الرأي

تسخين‭ ‬البندير‮ ‬‭!‬

قادة بن عمار
  • 6755
  • 37

الهياج السياسي الذي نعيشه هذه الأيام يكاد يصيب المواطنين بسكتة قلبية من كثرة ظهور رؤساء الأحزاب والسياسيين على التلفزيون وصفحات الجرائد، للدرجة التي بات فيها المواطن المسكين وهو يفتح حنفية بيته، خائف أن ينزل له منها أبو جرة سلطاني أو جاب الله أو لويزة حنون…وكل هذا الهياج المدروس، ما هو في حقيقة الأمر إلا تسخين للبندير قبل الانتخابات، أمر تعوّدنا عليه منذ خريف الغضب في أكتوبر قبل عشرين عاما، وصولا للربيع العربي في عامه الثاني، على طريقة عادل إمام…طبقة سياسية “متعودة دايما”!!

الطريقة التي تحاول من خلالها الإدارة اعتماد أحزاب جديدة، وكذا نوعية المُعتمدين، توحي أن السلطة قررت البقاء أو الاستمرار، حتى بعد الانتخابات المقبلة الحزب الوحيد الأقوى على الساحة، والبقية مجرد طبالين ومزمرين، وأحيانا معارضين بالكوموند، لا همّ لهم سوى لملمة الفتات الذي ترميه لهم الإدارة في المناسبات الانتخابية، كما أنهم لا يبحثون إلا عن تلك الضجة المفبركة التي يحيطهم بها الإعلام وأضواؤه، فتوفر لهم الحكومة الحرس والخدم والحشم، وتضع تحت تصرفهم سيارات الشرطة وتفتح لهم قاعات الدولة، وتُسخّر لهم الولاة ورؤساء الدوائر من أجل تلبية طلباتهم خلال الحملة الانتخابية، كما تحرر لهم الإذاعة والتلفزيون بعض الوقت، لتعود بعدها ريمة إلى عادتها القديمة، ويصبح الحال شبيها بالمثل الشعبي القائل..تقطع البندير وتفرق المدّاحة!
بالمناسبة،‭ ‬هل‭ ‬رأيتهم‭ ‬ديمقراطية‭ ‬أكبر‭ ‬من‭ ‬هذه؟‭ ‬الحكومة‭ ‬توفر‭ ‬لكل‭ ‬هؤلاء‭ ‬المال‭ ‬والحراسة‭ ‬الخاصة‭ ‬والقاعات‭ ‬وخدمات‭ ‬الإدارة‭ ‬‮”‬خمس‭ ‬نجوم‮”‬‭ ‬وكاميرات‭ ‬التلفزيون،‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬سبّها‭ ‬وشتمها‭ ‬وبهدلة‭ ‬العاملين‭ ‬فيها؟‭!!‬
ألم يبدأ زعيم حمس السباق مبكرا حين دعا لإسقاط النظام الرئاسي مقابل إنشاء البرلماني، متجاوزا لويزة حنون التي نادت بإقامة مجلس تأسيسي في الوقت الذي لم تدع فيه حركة النهضة فرصة إلا وأطلقت النار صوب الحكومة متهمة إياها بتخريب الإصلاحات، ومنادية بإقالتها وكأن الحكومة‭ ‬الحالية‭ ‬ما‭ ‬زالت‭ ‬تحكم‭ ‬فعلا،‮ ‬ولم‭ ‬تتحول‭ ‬منذ‭ ‬فترة،‭ ‬إلى‭ ‬مجرد‭ ‬واجهة‭ ‬لتصريف‭ ‬الأعمال،‭ ‬ليس‭ ‬إلا؟‭!‬
لهذه الأسباب أيضا، نشهد تسخينا للبندير بين أبو جرة سلطاني ومناصرة، وبين جاب الله ولويزة حنون، وبين عبد العزيز بلخادم والتقويميين، وحتى ما بين موسى تواتي والإدارة، الجميع يعرف دوره جيدا، وموافق على السيناريو سلفا، وقد تضطر السلطة للتدخل أحيانا إذا تجاوز أحدهم حجم الدور المكتوب له على الورق، أو تمرد بالخروج عن النص، مثلما حاول أو يفعل سلطاني يوما، حين أطلق مبادرته الشهيرة “فساد قف” تحت رعاية الحكومة التي ينتمي إليها، ولا يريد أن يفارقها حتى قبل الانتخابات بأربعة أشهر.

مقالات ذات صلة