-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
مختصون يطالبون برفع مستوى التعامل مع المواطن

“بريد الجزائر”.. بين تحديات العقلية التقليدية والخدمات الرقمية

وهيبة سليماني
  • 1430
  • 0
“بريد الجزائر”.. بين تحديات العقلية التقليدية والخدمات الرقمية

يرتبط الجزائريون ارتباطا وثيقا بالبريد. هذه المؤسسة العمومية الحاضرة في يومياتهم. ففي المخيال الاجتماعي، تعتبر مراكز البريد أماكن خدماتية، الانقطاع عنها هو تعطيل لعلاقة اجتماعية، ونسق تنظيمي في حياتنا.. التكنولوجيا الجديدة حتمت على هذه المؤسسة انتهاج الرقمنة في التعامل مع الأرصدة، ونقل الرسائل والبضائع، حيث تحتاج اليوم الجزائر إلى مزيد من العمل لتحقيق التسيير العقلاني للبريد في ظل عقلية تقليدية عند شريحة واسعة من المواطنين.

وقد استطاعت مؤسسة البريد الجزائري، أن تخطو خطوة جيدة من خلال توزيع 10 ملايين بطاقة إلكترونية، يمكن من خلالها أن سيحب الجزائريون أموالهم عن طريق الصراف الآلي، ويتفادون بذلك الطوابير الطويلة أمام أكشاك السحب التقليدي للأرصدة.

البريد.. بين التسيير العقلاني والعقلية التقليدية

ومؤسسة بريد الجزائر لديها بعد خدماتي وعلاقة مصلحة إيجابية في مخيال المجتمع الجزائري، حيث أكّد الدكتور يوسف حنطابلي، مختص في علم الاجتماع، أن تعطل العلاقة بين البريد وأفراد المجتمع يؤدي إلى وجود جماعات غير منظمة، حيث فهذه المؤسسة تدخل في الحياة العملية اليومية للمجتمع، فأهميتها جعلتها محل انشغال واهتمام المواطنين، وصورة ذهنية بإيجابياتها وسلبياتها.

وقال حنطابلي إن الفيلم الأمريكي، “بوست مان”، كان رؤية عقلانية لأهمية البريد في حياة المواطن، حيث يعالج هذه الفيلم معضلة غياب مراكز البريد في حياتنا، وبالتالي إعطاء الصورة الحقيقية لحالة الفوضى وعدم التناسق الاجتماعي، وانقطاع العلاقات بين المؤسسات الخدماتية.

وأوضح يوسف حنطابلي، أن مؤسسة البريد موروثة من الاستعمار الفرنسي، وهي نابعة من ثقافة عقلانية، إلا أنه لا يوجد انسجام في الغالب بين التسيير العقلاني كمؤسسة قائمة بذاتها، وبين العقلية التقليدية، مضيفا: “إن بعض الموظفين في مراكز البريد يعتقدون أنهم يقدمون “مزية” للمواطن، ويتعاملون معهم وكأنهم يقدمون معروفا حسب المزاج”.

ويرى الدكتور حنطابلي بأن هذه العقلية يجب أن تتغير على أساس أن كل عون أو موظف في البريد هو ملزم بخدمة المواطن، وتم توظيفه لأجل ذلك مقابل راتب شهري يقبضه، حيث يعد القضاء على العقلية التقليدية في التعامل بين الزبائن والموظفين في مراكز البريد أحد أساليب تطوير الخدمات وراحة المواطن.

التعامل الإلكتروني قضية أجيال

ويرى المختص في علم الاجتماع، يوسف حنطابلي، بأن رمزية البريد في أذهان الجزائريين، ترتبط بما هو موجود على أرض الواقع، وليس بما هو في المجتمع الافتراضي، ولذلك برغم أن حيازة أغلب المواطنين على البطاقة الذهبية فإنهم يفضلون الطوابير أمام أكشاك سحب الأموال بالصك البريدي، أو استعمال هذه البطاقة الإلكترونية في الصراف الآلي التابع لمركز البريد، في حين إن بإمكانهم سحب أموالهم عن طريق البطاقة الذهبية من بعض وكالات البنوك.

وقال حنطابلي إن التعامل الإلكتروني مع البريد قضية أجيال، حيث لا يمكن تغيير عقلية الجزائريين الذين عايشوا زمن البريد قبل الرقمنة، وبدليل أنّهم يحنّون دائما إلى الرسائل والفواتير الورقية التي ترسل إليهم، كما أنّهم يفضلون تسديدها حضوريا، لا عبر الإنترنت.

“بريد الجزائر” يدخل معركة التجارة الإلكترونية

وفي هذا الموضوع، أكّد المستشار في التنمية الاقتصادية، عبد الرحمان هادف، أنّ قطاع البريد من القطاعات المرتبطة بالتكنولوجيا والإعلام والاتصال، مما تطلب إعادة تنظيم القطاع بشكل يواكب الحداثة، والتحولات الجديدة حتى يمكن له العمل بنمط خدماتي عصري.

وتجاوز، بحسب الأستاذ عبد الرحمن هادف، قطاع البريد، مرحلة تبادل الرسائل فقط، وسحب الأموال بالطريقة التقليدية، حيث دخل معركة التجارة الإلكترونية، وبدأ تحدي الأرباح التجارية والاقتصادية.

وقال مستشار التنمية الاقتصادية، إن الاتحاد الإفريقي للبريد، أكد على مشروع تنمية لسنة 2063، بينها كيفية إدماج الأدوات الرقمية في قطاع البريد للدول الإفريقية، والجزائر، حسبه، يشهد فيها هذا القطاع حركية خاصة بعد رواج التجارة الإلكترونية، وهو أيضا ما يفتح المجال للمستثمرين الخواص الذين يرغبون في مشاريع توزيع الطرود والمنتوجات.

ودعا هادف الخواص إلى الاستثمار في هذا المجال وإدخال الحلول المبتكرة بعيدا عن المنظومة الكلاسيكية، وذلك تزامنا مع تحديات بريد الجزائر في الخدمات البنكية والبريد السريع.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!