-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
الناقد الأكاديمي طارق بوحالة في حوار لـ"الشروق":

الهوس الكبير بالنقد الثقافي في الجزائر أفرز فوضى في فهمه

صالح سعودي
  • 273
  • 0
الهوس الكبير بالنقد الثقافي في الجزائر أفرز فوضى في فهمه
أرشيف
طارق بوحالة

يعد الدكتور طارق بوحالة (أستاذ النقد الثقافي بالمركز الجامعي عبد الحفيظ بوالصوف ميلة) من النقاد المهتمين بالشأن الثقافي العربي عموما والجزائري خصوصا، حيث اشتغل في مجال النقد الثقافي والدراسات الثقافية، وصدرت له مجموعة من الكتب والدراسات النقدية في مجلات جزائرية ودوريات عربية عديدة، كما يعكف على كتابة مقال شهري يعرض فيه نصوصا روائية أو تجارب نقدية جزائرية وعربية.. من الكتب الصادرة له: “نظرية النقد الثقافي عند عبد الله الغذامي”، و”أسس النقد الثقافي في النقد العربي المعاصر”، كما سيصدر له قريبا ثلاثة كتب أخرى في مجال النقد الثقافي.
في هذا الحوار الذي خص به جريدة الشروق اليومي، يجيب الدكتور طارق بوحالة عن عديد الأسئلة التي تصب في حقل النقد الثقافي والدراسات الثقافية على الصعيدين العربي والجزائري، وحكايته مع الناقد المعروف عبد الله الغذامي، إضافة إلى تقييمه لواقع النقد الثقافي في الجزائر بناء على أسسه وتطبيقاته، ورأيه في مستوى أداء النقد الإعلامي، وكذلك مشاريعه الأكاديمية النقدية المقبلة وغيرها من النقاط والجوانب التي تطالعونها في هذا الحوار.

يعد النقد الثقافي مجالا جديدا في الدراسات النقدية الحديثة، كيف ذلك، وما هي الإضافة التي منحها في هذا الجانب؟
يجب أولا أن نقر بأن النقد الثقافي هو محطة أخرى من محطات التفكير الأدبي وليس مجالا طارئا، فهو استئناف للسؤال النقدي ودعوة للخروج من التيه -إذا ما استعملنا تعبير الناقد المصري عبد العزيز حمودة- ويتعلق السؤال هنا بالثقافة وكيفية تسربها إلى النص الأدبي وتحولها إلى أنساق وتمثيلات رمزية ودلالية. إن النقد الثقافي ليس نقضا للنقد الأدبي بقدر ما هو نوع من التساؤل النظري واقترح منهجي وإبدال قرائي..

لك أبحاث نقدية أكاديمية في نظرية النقد الثقافي عند عبد الله الغذامي، فما حكايتك مع الغذامي على ضوء دراساتك حول النظرية والمنهج؟
حكايتي مع الغذامي هي حكاية بحث مستمر بدأ في مرحلة الدراسات العليا بجامعة عنابة ولا يزال كذلك إلى يومنا هذا، لأن الغذامي ناقد متمرس ومستفز في الوقت نفسه. لهذا فقد حاولت الاقتراب من طرحه النقدي ممثلا في دعوته إلى نقد ثقافي ما بعد بينوي يقوم على زحزحة النقد الأدبي وهو ما جاء في كتابه النقد الثقافي قراءة في الأنساق الثقافية العربية الصادر في طبعته الأولى عام 2000. لكن الغذامي قد عدّل من غلوه النقدي بعد ذلك في كتابه نقد ثقافي أم نقد أدبي وهو كتاب مشترك مع الناقد السوري عبد النبي اصطيف. وعليه فقد قدمت كتابا عن جهود الغذامي في النقد الثقافي، حاولت من خلاله وضع أفكاره على ميزان النقد… ورغم ما سجلته من ملاحظات منهجية وحتى معرفية إلا أن جهد الغذامي محمود وذو وجاهة نقدية.

كيف تقيم واقع النقد الثقافي في الجزائر بناء على أسسه وتطبيقاته؟
في الحقيقة هناك هوس كبير بالنقد الثقافي في سياقنا الجزائري.. مما أفرز فوضى غير خلاقة في فهمه وصعوبة معرفية حالت دون توطينه وفقا لمطالب ثقافية ذات أبعاد جزائرية.. وهذا لا يعني جزأرة هذا النوع من النقد بقدر ما هي دعوة إلى فهم السياق الجزائري والاشتغال على ثقافتنا وتاريخنا المحلي والبحث عن هوية سردية -على حد تعبير بول ريكور- بمعنى الثقافة الجزائرية لها أعلامها وأسئلتها الحضارية الخاصة بها، الأمر الذي يستدعي آليات منهجية محددة لذلك. وليس من باب استيراد في كل مرة دعوة نقدية والسعي إلى توطينها تحت شعار مواكبة الموضة، لأن ذلك لا يصلح مع القضايا المعرفية التي تحتاج وقتا معتبرا لفهمها واستيعابها ثم غربلتها للكشف عن وجاهتها وفاعليتها. وعليه نحتاج وقتا صحيا لفهم النقد الثقافي ثم التعامل معه من منظور ما يصلح لنا ولثقافتنا الجزائرية. ويبدو أن هناك جهودا جزائرية فهمت هذه الفكرة وبدأت تعمل على تجسيدها على مستوى الكتابة الأكاديمية والثقافية.

على ضوء تجربتك واطلاعك، كيف تقيم أداء النقد الإعلامي في الجزائر وهل يمكن أن يكون مكملا للنقد الأكاديمي؟
يلعب النقد الإعلامي دورا هاما في التعريف بالمنجز الأدبي الجزائري، حيث نجده مواكبا لكل جديد، غير أننا يجب أن نقنع أنفسنا بأن كل ما يكتب في الصحافة الجزائرية والعربية يملك مستوى واحد، بل إن هناك أسماء تكتب بجدية وبرؤية فاحصة بعيدا عن أساليب المجاملات والجامات..

في رأيك، ما هي الحدود بين الرواية والتاريخ؟
هناك حدود معرفية بين الرواية وبين التاريخ كونه مجاال معرفيا للتفكر. كما أن هناك علاقة وطيدة بين الرواية باعتبارها خطابا جماليا وبين الحدث التاريخي باعتباره مادة توظفها الرواية في خلق نوع من التخيل التاريخي والذي يفيد مساحة جمالية يتداخل فيها التاريخي والتخييلي. ومما يجب أن نقف عنده في هذا السياق هو عدم التعامل مع الروائي من منظور المؤرخ فهذا ليس دوره. الرواية تقبض على لحظات تاريخية انطلاقا من رؤية راهنة تلعب دور المحفز على استعادة الحدث التاريخي وإخضاعه لعملية التخيل الروائي.

ما هي مشاريعك النقدية المستقبلية؟
في الحقيقة أعكف على قراءة كل ما هو إبداع جزائري شعرا وسردا ووضعه في ميزان النقد الثقافي. وهو ما يظهر من خلال كتاباتي في مجلات وجرائد جزائرية وعربية من أجل التعريف بالنصوص الجديدة والجادة .من جهة أخرى ستصدر لي أعمال نقدية في المستقبل القريب بإذن الله تخص النقد والرواية والكتابة التاريخية والفلسفية برؤية نقدية ثقافية.

هل من إضافة في الأخير؟
أتمنى أن تكون للنقد الجزائري مكانة مرموقة في المشهد العربي المعاصر، وهذا ليس رهانا مستحيلا.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!