-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
في تطور مفاجئ للموقف الفرنسي من الاعتذار

باريس تقترح على الجزائر طريقة مصالحتها مع ألمانيا

الشروق أونلاين
  • 12149
  • 1
باريس تقترح على الجزائر طريقة مصالحتها مع ألمانيا

في تطور مفاجئ للموقف الفرنسي من الماضي الاستعماري، اعتبرت باريس المخرج الذي توصل إليه المستشار الألماني الأسبق، كونراد أديناور، والرئيس الفرنسي الجنرال شارل دو غول، حلا أمثل لطي الأزمة التي تعصف بالعلاقات الجزائرية الفرنسية منذ صدور قانون 23 فيفري 2005.

 

 

  • الموقف الفرنسي الجديد من الاستعمار، والذي يعتبر نقلة نوعية، جاء على لسان كاتب الدولة لقدماء المحاربين، هوبير فالكو، في وقت تشهد فيه العلاقات الثنائية، مرحلة عصيبة، تجلت من خلال التصريحات والتصريحات المضادة، على خلفية المبادرة النيابية باقتراح مشروع قانون لتجريم الاستعمار الفرنسي في الجزائر (1830 / 1962).
  • هوبير فالكو وفي حوار خص به صحيفة “فرانس سوار” أمس الجمعة، قال: “إذا بقينا متحفظين من أي شيء، فلن نصل إلى ما نريده وسنبقى دائما في الظل”، وتابع الوزير في حكومة فرانسوا فييون “أنظروا كيف تمكنت فرنسا الديغولية وألمانيا أديناور في تجسيد المصالحة. يجب قراءة تاريخ بلادنا بعيدا عن الطابوهات.. دولة بدون ذاكرة هي دولة بلا هوية، والهوية التي نتحدث عنها بنيت على الذاكرات بمختلف أنواعها”، يقول فالكو.   
  • ومعلوم أن المصالحة التاريخية التي حصلت بين فرنسا الديغولية وألمانيا ما بعد النازية، بنيت على اعتراف حكومة كونراد أديناور (أول مستشار ألماني بعد الحرب العالمية الثانية)، بجرائم النازية في حق الشعب الفرنسي، من خلال الاتفاق الشهير الذي وقع في سنة 1963، أنهى به الطرفان تبعات أزمة أتت على حياة الملايين من البلدين، بالرغم من أن النظام النازي هو المتسبب الرئيسي في أحداث الحرب العالمية الثانية.
  • وبالرغم من أن الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي قام بخطوات غير مسبوقة في موقف بلاده من الماضي الاستعماري، من خلال تصريحه الشهير بقسنطينة في ديسمبر 2007، الذي أدان فيه النظام الاستعماري ووصفه بـ”النظام الظالم”، إلا أنه وبالمقابل، رفض المطالب بالاعتذار والتعويض التي رفعتها الحكومة الجزائرية ومنظمات وجمعيات الأسرة الثورية بشكل غير مسبوق منذ صدور قانون 23 فيفري الممجد للاستعمار، بحيث قال ساركوزي في أول تصريح له كرئيس لفرنسا عندما زار الجزائر في جويلية 2007، “لا يمكن محاسبة الأولاد عما ارتكبه الآباء”، في رد مباشر على رفض مطلب الاعتذار.  
  • ولتجسيد التوجه، يقترح هوبير فالكو على الطرفين، استغلال فرصة إنشاء مؤسسة خاصة بذاكرة “حرب الجزائر ومعارك تونس والمغرب”، المرتقبة في جوان المقبل، وجعلها مسرحا للنقاش والحوار من أجل تجاوز أخطاء الماضي الاستعماري، تجمع بين كل متناقضات الأزمة، ممثلة في عناصر الجيش الفرنسي من عسكريين ومجندين، والأقدام السوداء والحركى والمرحلين، بالإضافة إلى جبهة التحرير والمتعاطفين مع منظمة الجيش السري (OAS) الإرهابية.
  • واللافت في الموقف الفرنسي الجديد أنه جاء بعد الزوبعة السياسية والإعلامية التي أثارها قانون تجريم الاستعمار الفرنسي، وهو ما يعني أن المبادرة البرلمانية تكون قد أتت بعض ثمارها، حتى وإن لاتزال لم تصل بعد إلى درجة مشروع قانون. 

 

 

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
1
  • z@oui 128

    في الوقت الذي تتسرب الروائح الكريهة للرشوة والاختلاسات واستخدام النفوذ والأقارب لنهب أموال إحدى أهم واجهات النظام السياسي والاقتصادي الجزائري، ونعني بها شركة سوناطراك، يفاجئنا البرلمان الجزائري باتخاذ موقف مضاد لكل التوقعات ومخيب لكل الآمال، ما يؤكد للمرة البليون بأن أعضاء هذا البرلمان مرتشون ومزيفون ومتواطئون إلى أبعد نقطة ضد الشعب ومصالحه. ففي الوقت الذي كان مفترضا أن يتحرك هذا البرلمان لإدانة مسلسل الفضائح البترولية ومساءلة الحكومة عن هذه الأخبار المرعبة التي أضحت تتسرب يوميا من داخل البناية الزجاجية المتواجدة بحيدرة والتي أصبحت تزلزل كيان الدولة والشعب الجزائري من فرط هول الأرقام ذات الأصفار الممتدة من الجزائر إلى سويسرا إلى دبي إلى واشنطن، نجد هذا البرلمان الضار يزمّر ويطبّل لتحضير مشروع قانون لتجريم الاستعمار الفرنسي وكأن الجرائم الاقتصادية في حق البلاد ليست من مهامه ولا تعنيه أبداً.

    من حقنا أن نتساءل عن توقيت هذه الجعجعة البرلمانية ومدى صدقية مشروع أصحاب تحريك ملف تجريم الاستعمار في عزّ الأزمة العاصفة بثروات البلاد المنهوبة من طرف هؤلاء الذين أوكلت لهم مسؤولية الحفاظ عليها. أليست هذه حركة حذلقة أخرى لتحويل أنظار الجزائريين إلى أمر تاريخي يكاد يكون ميتا بالنسبة لنا كأجيال تطمح إلى بناء حاضرها ومستقبلها خارج السجل التجاري المعهود والمستغل من السلطة منذ الاستقلال إلى اليوم لطمس حقيقة الفشل الذريع في تسيير أحوالنا الداخلية؟ أليس جنونا واستحمارا للشعب أن يفتح البرلمان المرتشي اليوم وفي ظل ظروف تهريب السيادة الاقتصادية للجزائر ملف محاكمة فرنسا عن جرائمها ويسكت عن جرائم الوزراء وأبناء أحفاد السراق الكبار المحليين ؟ أليس هذا عين التواطؤ مع الجريمة المنظمة والمافيا ؟

    كل شيء يدعو إلى الاعتقاد بأن هذا هو الواقع والحقيقة التي لا يمكن لأحد أن يقفز فوقها. فالبرلمان الجزائري أضحى جزءا من الفساد وهيئة قراقوزية هاجسها الأول هو تبرير النكبات التي تدمر الجزائر في جوهرها وكيانها. لقد قبل أعضاء البرلمان براتب هو في الأصل رشوة بكل المقاييس ومرّروا قوانين ضدّ شعبهم وصوّتوا على أحقية اللصوص في سرقة خيرات المواطن، بل إنهم برّروا مدّ يد السلطة إلى جيوب المواطنين المثقوبة لابتزازهم من خلال قانون مرور يسمح للفاسدين أن يمارسوا فسادهم علنية. لا يخالجنا اليوم أدنى شك في أن فيروسات خطيرة قد نخرت مجتمعنا البائس في العمق، وأن هناك من الجزائريين ومن المسؤولين الكبار جدا جدا من يعمل مع فرنسا وسويسرا وواشنطن ليحبط أي محاولة للإصلاح ويقتل أي بادرة للتنمية المنشودة. إننا على يقين بأن أعداء الجزائر الأساسيين ليسوا من خارج الوطن أو من الأعداء الكلاسيكيين الذين سئموا من ترهاتنا واتهاماتنا الدونكيشوتية لهم، وإنما من أبناء البلد من ذوي الجنسيات المتعددة، الفاقدين للحس الوطني والحس الآدمي على السواء، لأنهم أصبحوا كالذئاب الجائعة تعوي في الليل لتهاجم في قطعان رهيبة كل ما يمكن أن يُبقي الجزائر بمنأى عن البيع في المزاد العلني

    لا أدري إن كان نواب الأمة المتحمسون على اطلاع تام ببنود اتفاقية إيفيان.. غير أن التاريخ الذي هو الأيديولوجية الأولى، كتب أن الجنرال ديغول قبل تاريخ وقف القتال الذي جاء بيوم واحد عن تاريخ اتفاقية إيفيان (18 مارس) راح يمضغ الأرشيف والوثائق التاريخية الجزائرية بأسنان متوحشة.

    ذاكرة الجزائر كلها اليوم في معدة فرنسا.. كل المعاهدات التي أمضتها دولة الجزائر قبل الاستعمار مع دول العالم (والتي تثبت أننا كنا دولة ولم نكن مجرد فراغ جغرافي) هي في بطن الحوت ( فلولا أن كان من المسبحين).
    وها هي قهقهات التاريخ يتردد صداها.. لا مجال للتهديد بقانون جزائري في المستقبل، طالما أن فرنسا تملك الماضي والذاكرة.. تملك سلاح الأرشيف.. من فضلكم لا تشعلوا نيرانا لا تملكون القدرة على إطفائها.
    فرنسا التي أكلت هنيئا مريئا ذاكرة الشعب الجزائري.. انتقلت اليوم إلى مرحلة التهديد بالتقيؤ.. هل رأيتم أو سمعتم في حياتكم "دبلوماسية الأمعاء الغليظة"

    كنا فقط نسمع عن دبلوماسية العصا الغليظة، أما الآن فإن كوشنير يقولها صراحة أن البرلمان الجزائري لن يقوى على استصدار قانون تكون من نتائجه المباشرة... انبعاث الروائح الكريهة.

    لقد مضغ ديغول الذي لم يكن بدوره يؤمن بأن الجزائر كانت دولة وأمة، الأرشيف الجزائري بأسنان متوحشة، ولذلك من غير المستبعد أن نسحب مشروع (وليس قانون) تجريم الاستعمار بلسان العصفور.

    ثمة حقيقة لا جدال فيها، إن الأرواح التي انتهكتها فرنسا الاستعمارية لا تحتاج إلى قوانين متأخرة لإنصافها، فهناك في ملكوت الله توجد عدالة لا تحتاج إلى أوامر من زياري أو من غيره لتحقيقها.. لكن إذا ما تجاوزنا الأرواح المتمردة لجبران، فإن روح المظلوم المضطهد، كما قال فروير، "سوف تظل تستصرخ الناس وتنادي حتى ينتصف لها ويعترف ظالمها علنا بما اقترفته يداه". صحيح أننا نريد قانونا نعيد به التاريخ إلى صفنا، بحيث لا يضحك من حركاتنا البهلوانية التي تتحول فيه قضايا مصيرية إلى بالون اختبار.. غير أننا في المقابل نريد أيضا قوانين نعيد بها الثقة إلى أنفسنا.. وليكن يا سادة مثلا قانون "تجريم الشمولية" وقانون "تجريم إهانة الزوالية" وقانون "تجريم هاذي ليك وهاذي لي".

    لو فعلنا نصف ذلك لهرولت فرنسا تطلب منا الاعتذار على الماضي والمستقبل، وربما لحملت شوارع باريس أسماء يوغرطة وبني زيري وبني رستم ووبني حماد وبني زيان وبابا عروج.. لكن هاهي أجنحة متكسرة على الأرض كما الأحلام الكبيرة تكسرت على صخرة التخلف بعد الاستقلال.

    نعم، كنا دولة بحرية كبيرة قهرت أوروبا وأمريكا، وكنا نقرض المال لفرنسا الفقيرة حتى لا تأخذها المجاعة.. وكنا أمة ترتعد لها فرائس نابوليون ولويس الثامن عشر.. لكننا اليوم دولة أخرى يقهقه التاريخ لخيباتها.. أترى إلى هذا الحد نحن بحاجة إلى نصف اعتذار فرنسي لكي لا ننتهي، أم ترانا لا نعلم حقا أن الاستعمار جريمة ولا يحتاج أصلا إلى نقاش في البرلمان

    ربما القادم هو قانون آخر.. قلنا إنه ربما يكون قانون تحريم الأفكار.. والأرجح أن يكون لتحريم الاستصغار يا سادة.. استغفروا قبل فوات الأوان.