-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

تركيا عصا التوازن الأمريكي في ليبيا

تركيا عصا التوازن الأمريكي في ليبيا
ح.م

دول خمس استنجد بها رئيس حكومة الوفاق الوطني، أمريكا وبريطانيا وإيطاليا وتركيا والجزائر، للدفاع عن معقله في العاصمة الليبية طرابلس، أمام هجمات قوات الجنرال خليفة حفتر، لكن أحدا لم يرد سوى البيت الأبيض في واشنطن.

رد واشنطن جاء سريعا، أسرع مما كانت تظن حكومة الوفاق الوطني، المحاصرة بتهديدات عسكرية، وارتباك سياسي في ظرف حرج للغاية، لكنه رد لا يحمل في متنه موقفا عمليا استعجاليا، لمعالجة حدث أمني خطير أخذ بعدا دوليا .

واشنطن تحاشت الصمت، وعبرت عن موقفها في تصريح دبلوماسي، لا يرفض طلب حكومة الوفاق الوطني، ولا يقبله، واضعا بين هذا وذاك رغبتها في تبني موقف سياسي يجمع الأطراف المتصارعة حول طاولة المفاوضات.

تدرك الولايات المتحدة الأمريكية أكثر من غيرها، أن المفاوضات التي تسفر عن حل سياسي لأزمة تكاد تنهي عقدها الأول، أمر مستحيل في ظل تدخل دولي وإقليمي مباشر، يغذي الحرب الأهلية، ويحتضن أطرافها ويغذي قدراتها العسكرية.

فالمتحدثة باسم وزارة الخارجية مورغان أورتاغوس في ردها على طلب رئيس حكومة الوفاق الوطني بتفعيل اتفاقية التعاون الأمني لحماية طرابلس من هجوم خليقة حفتر، أكدت إن: “التدخل العسكري الخارجي يهدد احتمالات حل النزاع”.

التدخل العسكري الخارجي قائم فعلا، ودول عدة لها حضور عسكري في ليبيا، ولها واجهات في مراكز القرار السياسي والعسكري سواء في طرابلس أو طبرقة أو بنغازي، بما يستبعد التفاوض للوصول إلى حل سياسي لا يبدو داخليا.

واشنطن لم تخف قلقها لما تشهده ليبيا الآن، وهي المنفتحة على كل الأطراف المتصارعة، ورأت “طلب حكومة الوفاق الوطني للحصول على الدعم العسكري” بمثابة إعلان عن حالة ضعف قصوى، تلغي التوازن في القوى بين طرابلس وبنغازي.

لا تريد الولايات المتحدة الأمريكية التخلي عن حكومة الوفاق الوطني، كما لا تريد التخلي عن الجيش الوطني الليبي بقيادة الجنرال حفتر، هي تسعى للحفاظ على التوازن بين الطرفين قدر الإمكان في الوقت الراهن.

لكن ما يزعجها هو “تهديد الجيش الوطني الليبي باستخدام الأصول الجوية الأجنبية والمرتزقة الأجانب لمهاجمة مصراتة” وهذا ما أعلنته رسميا، دون الإشارة إلى القوة العسكرية الروسية .

إزاء هذا الواقع المعقد، وجدت واشنطن نفسها أمام خيارين أحلاهما مر، القبول بالدعم الروسي للجنرال خليفة حفتر، والتزام الصمت تجاه التدخل العسكري التركي المباشر، ضمانا لتوازن تراه ممكنا الآن.

لا تقف أمريكا مع طرف على حساب الآخر، لكنها تقف رسميا مع كل الأطراف، وتتحدث معها، دون اعتبار لحيوية هذا الموقف أو ضعفه !!
وما أبدته واشنطن من مرونة إزاء التدخل التركي في طرابلس، وتمدد أنشطة تركيا الاقتصادية في البحر المتوسط، رأتها ضرورة آنية، لإيجاد قوة تعرقل وصول النفوذ الروسي إلى طرابلس.

أما دعوة فايز السراج رئيس حكومة الوفاق الوطني لأمريكا وبريطانيا وإيطاليا وتركيا والجزائر لحماية طرابلس، فهو يدرك أن أحدا لن يستجيب، لكنه مهد بدعوته هذه لبناء قاعدة التحالف الاستراتيجي المعلن مع تركيا التي ارتبط معها باتفاقية “التنسيق العسكري والأمني” بما يتيح لها وجودا عسكريا في طرابلس، يجبر روسيا على التفاوض معها في إدارة ملف الأزمة الليبية.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
2
  • جزائري شلفي

    تحليل منطقي
    لكن الأمر يبدو محسوما لصالح المشير حفتر في ظل كل من :
    - التنظيم العسكري لجيش حفتر في مقابل تشتت قوات الوفاق التي تبدو أقرب إلى مليشيات منها إلى جيش وطني
    - الالتفاف الشعبي حول حفتر خاصة بعد احساس المواطنين الليبين بالاحتلال التركي الوشيك لليبيا و اتفاق ترسيم الحدود السري الذي يبدو كأنه تنازل عن أراض ليبية لصالح تركيا في مقابل الحماية من حفتر
    - حفتر ربح معركة تشكيل جيش نظامي موحد ثم معركة محاربة الارهاب مما يجعله حليفا قويا و موثوقا للمجتمع الدولي بخلاف حكومة الوفاق التي لم تكن لها معركة حقيقية ضد الارهاب إن لم نقل أنها كانت تتعاون معه أحيانا

  • جزائري

    ليبيا بلد له قابلية كبيرة للاستعمار بدليل التشرذم الحاصل في ليبيا. وباختصار العرب جميعا لا ياخذون العبر . الله يقول :ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم. رغم ان الليبيين مسلمون ويقرؤون القران لكنهم يتحدون الاية القرانية الواضحة مثل غيرهم من الاعراب فينالون جزاءهم . الجزاء هو القانون الالهي : الفشل ثم الفشل للمسلمين المتنازعين كاللذين فشلوا في الاندلس وانهزموا شر هزيمة تاريخية بسبب نزاعاتهم. لكن كما قلت العرب لا ياخذون العبرة .