-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

تعطّش السادية الغربية والصهيونية لشرب الدماء الفلسطينية!

خير الدين هني
  • 363
  • 0
تعطّش السادية الغربية والصهيونية لشرب الدماء الفلسطينية!

أطلق فرويد مصطلح السادية على من لهم ميول فطرية، إلى الاستغراق في رذيلة المتعة الجنسية من غير طرقها المشروعة، وهي النزعة التي تُنسب إلى الخليع ماركيز دو ساد، الكاتب الأديب والفيلسوف السياسي الراديكالي الفرنسي الشهير، كان دو ساد ينحدر من أسرة أرستقراطية، وهي الفئة التي تشكّل الطبقة العليا في المجتمعات الغربية، كان مشاغبا ومشاكسا وخليعا ماجنا، وقد عُرف بحياته الجنسية المتحررة، وكان سيئ السمعة بسبب ميله الفطري إلى المجون والفحش والرذيلة، لإشباع غرائزه الجنسية.
نُسب مصطلح السادية إلى دو ساد، اقتباسا ممّا تميّزت به شخصيات رواياته، بالاندفاع القهري إلى تحقيق اللذة والمتعة، عن طريق تعذيب الآخرين وتعريضهم إلى الأذى وآلام العذاب والشقاء والبؤس، من جرّاء ما كان يسلّطه الأرستقراطيون الساديون من قهر وإذلال للطبقات الدنيا في مجتمعاتهم، وقد خصّ فرويد هذه الطبقة السادية، التي كانت تتلذّذ بعذاب الآخرين، بتحليل ظواهرهم النفسية غير السويّة، التي كانت تميّز هذه الفئة من الماركيز، وأصبحت تشكّل جزءا هامًّا من تحاليله النفسية، وهي الحالة التي طبعت فئة متميّزة من الناس الذين فقدوا الإحساس بالرأفة بالآخرين، وأصبحوا لا يشعرون بنشوة اللذة والمتعة في أعلى مراتبهما، إلا حين يسلطون ألوانا من القهر والعذاب النفسي والجسدي على المستضعَفين، الذين قست عليهم الحياة وضنّت عليهم بعطائها ضنيا.
ويُعدّ الإنسان السادي -بنزعته المتطرفة- من وجهة نظر الطب النفسي، إنسانا مريضا وغير سويّ، وهو يعاني من انتكاسة عقلية ونفسية، ومن اضطراب في الوجدان والعواطف والسلوك، يجعله غير طبيعي في شعوره وإحساسه نحو الآخرين، وهو -لذلك- لا يشعر باللذة والمتعة والسعادة، إلا حين يرى الآخرين يشْقون ويتألمون من أنات وآهات العذاب الجسدي والنفسي.
والإنسان السادي بهذا السلوك غير السويّ، والمنحرف عن الطبيعة البشرية، يكون قد خرج عن المألوف الاجتماعي الذي تنتظم به العلاقات الاجتماعية، في أطرها الدينية والأخلاقية والعرفية، وهو المألوف الذي يسعد فيه الإنسان المثالي بكماله العقلي والنفسي، بسعادة الآخرين ومتعتهم كما يبتهج بسعادته الشخصية، حين يتوفر لديه المال والجاه والصحة والعافية، والزوجة الصالحة والأبناء البررة الناجحون الفالحون..
وسادية شخصيات روايات ماركيز، وإن كانت خيالية في بعدها الدرامي، إلا أنها كانت تمثل السادية الواقعية في المجتمع الغربي، فهي انعكاسٌ لواقع ثقافي وأخلاقي كان سائدا في الطبقات العليا في بيئاتهم الارستقراطية، وهي انعكاس لما كان يشعر به الإنسان الغربي، ممن ينتمون إلى الطبقات الاجتماعية المرفّهة، بالمال والجاه والسلطة والإكليروس الديني، وتشمل طبقة النبلاء والإقطاعيين والأرستقراطيين، التي تنظّمها امتيازات النبالة المكونة من خمسة طبقات تراتبية، أعلاها الدوقية ثم رتبة الماركيز يليها الكونت أو الكونتيسة، ويُخاطب الكونتيسة باللورد، وتنتهي برتبة البارون.
كانت هذه الألقاب التشريفية، تميّز الطبقة فاحشة الثراء والجاه والوجاهة، وهم من يملكون الأراضي الكثيرة والقلاع العديدة، والعبيد والرقيق والمسحوقين من طبقة العمال والفلاحين والمعدمين، وقد ورثت أوروبا القرون الوسطى، هذه الألقاب التشريفية من اليونان القديمة والإمبراطورية الرومانية، وهذه الطبقة المميَّزة التي توارث الكبار من أبنائها هذه الامتيازات والتشريفات، هي ما جعل صفوات هذه الطبقة يتعالون على من دونهم رتبة ومنزلة، فكانوا يستحلّون أعراضهم وأموالهم، ويعتدون على نسائهم ليحققوا نشوة اللذة الجنسية، على حساب آهات المسحوقين المُعتَدَى عليهم.
وعصابات الصهاينة الذين اغتصبوا فلسطين السليبة، نشأوا وترعرعوا في البلدان الغربية دهورا طويلة، وتخلّقوا برذائل السادية التي كانت منتشرة في واقعهم الاجتماعي والسياسي والأخلاقي، وأصبح الفكر السادي بعد الثورة الصناعية والإصلاحات السياسية والاجتماعية الكبرى، التي نهض بها الثوريون والمثقفون والعمال والفلاحون والمعدمون، إبّان الثورة الفرنسية وما ولِيَها من ثورات حرّرت الإنسان الغربي من توحّش الارستقراطيين وساديتهم.

 حكام الغرب غارقون في نرجسيتهم السادية، ولم يروِ تعطشهم لشرب دماء الفلسطينيين غزارة هذه الدماء المسفوكة، ولم يُشبِع وحشيتهم ونهمهم هذا التقتيل والتدمير والتخريب، بل لم يبدوا أدنى أسفٍ أو ألَمٍ على هذه الجرائم التي لم يرتكبها الإنسان البدائي في عصور الظلمات، بل راحوا يتبجَّحون في سادية مقيتة ومن غير خجل ولا حياء، وبكلام المغرورين المستكبرين المنتشين بعذاب المستضعفين وأنَّاتهم، وقد انتُزِعت من قلوبهم الرحمة والرأفة، حين صرَّحوا بأن لـ”إسرائيل الحقَّ في الدفاع عن نفسها” وأنّ الحرب لم تحقق أهدافها!

أصبحت السادية بعد هذا التحوّل الكبير، تشكّل مخيال العقل الغربي والصهيوني، بعدما اكتسحوا العالم لاستعماره، وأصبحت عنصرا هاما من أخلاق الغزاة المستعمِرين، فكانوا يتلذّذون بعذاب المغلوبين من الشعوب المستعمَرة، وكانوا يستمتعون باغتصاب العواتق من العازبات، وانتهاك حرمة النساء المتزوِّجات أمام أزواجهن وأبنائهن وذويهن، ويحتفلون بتدمير القرى وتحريقها وتجريفها على رؤوس أهلها، وتعرية الرجال والنساء وسحلهم وتعليقهم على الأعمدة وجذوع الأشجار، أو رميهم في الأخاديد والآبار ومن أعلى الشواهق والطائرات وهم أحياء.
وكانوا وهم يفعلون ذلك، يسرفون في الضحك والقهقهات وشرب الخمور، من فرط الابتهاج والشعور باللذة والمتعة بعذاب المقهورين المغلوبين، وقد رأيتُ ذلك –عيانا- إبان ثورة التحرير المجيدة، حينما كانوا يعبثون بنساء القرية المسكينات، المتجمِّعات مع بعضهن في فضاء خارجي للحماية من الخلوة ببيوتهن، وكان جنود عصابات الشر من الساديين الاستعماريين، يتلمّسون أعضاء حساسة من أجسادهن وهم يتلذذون بهيجان غرائزهم الشريرة، والنساء المسكينات يتوارين ويَلُذْن بأجسادهنّ تهرُّبا وهنّ مذعورات، كالحات الوجوه من الخوف الشديد، وكانت فرائصهنّ ترتجف من خوف الاعتداء المباشر عليهنّ، كما وقع مع إحدى المسكينات في إحدى النكبات، ونحن صبية ننظر من قريب، خائفين وجلين من الاعتداء على أمَّهاتنا أمام أعيننا من غير أن نملك حولا ولا قوة، ندافع بهما عن شرف أمهاتنا المذعورات، لأن آباءنا كانوا في صفوف جيش التحرير بالجبال والحدود الشرقية.
ولهذا أبغضُ المتيّمين من بني جلدتنا بحب فرنسا وثقافتها ولغتها، ممن يتلذّذون برطانة لغة العدو الفرنسي السادي حين يتكلمون بها من غير ضرورة، إمّا لأنهم لم يعايشوا ويلات الاستعمار السادي البغيض، أو لأنهم كانوا مُحصَّنين آمنين في المدن في معاشرة حميمية مع المستعمِرين، مندمجين معهم في المدارس الاستعمارية، فشربوا من مَعين ثقافي ولغوي واحد، أو لأنهم خانوا ميثاق الثورة وعهد الشهداء والمجاهدين الحقيقيين، وفي كل الأحوال فهم يسيئون إلى الوطن والشعب الجزائري، وإلى جراحه وعذابه وآهاته وأنينه وتضحياته الجسام.
وغرضي من هذا المدخل في تعريف السادية، وجرائمها البشعة ذائعةِ الانتشار في المجتمع الغربي، حينما كان تسوده الطبقة الارستقراطية المتسلطة، أو حين تخلّص من هذا النظام الطبقي، وانتقلت الأخلاق السادية من المترفين المنعّمين إلى عموم الفئات المثقفة والإعلامية والسياسية وغير السياسية، حتى شملت العوام والصعاليك من الأوباش وسفلة الناس، كان هذا المدخل ضروريا حتى يمكن للقارئ الكريم، ممّن لم يسعفه الحظ لمعرفة طبائع الساديين الغربيين واليهود الصهاينة وأخلاقهم، كيما يقف بنفسه على أصول الأخلاق السادية التي جعلت عصابة الكيان والصهيونية العالمية، وطبقة الحكام والإعلاميين والنواب في الغرب اليوم، يتلذذون بذبح الفلسطينيين من غير شعور بالخزي والعار، وكيف أصبح العالم اليوم يرى حكامَ الغرب منتشين بالسرور والحبور من نشوة التقتيل والتدمير، وهم يستمتعون بعذاب الغزاويين وآلامهم وجراحهم، وآهاتهم وأنينهم ودموعهم وأشلاء موتاهم وأبنائهم وذويهم، وهي تُستخرج من تحت الحطام والأنقاض، وقد دُمِّرت مدينتهم ولم يبق فيها مَعلَمٌ أو عَلَمٌ، أو أثر أو حجرٌ على حجر.
وزادت عصب الكيان من فرط الابتهاج والشعور باللذة ونشوة الانتصار، أن أقاموا الأفراح والحفلات والأهازيج، تحت نغم الموسيقى الصاخبة، والتوشّح بأزياء الفلسطينيين المقهورين تمثّلا وتشفيّا، في رقص بهلواني وتمايل وتكسّر وشراب وصخب وعناق، وتبادل القبلات والتبريكات والتهاني، فرحين جذلين بتدمير مدينة غزة العامرة، بأبراجها ومساجدها وعماراتها ومرافقها وأسواقها، وتشتيت أهلها ونسائها الثكالى وقلوبهم تعتصر من شدة الألم والظلم والقهر، في تراجيديا مأساوية لم يحدث لها مثيلٌ في تاريخ الحروب، وهم متفرِّقون في الفيافي والبراري، من غير وجهة آمنة يأوون إليها، أو سقف مَكين يحتمون به من عاديات الطبيعة وقساوتها وضراوتها.
وحكام الغرب غارقون في نرجسيتهم السادية، ولم يروِ تعطشهم لشرب دماء الفلسطينيين غزارة هذه الدماء المسفوكة، ولم يُشبِع وحشيتهم ونهمهم هذا التقتيل والتدمير والتخريب، بل لم يبدوا أدنى أسفٍ أو ألَمٍ أو ندمٍ على هذه الجرائم التي ارتكبتها عصابة الكيان، بأسلحتهم وتحت سمعهم وأبصارهم وأوامرهم، وهي الجرائم التي لم يرتكبها الإنسان البدائي في عصور الظلمات، بل راحوا يتبجَّحون في سادية مقيتة ومن غير خجل ولا حياء، وبكلام المغرورين المستكبرين المنتشين بعذاب المستضعفين وأنَّاتهم، وقد انتُزِعت من قلوبهم الرحمة والرأفة، حين صرَّحوا بأن لـ”إسرائيل الحقَّ في الدفاع عن نفسها” وأنّ الحرب لم تحقق أهدافها!
وممّا زاد من وحشية سادية عصابة الكيان وعجوز البيت الأسود، والحكام والسياسيين والإعلاميين في الغرب، واستمتاعهم بشرب الدماء الفلسطينية وعذابهم الجسدي والنفسي، هو ما ترسّخ في وعيهم ووجدانهم وثقافتهم وميولهم، الواقعية السادية المتجذّرة في عقولهم وعواطفهم وسلوكياتهم المقبوحة.
وقد ازدادوا استغراقا في السادية والنرجسية، ما رأوه من ردّة خلف الذرية المستنسخة من نسل أحفاد أبي جهل وأبي لهب، وعبد الله بن سلول وحيي بن أخطب ويهود بني قريظة الناكثين للعهود، والخائنين للميثاق المعقود بينهم وبين النبي (ص) في ساعة العسرة في غزوة الأحزاب، فهذه الذرية المارقة التي آلت إليها قيادة الأمة اليوم، هم من أصبحوا يجاهرون في علانيتهم وسرِّهم بمظاهرة الصهيونية وعصابة الكيان، وأصبحوا يحرّضون على تقتيل الفلسطينيين وإبادة المقاومين منهم بخاصة، وما نقموا منهم إلا أن قالوا ربّنا الله، وهؤلاء النابتة نبتوا على معاداة الله ورسوله والمسلمين جهارا نهارا، من غير خوف ولا خجل، ولا شعور بالحرج والخزي والعار وملاحقة لعنات التاريخ لهم.
هذه هي النكبة الحقيقية التي حلّت بالأمة اليوم، من سلوك هذا الخلف الذي لطّخ سمعة العرب والمسلمين بالخزي والعار، وأصبحوا يتنافسون في إحياء مظاهر الوثنية والجاهلية بكل تجلياتها، والله غالبٌ على أمره.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!