-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

انتخابات تركيا.. صدمة الغرب ونكسة المعارضة!

انتخابات تركيا.. صدمة الغرب ونكسة المعارضة!

جَمعت الدول الغربية كل قواها الإعلامية والدعائية والمالية، وكُل ما تستطيع من وسائل وإمكانات مادية ومعنوية أخرى لهزيمة “أردوغان”، وبشَّرت بذلك مُعلِنة أن استطلاعات الرأي جميعها تشير إلى فوز رجلها في تركيا المعارض كيليجدار أوغلو بلا شك، وبفارق مُريح!

تعاملت وسائل الإعلام الغربية مع الانتخابات التركية وكأنها شأن داخلي. ولم تتردد أن رفعت بريطانيا وفرنسا وألمانيا وغيرها من البلدان الغربية شعار: “ضرورة إسقاط أردوغان” إلى درجة أن نَعَتته جريدة le point الفرنسية بأنه “بوتين آخر” في تركيا، وذهبت مجلة دير شبيغل الألمانية إلى حد نشر صورة له جالسا على كرسي، هِلاله مكسور كُتِب أسفله بالخط العريض: “أردوغان الفوضى أم الانقسام”، مُحلِّلَة أنه في حالة خسارته سيتسبب هو ومَن معه في فوضى بالبلاد وحدوث انقسام بها… الخ.

كل هذه التوقعات ذهبت أدراج الرياح اليوم، إلى حد أن صَرَّح الرئيس الأمريكي قائد المجموعة يائسا: لِيفز مَن يفز… رغم أنه هو مَن كان ينتظر بفارغ الصبر انتصار حلفائه ضد أردوغان…

وما زاد المشهد سوءا بالنسبة للغرب والمعارضة أن الرئيس “أردوغان” كان على مقربة من الفوز في الدور الأول بفارق بسيط، إلا أنه لم ينزعج من ذلك، بل عَبَّر عن تَقبُّله للنتيجة وثقته في الفوز العريض في الدور الثاني بعد 15 يوما إن شاء الله… وهكذا بات واضحا أن الغرب في طريقه إلى خسارة تركيا إلى الأبد. وأنها بعد انتخابات هذا العام التي اعتبرها الأمريكيون الأهم في العالم لن يكون العالم كما كان قبلها.. كثيرة هي المعادلات الجيواستراتيجة التي ستتبدل، وسَيَقْوَى موقف “بوتين” ومجموعة “البريكس” أكثر، ولن يكون أقوى ثاني جيش في الحلف الأطلسي بعد الولايات المتحدة في خدمة الاستراتيجية الغربية في آسيا وأوروبا الشرقية والعالم.. كل شيء سيتبدل بعد اليوم، إلى درجة أن تركيا قد تغادر الحلف الأطلسي في المدى المتوسط ليبدأ في التفكك والانهيار… مقابل تشكل أقطاب جديدة في العالم…

أما المعارضة التركية التي بَيَّنت خارطة الانتخابات أنها لم تَفُز بالأغلبية سوى بالولايات الحدودية، وتقلص فارق تقدمها في أكبر مدينتين “اسطنبول” و”أنقرة”… وعلى خلاف ما راهنت عليه في حملتها الانتخابية، فاز “أردوغان” بنسبة عالية في المناطق المتضررة من الزلزال الأخير وصلت إلى 71.88% في “قهرمان مرعش” مركز الهزة الأرضية، فإن هذه المعارضة تكون قد أبطلت بنفسها مزاعمها ومَزَاعم حلفائها بفشل “أردوغان” في التعامل مع تداعيات الزلزال وعدم التزامه بوعوده تجاه المتضررين وأُسَرِ الضحايا.. كل تلك الدعاية المضادة ذهبت أدراج الرياح… وما قَصَم ظهر هذه المعارضة أخيرا هو ذلك الانتصار الكبير في الانتخابات البرلمانية التي جرت بالتوازي مع الرئاسيات، حيث فاز تحالف أردوغان بـ322 مقعدا مقابل 213 لتحالف الأمة المعارض، ومقاعد أخرى لبقية الأحزاب التي لن تكون في صف المعارضة بعد الدور الثاني من الانتخابات…

وإذا علمنا أن الفارق بين أردوغان ومنافسه في الرئاسيات من حيث عدد الأصوات يزيد عن 2 مليون صوت، وتفوقه بارز في 50 محافظة مقارنة بالمعارض كيليجدار أوغلو 30 محافظة، وأضفنا إلى ذلك ما بدأ يظهر على السطح من انقسامات واستقالات في صفوف المعارضين، تتبين لنا ضخامة الصدمة التي تلقتها المعارضة مع حلفائها الغربيين، خاصة وإنها من الآن فصاعدا لن تستطيع وصف أردوغان بالدكتاتوري الرافض للانتخابات كما زعمت!!! وبالنتيحة لن يبقى لها سوى الدخول إلى الدور الثاني بإرادة مُزَعزعة وثقة معدومة في النصر… وتلك جميعها أوراق رابحة في يد “أردوغان”، ومساحة أمل واسعة لنا جميعا، بأن تركيا القرن الحادي والعشرين قد بدأت تتشكل في العالم ومعها سَتعرف مُجمَل الدول الإسلامية تحالفات جديدة ويَحدث تبدل حقيقي غير مسبوق في جيواستراتيجا العالم الإسلامي يكون نقيضا لما كان عليه خلال حقبة الهيمنة الغربية ما بعد تدهور حال الدولة العثمانية في القرن التاسع عشر وسقوط الخلافة في بداية القرن العشرين… تلك حقبة قد وَلَّت… لتحل محلها بعد اليوم حقبة استعادة أمجاد الأمة الإسلامية التي لطالما انتظرناها…

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!