جواهر

بأي حال عدت يا عيد؟

جواهر الشروق
  • 1426
  • 7
ح.م

يحل علينا اليوم العالمي للمرأة في كل سنة، مصحوبا بتصاعد الجدل حول هوية المناسبة وتعلو معه الأصوات الناقمة على تحرر المرأة وحقوقها، تزامنا مع خرجات المسهبين في الحديث عن مكاسب المرأة في الجزائر المستقلة، مستعرضين أيّاما مشهدا مكررا لكوطات البرلمانيات، وعددا من بركة جيل الثورة من المجاهدات وبنات وأرامل الشهداء، حول الموائد المستديرة والسماط الأبهي، على وقع زغاريدهن وإشادتهن بطاقم القيادة الوطنية، ما يثير الاستفزاز ويسعّر شهية الحسد لدى الرجال المؤمنين بنظرية العداء الأزلي بين الجنسين، ويحرك غبطة النساء الثملات من كؤوس حقرة وتهميش الذكور.

إن مفهوم تحرير المرأة، الذي يربطه الكثير بالفكر الغربي ورديفه التغريبي وما له من أبعاد تهدف إلى مسخ المجتمع المسلم واستهداف الإسلام في كبده من خلال تعرية المرأة، وإخراجها إلى الشارع، ومزاحمتها للرجال، وتخليها عن تخصصها الأصلي، كل هذه الأمور إن كانت تلامس جوانبا من الحق، ماهي بالمقابل سوى سلاح احترازي يشهر كل مناسبة تخص المرأة، للتضليل والطمس على حقائق أخرى، كانت ولا تزال سببا في نجاح هذا المخطط الغربي، فالمرأة غالبا ما تنتكس فطرتها وتتمرد على طبيعتها، عندما تفقد رجالها المحسوبة عليهم حقيقة أو حكما أوفي حال تعرضها إلى الظلم من طرفهم.

وحدها المتعثرة في أثلام الدهر، المرمية على هامش الحياة، و المضطهدة في صمت بسبب أنوثتها، كفيلة بفهم مصطلح تحرر المرأة، حتى لو كانت ريفية ضاربة في سذاجتها والتي يصدق فيها قول الشاعر:

لمن يدخر الود مسلوبه *** إن هو أرضى سالبه

ألا صدقت هذه العبرات*** وكنت أحسبها كاذبه

تمنت لو كتبت ما بها*** لكنـها لم تكن كاتبــه

فرغم جميع الأحكام الشرعية والقوانين الوضعية، لا تزال الكثير من النساء تتعرضن للاضطهاد و العنف والحرمان من الحقوق، مع ذلك آخر ما تفكر فيه هؤلاء هو سلطة القانون، لأن السلطة الذكورية التي بسطت سيطرتها على مفاصل الذهنيات بما فيها الأنثوية ذاتها، استندت في تحقيق ذلك إلى أهم ما تقوم عليه كينونة الإنسان وهو الدين، وبالتالي حتى إن أنصفها القانون، فسلطة الظلم المعنوي المعشعش كقناعة متوراثة، يبقى يلاحقها طوال حياتها.

 فالرجل منذ بداية الزمن البطريكي، استغل البنية المروفولوجية سلاحا لإخضاع المرأة، وقهرها ونشر المعتقدات الخاطئة حولها، قبل أن تحتكم التجمعات البشرية إلى الشرائع السماوية التي جاءت منصفة عادلة، معيار المفاضلة فيها بين الجنسين هو الصلاح وتقوى الله. لكن الرجل وجد فيها غايته المثالية، التي تديم سيطرته على المرأة، وتثبيت مبدء أفضليته عليها دون اعتراض منها، وذلك من خلال لَيّ عنق النصوص الشرعية وتوجيهها تمويها لصالحه، ثم إحاطتها بهالة من القداسة، فأصبحت الكثير من النساء مسلِّمات بوضع الذل والسيطرة التي يفرضها عليهم الرجال، اعتقادا منهن أن ذلك قدر محتم تدعمه سلطة الشريعة، وهي المغالطة الكبرى التي سارت عليها أجيال وأجيال .

فمن قال أن كل  النساء يرضيهن قانون متحيز إلى المرأة لحاجة في نفس واضعيه والمصادقين عليه ؟ فالمرأة الواعية المثقفة الواثقة من نفسها، تعلم جيدا ما لها وما عليها، وتدرك يقين الإدراك أن ما منحه لها الله من حقوق واضحة، يغنيها عن علاوات البشر المشابة بمطامع السياسيين وأعداء الدين، لكن الأنانية الذكورية، وحب السيطرة المتجذر لدى الكثير من الذكران، حال دون إرساء مجتمع متوازن يؤدي فيه كل من الجنسين دوره المنوط به، حتى وإن اقتضت المشاركة، يشارك كل منها الآخر بشكل تكاملي لا تصادمي،  فما أحوجنا إلى رجال يحفظون ويفهمون آيات الله في حقوق المرأة وقدرها غير تلك المتعلقة بالميراث والقوامة.

مقالات ذات صلة