“بنة رمضان”.. بين الشكليات و”الزردات” والعبادات !
تختلف “بنة رمضان” عند الجزائريين، بحسب الموروثات الاجتماعية والمعتقدات السائدة في كل منطقة، فالبعض يختصرها في التجول بالأسواق وقضاء الساعات الطويلة في انتقاء أحسن المأكولات والمشروبات وقطع المسافات للظفر بـ زلابية بوفاريك، وقلب اللوز “سرير” واستقدام أفضل التوابل من الحدود، والتنقل بين المخابز لشراء أنواع لا تنتهي من خبز السميد والجبن والشعير والنخالة في الصباح التي تمتلئ بها المزابل في المساء، في حين ترى شريحة من النساء بأن “بنة رمضان” لا تكتمل إلا بتجديد الأواني وتغيير ديكور المنزل بأثاث جديد، وتزيين غرفة الضيوف بفوانيس رمضان الهلالية، وقضاء الساعات على مواقع التواصل لتعلم طبخ أحدث وصفات الأكل وبعدها مشاهدة المسلسلات والاستمتاع بسهرات البوقالات والمحاجات..
ولا تكتمل “بنة رمضان” عند شريحة من الشباب إلا بالسهر لساعات الفجر والنوم لمنتصف النهار، في حين لا يتصور صائمون مائدة الإفطار من دون “البوراك” و”لحم لحلو”، وتعتبر شريحة من التجار، رمضان فرصة للربح السريع وسرقة جيوب المواطنين برفع الأسعار وبعدها تجدهم في الصفوف الأولى في المساجد..
وتفضل العديد من العائلات اغتنام رمضان لتبادل الزيارات وإقامة “الزردات” والتنافس على نشر صور الموائد الرمضانية على مواقع التواصل للتباهي بأفضل أنواع الحلويات..
وبين كل هذا وذاك، فئة من الجزائريين تتحضر لاستقبال رمضان بالصوم والدعاء، وتغتنمه للتقرب من الله تحت شعار: “يا باغي الخير أقبل ويا باغي الشر أقصر”، حيث يؤكد الشيخ طاهر ضروي، داعية وإمام مسجد فتح القلوب بواد الرمان بالجزائر العاصمة، أن “بنة رمضان” الحقيقية تتمثل في التركيز على اغتنام هذا الشهر الفضيل في إصلاح النفوس وتطهير القلوب، وتحسين المعاملات والأخلاق، قائلا: “من لم يتمكن من تصحيح أخطائه مع الله والعباد في رمضان، لا فائدة من صيامه وصلاته”.. فالعبرة، بحسبه، لا تكمن في كثرة الركعات وعدد ختمات القرآن، بل في صفاء القلوب والإقبال على عبادة الله بنية الارتقاء وتطليق المعاصي والكف عن الأذى والمحرمات..
