-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
كبار مسؤولي الدولة موزعون على جهات البلاد الأربع

انتخاب بوغالي يجسد احترام التقاليد في توزيع المناصب السيادية

محمد مسلم
  • 1760
  • 0
انتخاب بوغالي يجسد احترام التقاليد في توزيع المناصب السيادية

مثلما ذهبت جل التحاليل والتوقّعات، كان منصب رئيس المجلس الشعبي الوطني، من نصيب منطقة الجنوب، ممثلة في شخص النائب المستقل إبراهيم بوغالي، رئيس المجلس الشعبي الولائي لولاية غرداية سابقا، وهي المرة الثالثة التي تعود فيها رئاسة هذه المؤسسة لشخصية من الجنوب بعد عمار سعداني وسليمان شنين.

بوغالي وفي سباق غير متكافئ، تقدم بفارق كبير (295 مقابل 87 صوتا) على ممثل حركة مجتمع السلم، أحمد صادوق، وحصل ذلك بفضل دعم نواب “التحالف السياسي الجديد”، المشكل من كل من حزب جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي، وجبهة المستقبل وحركة البناء الوطني، بالإضافة إلى كتلة الأحرار (المستقلين).

اختيار ابن ولاية غرداية لرئاسة المجلس الشعبي الوطني، كان متوقعا لعدة اعتبارات، أولا، لأن خليفة سليمان شنين في مبنى زيغود يوسف، سيكون وفق التقاليد السياسية التي جرى الاستئناس بها، من أبناء الجنوب، في حين أن أبناء هذه المنطقة لم يتقلد أي منهم منصبا سياديا في الدولة إلى غاية انتخاب رئيس المجلس الجديد.

فرئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون ينحدر من الغرب حتى لو كان من الجنوب الغربي، ورئيس مجلس الأمة، صالح قوجيل من الأوراس (الشرق)، والوزير الأول أيمن بن عبد الرحمن من الوسط، ولم يتبق غير حصة الجنوب، وقد رصد لها منصب رئيس المجلس الشعبي الوطني، ممثلا في شخص إبراهيم بوغالي ابن غرداية، وبهذا يكون منطق التقاليد السياسية قد احترم، لأن كل جهات الوطن أصبحت ممثلة في المناصب السيادية للدولة.

الاعتبار الثاني في هذا الاختيار، هو أن بوغالي انتخب ضمن قائمة مستقلة (حرة)، في حين أن الأحرار الذين قرروا دعم برنامج الرئيس، لم يمثلوا في الحكومة الجديدة، فضلا عن أن دعم خيار المستقلين كان من الأولويات للرئيس تبون، وتجلى ذلك من خلال تسهيل عملية الترشح للأحرار، وذلك عبر تخفيض عدد التوقيعات إلى 100 مقابل مقعد واحد وتخصيص 30 مليون سنتيم للشباب المترشح من الأحرار، وهو ما ساهم في تجاوز عدد المترشحين الأحرار لنظرائهم المتحزبين في تشريعيات 12 جوان الأخير، في واحدة تعتبر سابقة منذ الاستقلال.

كما يرجع بعض المراقبين اختيار بوغالي رئيسا للغرفة السفلى للبرلمان، إلى شخصية هذا الرجل الجامعة، حيث يلقب بمهندس الوئام في مدينة غرداية التي عاشت لسنوات على وقع فتنة بين الإباضيين والشعانبة، وعلى الرغم من مخلفات تلك الأزمة، إلا أن الرجل تمكن من تجاوز كل الحساسيات، وأرسى لمصالحة لافتة، أعادت اللحمة بين الفرقاء في هذه الولاية، حتى توّج رئيسا للمجلس الولائي في 2020، الأمر الذي من شأنه أن يساعده على إدارة التناقضات في الغرفة السفلى خلال الخماسية المقبل.

الملاحظة الأخرى التي يمكن الوقوف عليها في انتخاب رئيس المجلس الجديد، وقبل ذلك، تشكيلة حكومة أيمن بن عبد الرحمن، وهو الإعلان غير الرسمي عن ميلاد تكتل سياسي جديد، يتكون من الأحزاب السياسية التي دعمت انتخاب بوغالي، وهي علاوة على كتلة الأحرار، حزب جبهة التحرير الوطني، التجمع الوطني الديمقراطي، جبهة المستقبل وحركة البناء الوطني، وهو التحالف الذي سيدعم برنامج الرئيس ووزيره الأول، على مستوى الغرفة السفلى للبرلمان، يوم ينزل بن عبد الرحمن بمخطط عمل حكومته من قصر الدكتور سعداني إلى شارع زيغود يوسف.

ورَسَمَت حيثيات وتفاصيل انتخاب بوغالي، معالم الخارطة السياسية للمرحلة المقبلة، فالسلطة باتت لديها واجهة سياسية مشكلة من “مكونات التحالف السياسي” السالف ذكره، كما أن المعارضة التمثيلية أصبحت محصورة في حزب واحد هو حركة مجتمع السلم، التي أصرت على تقديم مرشح لرئاسة المجلس، بالرغم من أن قادة هذا الحزب كانوا على يقين بعدم قدرة أحمد صادوق على مقارعة نائب غرداية، في الوقت الذي تراجعت جبهة المستقبل عن الدفع بنائبها فاتح بوطبيق، وتكليفه برئاسة المجموعة البرلمانية للحزب.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!