقاءات الصحفية..؟
نعم، هذا الكلام صحيح، وأنا أطبق ذلك قولا وفعلا، أنا أحب أن يعرفني الجمهور بأعمالي وليس في لقاءاتي الصحفية.
(قد تكون مفاجأة)
ما هي الأعمال التي سيقدمها وائل شرف خلال الفترة القادمة..؟
أنا الآن بصدد قراءة نص تلفزيوني، وهناك مشروع آخر سأفصح عنه في الوقت المناسب، وهو من كتابة زوجتي وقد تكون هناك مفاجأة للجمهور في هذا العمل. كما أنني أنتظر رأي الجمهور في باب الحارة 7
ما رأيك في الأعمال التي تصبح سلسلة من الأجزاء؟
أنا لست مع فكرة الأجزاء، لأنه قد تستنسخ بعضها أحيانا في مضمونها وشكلها، ولكن في باب الحارة الوضع مختلف. أنا أعتقد أن مسلسل باب الحارة لم يصل إلى نهايته المنطقية، ويمكن أن تكون نهايته بعد جلاء المستعمر الفرنسي عن سورية. والنتيجة أن موضوع استمرار باب الحارة يعود للجمهور، وإذا قال الجمهور أوقفوا باب الحارة سيتوقف. التزمت بباب الحارة من باب وفائي للجمهور الذي ينتظر كل سنة جديد باب الحارة وعلى وجه الخصوص شخصية معتز، وأذكر هنا أنني قابلت سيدة فلسطينية مسنة وقالت لي: الله يعيشني لأحضر معتز الجزء الأول والثاني والثالث و..و..و..و…و والعاشر وحتى أموت – الله يطول عمرها ـ الحقيقة إن محبة الناس لهذه الشخصية هي أهم الأسباب التي دفعتني للالتزام بإنجاز هذه الأجزاء.
لماذا لا نجد لك أعمالا عربية..؟ هل بسبب عدم وجود عروض، أم هو موقف خاص بك..؟
بالتأكيد ليس لدي أي موقف من أي عمل عربي، فقد قدمت لي عدة عروض عربية، لكن لم تنفذ لأسباب فنية وإنتاجية.
لمست حميمية غير عادية في علاقتك مع والدك (رحمه الله)، حدثنا عن هذه العلاقة..؟
أبي شمعة أضاءت حياتي ولم تنطفئ في داخلي على الأقل، عشت فيه ما عاشه جميع الأبناء في أب واحد، كان أبي كل الآباء. كان الحنون القوي العطوف، المعطاء، الشجاع، الكريم، والله أشتاق لقبره من الداخل، أحسد الحجارة التي تلفه، أتمنى أن يكون قربي.
(الجزائر في شغاف القلب)
ما هي الكلمة التي تود أن تقولها لجمهورك الجزائري بشكل خاص، والعربي بشكل عام..؟
أريد أن أشكرك جدا وأشكر مجلة “الشروق العربي”، وأخص بالشكر الشعب الجزائري الطيب، الشعب الذي يشبهنا في كل شيء، وإن شاء الله سألتقي الشعب الجزائري بكل أطيافه، وأتمنى أن أكون قريبا في الجزائر. ولهم جميعا أقول: إن كانت زوجتي وولداي في قلبي، فإن لسورية والجزائر والشعب الجزائري مكان هو شغاف القلب. والله أحب شعب الجزائر أكثر مما يحبني مجتمعا، لأنهم شعب مزج بعاطفة وإحساس قلّ نظيرهما في بلاد الدنيا. هذا الإحساس وهذه المشاعر يشترك فيها السوري والجزائري، وأنا أشعر أن الجزائر بلدي الثاني. والحقيقة أقول أتمنى أن لا أظلم شعوب الوطن العربي بحبي لشعب الجزائر.