-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

النكــــــاح يصنع الأولاد فمن يربيهم؟

جواهر الشروق
  • 7145
  • 0
النكــــــاح يصنع الأولاد فمن يربيهم؟

يعلم الجميع أن النكاح هو الوسيلة الطبيعية لإنجاب الأطفال، يفعلون هذا وهم يرددون حديث الرسول عليه الصلاة والسلام تناسلوا فإني مباه بكم الأمم يوم القيامة، وتبدأ الآلة في العمل، فتنجب العائلة طفلها الأول الذي عادة ما يكون مدللها، ثم يأتي اخوته وأخواته تباعا كل حسب ما قدر له الله وحسب قدرته، لكن هل يعلم الآباء والأمهات أن مهمتهم لا تنتهي بإنجاب الأولاد بل تمتد إلى تربيتهم؟

يكبر الأولاد وتكبر معهم مشاكلهم وتصبح عملية متابعتهم مهمة شبه مستحيلة، خاصة في مجتمعنا الذي يستقيل فيه الأب من الارتباطات الأسرية مبكرا و يتفرغ لجلب المال كي يعيل الأسرة، أما الأم فتغرق في مهامها الأسرية من زيارات للعمات، الخالات، السهرات والأعراس وتنسى أن لها أولادا يحتاجونها أكثر من حاجتهم للأكل والشرب، أما إذا كانت الأم عاملة فالحال أصعب والمتابعة تصبح شبه منعدمة كون أنه من شبه المستحيل تقسيم الوقت بين العمل والمهام المنزلية الشاقة، فكيف إذا أضفنا الاعتناء بالأطفال ومشاكلهم المزمنة… وبما أن لا مجال للفراغ، نمط الحياة الحديثة تكفل بتربية الأطفال نيابة عن الأمهات والآباء، فأضحى التلفاز بديلا عن قصص الجد والجدة، والفايسبوك وسيلة لخلق علاقات اجتماعية افتراضية وجودها شبه مفقود تحت سقف المنزل العائلي، أما الحضانة فأضحت واجبا لا يمكن التفريط فيه، فيكبر الولد بعيدا عن حنان الأم لغياب الوقت بعد أن حرمته من حليبها خوفا على قوامها.

يخرج الطفل مباشرة من البيت ليلهوا في الشارع أو الحي، هذا المحيط الذي كان من أهم العوامل التي تدعم تربية الأطفال و تقوم سلوكهم، فالجميع كان يحرص على أن يأمر بالمعروف و ينهى عن المنكر، خاصة حين كانت العائلة الكبيرة أساسا في مجتمعنا، فتجد العم والجد ينصحان والجار ذي الجنب يعامل أطفال جيرانه كأنهم أطفاله، فيعاتب ويعاقب كل من يخطئ، والويل للطفل إن علم أبوه من الجار بخطئه لأنه سيعاقبه أشد العقاب، أما اليوم فالكل يرفض أن يتدخل الآخر في تربية أولاده حتى أقرب المقربين، فكم من خلاف حدث بين الأخوة بسبب الأولاد، أما علاقة الجار مع الجار صارت بمبدأ “أنا جارك وانت جاري، أنتَ في حالك وأنا في حالي”.

يأتي الآن دور المدرسة بأطوارها الثلاثة، وعكس ما كان موجودا في سبعينات وثمانينات القرن العشرين الأستاذ لم يعد الأب الثاني للطفل، فالآباء صاروا يرفضون أن يقدم الأساتذة ملاحظات عن أخلاق أبنائهم، فهم في نظرهم كاملون مكملون بل ملائكة منزلون، والأساتذة بدورهم ضاقوا ذرعا بالمضايقات التي تلحقهم من كل حدب وصوب، خاصة إن هم حاولوا المساهمة في تقديم نصائح للمتعلمين و المتعلمات، فهم ملزمون بتطبيق برنامج الوصاية وفق سبيل محدد فلا يحق لهم بأي حال من الاحوال أن يتعدوا بالخروج عنه، وأي خروج عن النص يعني العقاب الشديد من السيد المفتش و المدير.

أما المسجد الذي كان المنارة التي تشع في كل حي، والمكان الذي يقصده كل من أذنب أو أخطأ، تخلى عن هذه المكانة  وأصبح مجرد دار عبادة يقصده سكان الحي يوم الجمعة لسماع خطبة الجمعة أو جزء منها والمشار إلى مواضيعها من الوصاية بعد أن أصبح جل الأئمة موظفون لا رساليين، وحتى الأولاد والشباب صار ذهابهم إلى المسجد مناسباتيا في العيدين أو ربما في صلاة التراويح، أما الشابات فلا يكدن يعرفن طريقه، فكيف يمكن أن نربي هؤلاء الصغار على تعاليم الدين الحنيف؟

قد يقول البعض، ما همي بالمجتمع، المهم أن أربي أولادي، فأنا أتابعهم وأسهر على أخلاقهم، دينهم ودراستهم، جوابي سيكون بقصة قصيرة حدثت لصديق، شاهد شعر ابنه قد كبر فطلب منه أن يقوم بقصه لكن بالطريقة العادية التي يكون فيها الشعر متساويا خاليا من القزع، الذي يتم فيه حلق بعض الشعر وترك البعض كما يفعل اليوم العديد من شبابنا حتى أصبحوا كالديوك، لكن الطفل رفض وبعد نقاش طويل قال الابن لوالده لو فعلت ذلك لأصبح اسمي في المؤسسة “المعزة “، وهنا أسأل كيف يمكن للوالد أن يتصرف، فإذا أصر على رأيه هناك احتمال أن يصبح الأمر عقد عند الإبن الذي سيكره الدراسة بسبب سخرية زملائه، وإن تنازل فسمح له بتغليب رأيه بحلاقة الشعر كما يشاء، قد يكون الأمر بداية لتنازلات ربما تصل لقبول بأمر واقع يكون فيه للإبن خليلة و للبنت خليل، وهو ما أصبح أمرا عاديا لا ينكره الكثير منا لأنه يوافق العقلية الغربية الداعية للتفتح الذي أصبحت أقدس من الدين عن بعض المسلمين.

أصبحت العائلة اليوم تقوم بدور البنك بالنسبة للأولاد من خلال تمويلها لمصاريفهم والشارع أصبح حيز اختلط فيه الحابل بالنابل والمؤسسات التربوية أفرغت من دورها التربوي، استقال الجميع من واجباته ليمتهنوا هواية توزيع التهم على الآخرين، والضحية مجتمع يسير على طريق الهاوية بفرح وسرور، والطامة أن لا أحد يستشعر خطورة ما نحن فيه وما نحن ذاهبون إليه، امتلاء السجون، دور العجزة وارتفاع معدلات الجريمة بشكل خرافي دليل على فشل مشروع مجتمع تم تدميره بشكل ممنهج بصناديق الطلاق وقوانين تدخل الزوج السجن بعد أي خلاق مع زوجته، مما يعني تفجير العائلة التي هي أساس المجتمع.. أيها السادة أيتها السيدات من السهل أن نصنع الأطفال لكن ما أصعب أن نصنع مجتمعا متكاملا يربيهم بعد أن أصبح الأب مانحا للسائل المنوي و الأم حاضنة له.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
  • aaa

    ya pas que la maman le papa doit assumer son role

  • noursine saad

    اكتفي بحديث المصطفى عليه السلام كلكم راع و كلكم مسؤول عن رعيته .
    شكرا لصاحب المقال لانه شخص المشكل باحكام و السؤال الذي يبقى مطروحا هو ما الحل .

  • مناد محمد

    ان ما تعانيه مجتعاتنا الاسلامية من ويلات و ماسي ما هو الا ثمرة ابتعادنا عن النهج الذي رسمه لنا الشارع الحكيم خاصة وان الوالدين يعتقدون ان مهمتهم في الحياة تقتصر على توفير المآكل والملبس في حين ان التربية من بين الاولويات لانها مشروع انساني رأس ماله إنشاء مجتمعات ذات أفراد صالحين وهذا هو المنهح الذي من شأنه يساهم في التقليل بل والقضاء علي الاجرام و غلق السجون بدل فتحها أو بناء عددا كبيرا منها

  • بدون اسم

    في آخر المقال شكلتها هذا رايي .

  • احمد

    النكــــــاح يصنع الأولاد حلال وحرامية ياو العربي يعرف غير الدراهم والنكاح ويتفلسف في الدين بلا تطبيق ولاعلم امثال حيوانات داعش المجرمة قالك جهاد النكاح تاع خته الفاجرة

  • الغريب

    من يربيهم ؟؟؟ المربيات ودور الحضانة و المدرسة و الشــــــــــــــــــــــــارع . اسئل العاملات و كيف يفكرن .لاجل هدا اصبح المجتمع كتلة من الافات الاجتماعية ناتجة كلها عن تخلي الاب والام في التربية.الاسباب -عدم توفر العمل للرجال وتوفره للمراة التي تخرج للعمل وترمي خلفها كل واجباتها الشرعية والعرفية اتجاه اسرتها- عمل الاب والام وترك العائلة(الابناء) لتتربى في الشارع من اجل المادة وفقط-الرجل الاتكالي التي تعيله زوجته و تترك مهامها من اجل سد مهام زوجها الاتكالي -دور الدولة الغائب في احقاق الحق.

  • الونشريسي

    ياسي هارون.الشارع يحتضنهم.؟في ايام العطل.يزعجون الجيران..وووو

  • amani

    هو مشكل مثير للاهتمام و ظاهرة خطيرة ستؤدي ان استمرت الى مجتمع كالمجتمع الغربي ان صح قول كلمة " مجتمع" ..
    اما عن تعليق القارئة فقول لها انك حقا استثناء و اصابع اليد لا تتشابه حتى وان كانت تجمعها كف واحدة ، ثم ان المرء ليكون كما قالت نمودج و قدوة للاخرين لا يحتاج اولا للعمر المتقدم بل للعقل الراشد و ثانيا لا احد يكون همه اصلاح و ارشاد افراد المجتمع سيحتاج لان ينصب نفسه شيئا يحتاج ان يسمع صوته فقط فمن كانت الحكمة ضالته فسوف يتبعه و من اعمى الله بصيرته فاهلا به في مجتمع كمجتمعنا :-).

  • السعيد رومان

    بسم الله و به أستعين . النكاح يصنع الأولاد فمن يربيهم؟ إن الذي شرع النكاح شرع أيضا تربيتهم أيضا. و زغنا عن طريق الحق زاغ كل شيئ .. حت ى موضوعكم هذا بقدر ما هو ينفض الغبارعن حقائق بقدر ما هو عند آخرين انتهاك لحرمات المجتمع .. نحن امام أمر واقع .. كل ما ذكرت واقع . وصلنا إليه بإرادتنا أو بتنويمنا المهم نحن على هذا الطريق سائرين ..و إن للخلاص دوافع و أسباب لابد من بلوغها . و بلوغها يكون بهذا العفن أو اكثر .. فالتغيير لا يكون من لا شيئ ..بل من أشياء يندى لها الجبين ..

  • صهيب

    السلام عليكم

    كما قيل في تعليق سابق، موضوعاتك شبه تشريح لجسد هذا المجتمع الناخر، وأنت قمت بالتشريح والمطلوب إيجاد العلاج اللازم وبالكيفية اللازمة للخروج من هاته الأزمات,
    أما بالنسبة للأخ مناع- الجزائر، فأرجوك لا تلفظ كلام ليس له معنى، الكاتب طرح ما يتداوله الناس كحجة للتناسل، فالكاتب لم يحتج بالحديث، وإنما أخبر عما يحتج به الناس، ولكن أنت مشكور للتذكير جزاك الله خيرا,

    أما الكاتب عمر، جزاك الله أنت الآخر على موضوعك، وننتظر أطروحاتك للحلول.
    سلام

  • بدون اسم

    والمشار إلى مواضيعها من الوصاية ؟؟؟ !!!. " إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا " . هل تعلم أنك الآن في حكم الفاسق. ؟؟

  • مناع ـ الجزائر

    الكلام الذي استشهدت به على أنه حديث نبوي ، ثبت أنه غير صحيح (بالاجماع) ومدسوس من حكام الدول ( الخلفاء) في سابق الزمان لإكثار النسل وتمويل الحروب ، والسبب أن النبي ( ص) مبعوث لجميع الأمم وليس للعرب فقط بصريح الحديث والآيات القرآنية

  • بدون اسم

    صح أولد و أرمي ....ذرك أجي الدولة تربيهم يا زوالي.....!

    مقال رائع و شكرا.

  • عبدو

    و الله اعلم

  • عبدو

    و دعمه عند الفشل و تشجيعه على النجاح و التقدم في حياته و التخطيط لها و اعانته على حل مشاكله والفرح معه عند تحقيق نجاحاته و افراحه و مآزرته في حال فشله او احزانه و نصحه في حال اقدم او سيقدم على ارتكاب اخطاء و فتح الباب امام كثير من تساؤلاته وعلى المجتمع - وخاصة الائمة - ايضا ان يساهم في تربية النشء و لا يكون الوالد خاصة عقبة امام توجيه الابناء سواء بعدم الاكتراث او تشجيع هذا الاخير على ما سيقدم عليه او اهانتهم امامه ، فيكون هؤلاء عينه وعونا له على تربية ابنائه في الشارع دينيا و علميا وغير ذلك

  • عبدو

    قال النبي ص قال: (كلكم راع، وكلكم مسئول عن رعيته‏:‏ الإمام راع ومسؤول عن رعيته، والرجل راع في أهله ومسؤول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها، والخادم راع في مال سيده ومسؤول عن رعيته وكلكم راع ومسؤول عن رعيته) و المكان الطبيعي للطفل هو الاسرة في قوله ( قل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا ) وهما ينبغي ان يكونا احرص الناس على تربيته التربية السليمة وتعليمه كيف يتعامل مع غيره بالود و التعاون و عدم السخرية .. لاان يتخذهم اعداء لأنه سيحتاج اليهم و الى صداقاتهم والثقة المتبادلة /يتبع

  • البراكة

    بارك الله فيك ما يعجبني في كتاباتك انها تشريح عميق للمجتمع و خاصة من الناحية الاجتماعية.ان لمصالح الدولة دور كبير في تشكيل الاسرة بمساعدة القانون البناء وليس الهدام الدي نراه الان في جميع النواحي.ان ما يجعل الاسرة والتي هي اللبنة الاساسية لبناء المجتمع تكون اسرة ايجابية ليكون المجتمع ايجابي هو ان يقوم كل من الاب والام بدوره المنوط به شرعا و عرفا وليس كما نرى الان هدا المجتمع الاتكالي السلبي لتخلي كل منهما عن دوره الحقيقي في تربية الابناء الدين سيكونون امهات واباء الاسر في المستقبل.من اجل 2 دورو

  • Dihia

    يكفينا ان تستشعر أنت ! أما جوابي عن سؤالك من يربيهم ... هو من رباك ان كانت صورتك حديثة فلا أحسبك بعيد ما يعايشه الأولاد الآن الا اذا كنت استثناء فهذا شيء آخر ...... ليست الطامة فيما قلت لأنك لم تضف شئا جديدا بل الطامة في أولئك الواهمون ممن نصبوا أنفسهم كتابا و مفكرين و نماذج و حداة للآخرين .....و لسبب من الأسباب وجدوا من يحتضنهم كما احتضنت المرأة ....... الرجل

  • Rosemary

    قلت لإحداهن - لما رأيت ابنها يحضر أوراق للنقل في الإمتحان على مرأى من والديه - سألتها لماذا تعلمه بالغش والإتكالية؟ قالت الجميع الآن ينقلون وحتى الأساتذة يساعدون على النقل!
    للأسف يغفل الكثيرون أن أهم هدف نخرج به من هذه الدنيا هو تربية أبناء صالحين لأنه وبناء على حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له " فالولد الصالح يلحقنا أجره حتى بعد الموت وهو من يخلد ذكرنا في الدنيا ويثقل ميزاننا في الآخرة.
    فكلكم راع وكلكم

  • Rosemary

    وما يغظيني أكثر ويجنني لما تقول لأحدهم أو لإحداهن " لِمَ تتركون إبنكم أو ابنتكم تفعل كذا أو تلبس لباس غير لائق؟ يرد عليك بجواب الأحمق: عادي كل الناس الآن أصبحت تفعل هكذا "( وكأنك خرجت عن الحضارة أو تخلفت عن الركب)!! أي في نظر الكثيرين الآن أن الخطأ إذا تفشى واستفحل داؤه في المجتمع يكتسب صفة العادي أو ربما يتحول الى لقاح لابد منه عند بعضهم - بحجة أن المجتمع أصبح غابة ولابد أن يكون إبنهم ذئبا في وسطها- والأدهى من هذا أن يكون الدفاع عن أفعال المراهق العرجاء على مسمع منه حتى يحفظ آيات الدفاع جيدا...

  • عبد الحفيظ

    للأسف هو الواقع ما ذكرت ,كل تخل عن مسؤولياته و انشغل بالجري وراء حطام الدنيا نسأل الله العافية

  • بدون اسم

    ..............بعد أن أصبح *جل* الأئمة موظفون لا رساليين؟؟؟؟

  • بدون اسم

    لا كراش

    فالام مشغولة بالعمل خارج البيت و بالماكياج و التسوق...ارمي بالثورة للشارع