“انفجار” في استهلاك المضادات الحيوية خلال جائحة كورونا

أكّد وزير الصّحة عبد الرحمان بن بوزيد، يوم الإثنين، بمناسبة إحياء اليوم الوطني لمكافحة مقاومة مضادات الميكروبات، أنّ الجزائر لم تسلم من هذه المشكلة الصحية العمومية الكُبْرى، مشيرا إلى أنّ الاستهلاك المُفْرَط للمضادات الحيوية، في سِياق جائحة كوفيد-19، قد يُؤَدِّي إلى الانتشار السريع لمقاومة مضادات الميكروبات التي تستدعي اللُّجُوء إلى أَدوية أكثر تَكْلُفَة وتُؤَدِّي إلى إِطَالَة فترة المرض والعلاج والاستِشْفاء وتَزيد من التكاليف الصحية والعبء المالي على الأُسَر والمجتمع.

البروفيسور طبايبية: الأطباء لم يحترموا البروتوكول العلاجي لكوفيد19

وأعرب الوزير عن التزام الجزائر بِمُواجهة هذا الخطر من خلال تنفيذ خطة العمل الوطنية لمُكافحة مقاومة مضادات الميكروبات من خلال المشاركة في النظام العالمي لمراقبة مقاومة مضادات الميكروبات عبر الشبكة الجزائرية لمراقبة مقاومة البكتيريا للمضادات الحيوية مع معهد باستور الجزائر كمَخْبَر مَرْجِعِي ينبغي تعزيزُه، وفي مراقبة ومتابعة مقاومة مضادات الميكروبات عند الحيوانات من خلال النظام الذي وضعته وزارة الفلاحة، بالإضافة إلى توفير الإرشادات الوطنية التوجيهية، مثل السُل والإيدز والتهابات الكبد والملاريا، وتوفير دليل خاص بالاستعمال السليم للمضادات الحيوية، الذي يتطلب تَفْعِيل الاستراتيجية الوطنية بطريقة عَمَلِيَة في المؤسسات الصحية، مع وَضع إِجراءات ذات أَوْلَوِيَة من أجل التَحَكُّم في استهلاك مُضادات الميكروبات، خاصة المضادات الحيوية وكذا مقاومة البكتيريا.

وبغية الحُصول على بَيانات حول استهلاك مضادات الميكروبات وضعت وزارة الصحة إِطارا تنظيميا من خلال إنشاء لجنة وطنية مُتَعدِّدة التَخَصُصات مُكَلَّفَة بمراقبة استهلاك مضادات الميكروبات، مع نُقْطة مِحْوَرِيَة وطنية على مُستوى المديرية العامة للصيدلة، حيث ستعمل اللجنة المَذكورة عَنْ كَثب مع شبكات مراقبة مقاومة مضادات الميكروبات وتُشارك في المُصادَقَة على الدليل العِلاجي.

وفي ذات السياق أكّد البرفيسور عمار طبايبية رئيس الجمعية الجزائرية للطب الداخلي ورئيس مصلحة الطب الداخلي بمستشفى بئر طرارية بالأبيار أنّ 99.99 بالمائة من الأطباء لم يحترموا البروتوكول الصحي العلاجي المحدد من قبل وزارة الصحة للتكفل بمرضى كوفيد19، مشيرا إلى أنّ جميع المرضى تلقوا مضادات حيوية في اليوم الأول من العلاج ومنهم من وصف له مضادين حيويين، وهو ما اعتبره بالأمر الخطير الذي سيتسبب في بروز مقاومة للمضادات الميكروبيولوجية.

وأفاد طبايبية أن استهلاك المضادات الحيوية ارتفع بشكل لافت جدا خلال الموجات الثلاثة التي عرفتها الجزائر حيث انتقل من 18 بالمائة في الموجة الأولى إلى 78 بالمائة في الموجة الثانية ليصل إلى 100 بالمائة في الموجة الثالثة.

وانتقد المختص الصرف والوصف العشوائي للمضادات الحيوية لما في ذلك من خطورة في بروز تعقيدات صحية والإصابة بأمراض أخرى لاسيما لدى الأطفال الممكن أن تحدث لهم إصابات بالسمنة أو إصابات بداء السكري.

واستشهد طبايبية باستهلاك المضادات الحيوية على مستوى المستشفى الذي يعمل به “بئر طرارية” حيث انتقل اسهلاك “سيفوتاكسيم 1غ” من 3300 عام 2019 إلى 29000 عام 2020 وإلى 31 ألفا عام 2021. والأمر كذلك بالنسبة “سيفترياكزون 1غ” الذي انتقل من 130 عام 2019 إلى 1287 عام 2020 وإلى 1100 عام 2021 أما الازيتروميسين فانتقلت من 0 استهلاك عام 2019 إلى 7158 عام 2020 وإلى 1416 عام 2021.

من جهته، تساءل الدكتور يوسفي محمد رئيس مصلحة الأمراض المعدية ببوفاريك عن ما تنتظره السلطات الصحية لاعتماد البرنامج والمخطط الاستراتيجي للمضادات الحيوية فمنذ 20 عام ونحن نتحدث عن نفس الواقع ونشخصه وننتقده دون المرور نحو الخطوات الفعلية لتغييره والحد منه، فمنذ سنوات ونحن نتحدث عن لجنة للمضادات الحيوية ولجان في المستشفيات دون تجسيد.

ودعا يوسفي إلى إلزام الصيدليات بقوة القانون بمنع بيع وصرف المضادات الحيوية دون وصفة، مستغربا ضرب مختلف التعليمات عرض الحائط، وهو أمر لا يحدث إلا في الجزائر.

وفي هذا السياق، أفادت وهيبة حجوج المديرة العامة للصيدلة بأن النص المتعلق بتنصيب لجنة المضادات الحيوية جاهز وسيتم ذلك في القريب العاجل، معترفة بوجود إفراط في صرف ووصف المضادات الحيوية محملة المسؤولية للجميع أطباء وصيادلة ومرضى، حيث تسعى الوزارة في هذا الإطار إلى تقليص عدد المضادات الحيوية الممكن صرفها في الصيدلية دون وصفة.