-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
خلال رده على أسئلة القاضي في قضية إنجاز محطة الطيران بقسنطينة

بدوي ينفي تورطه في الفساد والقاضي يحاصره بالوقائع

نوارة باشوش
  • 13434
  • 0
بدوي ينفي تورطه في الفساد والقاضي يحاصره بالوقائع
أرشيف
نور الدين بدوي

واجه قاضي الفرع الثالث لدى القطب الجزائي الاقتصادي والمالي بسيدي أمحمد، نور الدين بدوي آخر وزير أول في حكومة الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة، بحقائق إعادة تقييم مشروع إنجاز “محطة الطيران” مع تمديد الآجال لعدة مرات، كما حاصره بتقرير المفتشية العامة للمالية، الذي كشف من خلال فحص الملفات على أوجه القصور في العديد من الصفقات، على غرار اللجوء إلى الملاحق لتبرير تنفيذ أشغال إضافية بمبالغ كبيرة، وكذا عدم إقرار الاستلام المؤقت أو النهائي لغالبية الصفقات المنفذة، إلى جانب تحرير أوامر بالخدمة لبدء الأشغال قبل تأشيرة المصادقة على الصفقة أو الملاحق من طرف اللجنة الولائية للصفقات، ناهيك عن إعادة تقييم تكلفة المشروع 8 مرات.

ومن جهته، فإن الوزير الأول السابق نور الدين بدوي رد على اتهامات القاضي بالقول إنه “موظف الدولة الجزائرية”، وإنه أمضى على قرارات “التفرد”، أما قرارات إعادة تقييم مشروع “محطة الطيران”، فقد تمت الموافقة عليها من طرف وزارة المالية ووقعها مدير الميزانية لنفس الوزارة، مرجعا أسباب التأخير في إنجاز المحطة الجوية بقسنطينة إلى الضائقة المالية، مشددا على أن الجزائر تسير مشاريعها واستثماراتها بـ”الجباية البترولية”، التي تعتبر المورد الوحيد لاقتصاد البلاد.
وقد تواصلت الخميس لليوم الثاني على التوالي، محاكمة الوزير الأول نور الدين بدوي ووزير الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات عبد المالك بوضياف وولاة الجمهورية و41 متهما، المتابعون في ملف فساد يتعلق بإنجاز المحطة الجوية لولاية قسنطينة.

بدوي: لماذا أُحاسب أنا فقط.. أين وزير المالية والمدير العام للميزانية؟
القاضي: أنت متابع بجنح استغلال الوظيفة عمدا، على نحو يخرق القوانين والتنظيمات، منح امتيازات غير مبررة للغير مخالفة للأحكام التشريعية والتنظيمية الجاري العمل بها، إلى جانب جنحة التبديد العمدي للأموال العمومية.. هذه الأفعال منصوص ومعاقب عليها بالمواد المواد 26 و29 و33 و48 من قانون الوقاية من الفساد ومكافحته عمدا.. هل تعترف أم تنكر؟
بدوي: سيدي الرئيس، أنكر تماما اليوم وغدا وبعد غد هذه التهم الموجهة لي، خاصة أنها في آخر المطاف أقحمت في قضية الفساد وما أدراك ما الفساد لتلصق بنا عبارة “هؤلاء الفاسدين” وهو العنوان الكبير للتوجه المسطر له.
الوزير الأول السابق ظهر وكأنه كان ينتظر هذه الفرصة ليخرج ما في جعبته ويواصل تصريحاته: سيدي القاضي قبل أن أخوض في وقائع الحال، عندي بعض الملاحظات.. أنا موظف الدولة الجزائرية و”ناس زمان كانوا يقولوا خدامين حزام”، فأنا خدمت بلادي وتقلدت بالتدرج عدة مناصب ووظائف عمومية منذ سنة 1995، منها مدير تنفيذي بعدة ولايات ورئيس دائرة لعدة دوائر وفي سنة 1995 تم تعييني كوال لولاية سيدي بلعباس، ثم في سنة 2000 واليا لولاية برج بوعريريج ليتم تعييني في نفس المنصب بولاية سطيف في سنة 2004، وفي عام 2010 توليت منصب والي ولاية قسنطينة إلى غاية 2013، ثم تم تعييني كوزير للتكوين والتعليم المهنيين، وفي 2015 وزيرا للداخلية والجماعات المحلية، ثم عينت في مرحلة محددة كوزير أول إلى غاية شهر ديسمبر 2019.
القاضي: واصل..
بدوي: سيدي الرئيس، الإدارة الجزائرية إدارة منظمة وهذه الإدارة عندها قيمتها وتاريخها وتنظيمها.. لماذا نريد أن ننزلها إلى أسفل السافلين.. فعندما نتكلم اليوم عن هذا الملف وفي هذه الدار الكبيرة وهي دار العدالة.. وأنا أقول بكل شجاعة وبدون تردد.. أنا أُحاسب اليوم في بلادي وأمام قضاة جزائريين مثلي.. ومع هذا فأنا مرتاح تماما وثقتي عظيمة وأنا في هذا المنبر المحترم.
وتابع: فالمقرر الذي من خلاله أقرت الدولة الجزائرية بإعادة تقييم “محطة الطيران”.. من يمثله إنه وزير المالية وأنا كوال وقعت على مقررات “التفريد” وهي مخالفة تماما لمقررات إعادة تقييم.. والسؤال المطروح: هل هذا المقرر عندما أقره وزير المالية قام بخرق القانون؟.. فالمقررات التي أمضيتها ليس بمحض إرادتي، بل بأمر من الدولة الجزائرية.
الوزير الأول السابق -الذي كان يلتفت تارة إلى القاضي وتارة أخرى إلى وكيل الجمهورية- وثيقة وهي عبارة عن المقرر الذي أمضى عليه المدير العام للميزانية بأمر من وزير المالية ليخاطب هيئة المحكمة قائلا: كيف وصل إلي هذا المقرر حتى أمضي عليه.. سيدي الرئيس جميع العمليات التقنية من اختصاص الولاية ولكن التسيير يكون من طرف المختصين.. وبالنسبة لكل مشروع على مستوى إقليم ولاية ما، يمنح الوالي تفويضا للمديرين في مختلف القطاعات سواء تعلق الأمر بالصحة أو العدالة أو السكن أو الأشغال العمومية وغيرها.
وبصوت مرتفع تساءل نور الدين بدوي: سيدي الرئيس، في كل هذا الملف أين هو وزير المالية، وأين هو المدير العام للميزانية، على الرغم من أنه صديقي والحمد لله نجا من هذه المصيبة؟.. لكن لماذا أنا أدفع ثمن “مقرر إعادة التقييم” الصادر والممضى من مصالح وزارة المالية، وأنا نفذت التعليمات المتبقية وفقا لما يخوله لي القانون.. فحضور هؤلاء مهم حتى نجمع المعطيات ونعطي التوضيحات اللازمة بخصوص مشروع “محطة الطيران”.
وأردف المتهم قائلا: الأمور واضحة وضوح الشمس.. الجزائر تسير مشاريعها واستثماراتها بالجباية البترولية والتي هي المورد الوحيد… وتحت قاعدة إن كان سعر البترول مرتفعا تكون كل الأمور على ما يرام، وعندما يحدث العكس بمعنى إن انخفض سعر البترول فكل شيء يتوقف، وعلى هذا الأساس ومن بين أسباب التأخر وإعادة التقييم في المشروع مسألة حالة الجباية البترولية، كما لم تكن لدينا إمكانات إنجاز المشاريع الكبرى في تلك الفترة، ومع هذا سيدي الرئيس، فأنا أقول إنني فرحان اليوم عندما نرى محطة جوية دولية بولاية قسنطينة وهي الآن قيد الاستغلال بالرغم من الانطلاقة الخاطئة لها.. وعلى كل شخص أن يتحمل مسؤوليته لقوله تعالى “ولا تزر وازرة وزر أخرى”.
القاضي: ما هي الأسباب التي أدت إلى تأخر المشروع؟
بدوي: هناك أسباب تقنية ومالية، فأول زيارة قمت بها إلى المشروع كان تقريبا متوقفا “يتكرر” ويمشي كسلحفاة وحتى عدد العمال الموجودين بالموقع كان قليلا جدا، وعندما استفسرت عن ذلك، علمت أن توقف أشغال المشروع يعود إلى الضائقة المالية لعدم كفاية الأغلفة المخصصة لذلك، وعلى هذا الأساس أعطيت توجيهات إلى المديريات المعنية بما فيها مديرية النقل ومديرية التعمير على مستوى الولاية تحت إشراف الأمين العام الذي يعتبر مكلفا بالتنفيذ لمراسلة الوزارات الوصية كوزارة النقل والمالية من أجل المطالبة بأغلفة مالية لإعادة إطلاق المشروع وشرح الوضعية التقنية والمالية لهذا الأخير كسبب لتلك المطالب بأظرفة مالية جديدة.
وأضاف: الجهات الوصية استجابت ومنحت الأظرفة المالية لإعادة بعث المشروع، وبالتالي أصدر وزير المالية قرار تخصيص لزيادة المبلغ المالي لإعادة تقييم العملية وتم إرساله لي كوال، واستلمه نيابة عني أنذاك مدير التخطيط الذي قام بإعداد مشروع مقرر للعمليات، وتم عرضها علي وأنا قمت بتوقيعه.
القاضي: خلال فترة توليك مهام والي ولاية قسنطينة كم مرة جرت عملية إعادة التقييم؟
بدوي: سيدي الرئيس، لا أتذكر كم من مرة ولكن الأمين العام للولاية كان في الأساس هو من يوقع مقررات العمليات طبقا لصلاحياته وطبقا لقانون الولاية، كما أنني لم أوقع إطلاقا أي مقرر مالي، أما “التفريد” وهذا بموجب نص قانوني ومرسوم تنفيذي 98/ 277، والوالي ملزم بتنفيذ مقرر بتنفيذ مقرر إعادة تقييم المتخذ من طرف وزارة المالية.
القاضي: وماذا عن الملاحق ؟
بدوي: فيما يتعلق بالملاحق والصفقات والأشغال الإضافية لا علاقة للوالي بدوي بها لأنها من اختصاص المصلحة المتعاقدة حصرا، وفقا لنص المرسوم التنفيذي الذي ينظم نفقات تجهيز الدولة.
القاضي: أين وصلت نسبة الأشغال عند وصولك إلى ولاية قسنطينة؟
بدوي: تقريبا من 75 إلى 80 بالمائة، وأؤكد سيدي الرئيس أن هذا الجانب تقني ويمكن للجهات المختصة والحاضرة بالجلسة تقديم توضيحات في هذا الإطار.
القاضي: ما هو رأيك فيما يخص الدراسة التي انطلقت بها الصفقة؟
بدوي: الثابت من الملف موجود تحت رقابتكم ومع هذا فإن الشيء الملاحظ هو أن كل الجهات تلوم نوعية الدراسة.
القاضي: ماذا تقول بخصوص التعاقد في بداية الأمر مع مكتب الدارسات “SAU”، ثم مكتب الدراسات العمومي”GAT” دون احترام الإجراءات المعمول بها؟
بدوي: هذا الأمر لا يتعلق بفترة تولية منصب والي ولاية قسنطينة ولا يمكن أن أرد على هذه المسألة.
القاضي: كم استهلك المشروع من ميزانيته؟
بدوي: لا أتذكر ذلك سيدي الرئيس… ولا علم لي بالمدة التي استغرقها للإنجاز، كما لا أعلم أيضا بالمبالغ المالية التي تم إضافتها إلى ميزانيته، المهم في كل هذا هو أن الأشغال من سنة 2010 إلى 2013، أي في الفترة التي كنت أنا فيها والي ولاية قسنطينة لم تتوقف ولم يسجل فيها أي تأخير، إذ أن الأشغال جميعها كانت تسير بوتيرة متسارعة إلى غاية التسليم المؤقت خلال سنة 2013 أين حضر آنذاك الوزير السابق للنقل.
بن يوسف: إمضائي على مقررات إعادة التقييم مجرد تحصيل حاصل
القاضي ينتقل إلى استجواب الوالي السابق بن يوسف عزيز، باعتبار أمين عام لولاية قسنطينة في تاريخ وقائع الحال.
القاضي: أنت متابع بجنح استغلال الوظيفة عمدا على نحو يخرق القوانين والتنظيمات، منح امتيازات غير مبررة للغير مخالفة للأحكام التشريعية والتنظيمية الجاري العمل بها، إلى جانب جنحة التبديد العمدي للأموال العمومية، هل تعترف أم تنكر؟
بن يوسف: لا سيدي الرئيس أنكر هذه التهم جملة وتفصيلا؟
القاضي: ما هي مهامك.. وما هي أسباب زيادة القيمة المالية في المشروع وإعادة تقييمه.. وتحدث لنا عن ظروف الإمضاء على هذا المقرر؟
بن يوسف: قبل أن أخوض في الإجابة، أود فقط إجابة على سؤالي المتمثل في التالي: لماذا أنا الأمين العام الوحيد الذي تمت متابعته في القضية بالرغم من أنه سبقني زميلان اثنان في هذا المنصب؟ وبخصوص مشروع انجاز المحطة الجوية الجديدة في قسنطينة والذي كان موكلا إلى مديرية التجهيزات وعندما أتى إلى قسنطينة، فإن المشروع سيدي القاضي كان معطلا نوعا ما تقنيا وعمليا والمشاكل التقنية كان يتم حلها من خلال التنسيق بين مديريات المصالح المختلفة، أما العراقيل المالية فكان يتوجب إعداد الطلبات باعادة التقييم المالي للمشروع.
وواصل الوالي السابق تصريحاته قائلا: وبخصوص المقررات فأنا أمضيت على مقررات إعادة التقييم المالي لمشروع انجاز المحطة الجوية قسنطينة، لكنها سيدي الرئيس مجرد تحصيل حاصل، لأنها تستند على قرارات وزارية ولا يوجد أي مقرر يتم إمضاؤه إلا بعد الموافقة عليه من طرف وزارة المالية وإمضاؤه من المديرية العامة للميزانية لنفس الوزارة.
القاضي: من هي الجهة المسؤولة على إعادة التقييم؟
بن يوسف: لا نغفل سيدي القاضي، أن إعادة التقييم يتم إعدادها من طرف مديرية التجهيزات بحيث هي التي كانت تشكل الملفات المتعلقة بطلبات إعادة التقييم المالي للمشروع، وترسلها إلى مصالح الوالي مرفقة بمشروع مراسلة موجهة إلى وزارة المالية لغرض طلب الغلاف المالي الجديد، وبعدها إن تمت الموافقة من طرف وزارة المالية يتم إعداد قرار يتضمن الغلاف المالي الجديد ويعاد إلى الولاية ليتم تحويله إلى مديرية التخطيط والتهيئة العمرانية التي تعد مقررات إعادة التقييم وهي التي تحتوي على المبلغ القديم للمشروع والمبلغ الجديد، فيقوم الوالي أو الأمين العام بتوقيعها.
القاضي: كم مقررا قمت بإمضائه ولأية جهة يخضع الآمر بالصرف؟
بن يوسف: هناك 4 مقررات وأنا أمضيت عليها كعمل إداري بصفتي أمين عام للولاية ومساعد والي وهي مجرد مقررات إدارية لا تستجوب التحليل والتفكير أو إدخال عليها أي تعديلات، كما أن الأمين العام للولاية ليس له صفة الآمر بالصرف لا في هذه العملية أوفي العمليات الأخرى ضمن تسيير ميزانية الدولة .
القاضي: بخصوص الملاحق أنت من ترأس لجنة الصفقات، هل هذا صحيح؟
بن يوسف: كل مدير يقدم مشاريع الصفقات التي بحوزته وتوزع هذه الملاحق على المقررين ويتم دراستها بصفة فردية لتقدم الملاحظات خلال انعقاد اللجنة.
القاضي: هل قدمتم تحفظات؟
بن يوسف: القاعدة هي أن اللجنة هي “السيدة” وكل ملف فيه نقائص ترفع عليه تحفظات.
القاضي: وماذا عن تأخر الآجال في تسليم المشروع لمدة تزيد عن 10 سنوات؟
بن بوسف: سيدي الرئيس أنا التحقت بالولاية سنة 2010 وكان المشروع قد استغرق أصلا 7 سنوات قبله، وأنا لا أتذكر المقاولات التي كانت مكلفة بالأشغال ولا موردي التجهيزات، كما لا تربطني أية علاقة شخصية مع أحد منهم.
وكيل الجمهورية يتدخل: هل الضائقة المالية من أسباب توقف المشروع؟
بن يوسف: لا يمكن أن أحصر الأسباب في الجانب المالي، لكن أكيد أنه يعتبر أحد العراقيل التي أدت إلى توقف المشروع، ضف إلى ذلك الجانب التقني وغير ذلك.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!