-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

انكشف جوهر الصراع في رفح

انكشف جوهر الصراع في رفح

يُخطِئ مَن يَعتقد أن الصّهاينة أو الأمريكيين أو الغربيين الموالين والمساندين لهم سَيلين لهم القلب ويضغطوا على الكيان لكي لا يُهاجم رفح. فَعَلَها الأمريكيون في أكثر من مكان من دون تأنيب ضمير، ولا عقاب ولا حساب، في العامرية بالعراق وكانوا يعرفون أنه ملجأ به نساء وأطفال، قتلوهم جميعا، وفَعلوها في سجن أبو غريب وغوانتنامو وهم يعلمون أن الأسرى الذين بين أيديهم لا حول ولا قوة لهم، وفعلوها في أفغانستان وقبلها في فيتنام وفي كل بقعة من بقاع العالم هاجموها وحاولوا السيطرة عليها.. إنهم لا يكترثون لِمن يصفهم بالقتلة أو المجرمين مادام الضحايا من غير الشعوب الأوروبية الغربية، من “بقية العالم” كما يُسمُّونه، ويزداد عدم اكتراثهم لذلك عندما يكون هؤلاء مسلمين، فمن السهل جدا وبكلمة واحدة وصفهم بـ”الإرهابيين” لكي يُطوَى الملف..

الأمر ذاته اليوم يتعلق بالصهاينة، مَن يعتقد أن القانون الدولي أو التلويح بتعليق التعاون أو حتى قطع العلاقات معهم أو الإدانات من كل العالم ستُوقفهم عن ارتكاب جرائمهم هو واهم. لقد جُبِلوا على ذلك منذ تأسيس كيانهم المقيت، المجازر هي وقودُ حياتهم، وقتل الأبرياء المُستضعفين هو السبيل الوحيد للظهور بمظهر القوة أمام العالم وتخويف الآخرين مِمَّن يفكّرون في استعادة حقوقهم منهم.. تفكير صهيوني وأمريكي وغربي متطرف واحد في جوهره، على بقية العالم أن يختاروا بين الهيمنة والاستعباد والاعتراف بالدونية أمامهم والرضوخ لكافة مطالبهم، أو الحرب والقتل والتدمير.

هي مسألة جوهرية في السياسة الغربية ترتكز على معتقدات راسخة تضرب بجذورها في عمق الفكر والممارسة التي تشكلت عبر قرون لدى هؤلاء ولا مجال لتغييرها.. كل الشطحات الدبلوماسية ومحاولات الإقناع أو التبرير أو الاستعطاف لن تجدي نفعا أمام هيمنة معتقد الهيمنة والعلوّ والاستكبار على إدراك هؤلاء، بل لن يجدي نفعا معهم حتى اللحاق بالركب اقتصاديا وعلميا، لن يقبلوا إلا بالهيمنة والسيطرة على الآخرين، والاعتراف بأنهم أسياد هذا العالم وينبغي ألا يتحدّاهم أحد.. فكيف بِمقاومةٍ في فلسطين، محدودة العدد والعدة، تصمد في وجوههم كل هذه الفترة؟ كيف بِشرقيين مُتخلفين اقتصاديا وتكنولوجيا دأبوا على العيش بالمساعدات والمعونات والدعم، غير قادرين على توفير الأمن لدولهم، أن يَتحدّوا هذا الغربي ـ الصهيوني المتفوق الذي يمدهم بالتكنولوجيا، والخبراء، ويحفظ أمنهم وفوق ذلك يَمُنُّ عليهم بشراء الطاقة التي يستخرجها من أرضهم لكي يدفعوا ثمن ما حصلوا عليه مع الاحتفاظ بالباقي يستقوون به على الأضعف منهم… كيف بهؤلاء اليوم أن يتجرأوا للحديث معه ورجائه بعدم ارتكاب جريمة إبادة أخرى في رفح؟ كم هم لئامٌ لسان حالهم يقول.

هي ذي الصورة الحقيقية لعلاقتنا مع الغرب الصهيوني ـ الأمريكي لمن أراد أن يراها، وليس هناك مجالٌ لتغييرها سوى المقاومة والتضحية ومزيد من التضحية.. إنهم في أعماقهم يتألمون لصمود المقاومة طوال هذه المدة، لعدم قبولها شروط مفاوضات مهينة، لِتفضيلها الشهادة على الاستسلام.. إنهم مهزومون في قرارة أنفسهم وهم يتعاملون مع مثل هذه المواقف، مُنهارون من الداخل بمقتل جنودهم وضُبّاطهم ومرتزقتهم كل يوم، غير قادرين على الاعتراف بأنهم، مهما طال الزمن، سيتحولون إلى ماضٍ تعيس عندما ينتصر المستقبل عليهم، مثلما حدث للاستعمار الفرنسي والبريطاني وغيره من أشكال الاستعمار… تمّ التحرر من تلك الموجة الاستعمارية البغيضة بفضل التضحيات والمقاومة، وسيتم  التحرر من موجة الاستعمار الأمريكية الصهيونية الحالية بالأسلوب نفسه، وذلك هو نهج الشعوب التي ترفض الاستعباد والقهر والسيطرة والتخويف.. ألم يُضحِّ الروسُ بعشرات الآلاف من أبنائهم في أوكرانيا ليقفوا في وجه المدّ الأمريكي الغربي القادم إلى ديارهم.. ماذا كانت النتيجة؟ لقد استكانوا أمام بوتين ومازالوا وتمّ لجم حركتهم، وسَيستكينون أمام السنوار ويتم لجمُ حركتهم، وما داموا لم يتوقفوا لن تتوقف المقاومة، وما داموا يُعلنون الدعم لأوكرانيا وتايون والكيان بـ90 مليار دولار بالأمس فقط، فإن نيَّتهم ليست أبدا السلام، ولذلك علينا جميعا الاستعداد، والله المستعان.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
1
  • محمد

    ( إعتدوا عليهم بمثل ما اعتدوا عليكم ) ( اقتلوهم حيث ثقفتموهم )