الرأي

تبدل الناس ولم يتبدل حُكّامهم

محمد سليم قلالة
  • 2911
  • 2

عندما نرغب في تعديل الدستور لا نطلب ذلك مباشرة من الشعب، ولا نسعى إلى معرفة آرائه قبليا، إنما نشكل لذلك لجنة، ونطلب من الشعب بعدها المصادقة، والكل يعرف النتيجة.

وعندما نرغب في إدخال إصلاحات هيكلية في مؤسسات الدولة، أيضا لا نطلب ذلك مباشرة من الشعب ولا نفتح نقاشا حوله، ولو من خلال منتخبيه، ليحس الناس أنهم مشاركون فيه، إنما نتخذ القرار، ونعلنه، وننفذه، ونعتبر أنه من تحصيل الحاصل أن يتفاعل معه الشعب ويُصادق عليه.

 

وبنفس المنهجية نعمل عند اختيار الرؤساء والوزراء والمسؤولين التنفيذيين: ليست هناك أية استشارة قبلية مباشرة أو غير مباشرة للناس بشأن من سيحكمهم أو من سيقوم على أمرهم، أو بشأن السياسة التي سيعتمدها هذا أو ذاك…

أسلوب التعامل هذا مع الناس بهذه الكيفية، إن نفع لبعض الوقت فلن ينفع كل الوقت.

 لم يعد الناس اليوم يقبلون بلعب دور تزكية من اختاره هذا الزعيم أو ذاك أو اختارته هذه الهيئة أو تلك، الناس اليوم في جميع المستويات لا يقبلون بغير المشاركة في اتخاذ القرار لكي يتفاعلوا معه، ولكي ينجح بفعل عملية تشاركية حقيقية، لا من خلال أسلوب: أنا أقترح وأنت تقبل، وأحيانا تقبل وعليك تبرير ذلك القبول وإقناع نفسك به.

 البعض ممن هم في الحكم مازال لم يدرك حجم وعمق التغيير الذي عرفه المجتمع الجزائري، لم يدرك أن الشعب اليوم أصبح يسخر من الكثير من الوزراء الذين يحكمونه لأنه يعرف أن مِن بين أبنائه من هم أكفأ منهم، ويسخر من كثير السياسيين الذين يستحوذون على أمانات الأحزاب الوطنية لأنه يعرف أن من بين أبنائه من هم أكفأ وأكثر نزاهة وقدرة على إدارة شؤون السياسة منهم، ويسخر من أغلب المسؤولين الذين يُعيّنون على رأس هذه الإدارة أو تلك، وهو يعرف أن من بين أبنائه من هم أقدر على المهمة وأكثر نزاهة وحبا للشعب والوطن منهم…

وإذا ما استمر هؤلاء في ذلك، ظنا منهم أنهم الأقدر والأقوى، والبقية قاصرة لا تستطيع فعل أي شيء فإنهم يدينون أنفسهم قبل الآخرين، ذلك أن الرسالة الأولى للآباء والأجداد الذين ضحوا بأنفسهم من أجل هذا الوطن هي أن يكون أبناؤهم أحسن حالا منهم ليس في التضحية والإخلاص وحب الوطن، فقد كانوا القدوة والنبراس، إنما في العلم والاجتهاد والكفاءة عند البناء والتشييد… وقد تحقق بالفعل الكثير من ذلك، إلا أن البعض ممن هم في الحكم مازال يصر على أن الناس لم يتبدلوا، وينبغي أن نستمر في معاملاتهم بمنهجية الاحتقار والتهميش والاستصغار، التي لم تكن سوى منهجية الاستعمار والاستدمار.

مقالات ذات صلة