-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

تفاقم المحن والكروب في فتنة الجنوب

تفاقم المحن والكروب في فتنة الجنوب

أي شيطان مارد، من شياطين الإنس أو الجن، انفلت من تصفيده، وتحرر من تقييده، فمس أهالينا في الجنوب، بزرع القتل، والدمار بين صفوفهم، وإشاعة الثأر والعار، بإرغام أنوفهم.

لقد تكلست  _يشهد اللهالحروف والكلمات في أقلامنا، وجمدت الدماء في عروقنا، وتعطلت لغة الكلام في أفواهنا وحُلوقنا.

إن الذي يحدث في جنوبنا عموما، وفي منطقة غرداية، على الخصوص، لنذير شؤم، يبعث به أعداء الجزائر، وما أكثرهم، إلى ضمائرنا، وحرائرنا، وكل المخلصين في جزائرنا.

لقد تشابكت، الأغراض، والعلل، فالتقت، البطالة والعمالة، والطائفية والحزبية، والعصبية والمذهبية، لتنفخ كلها في نكير الفتنة بالجنوب الجزائري العزيز.

فبعد عين صالح، وورقلة، وتقرت، ها هي الفتنة الكبرى، تستقر، للأسف الشديد، في منطقة غرداية، حيث ترعرع الألم الدفين، وتعفن الجرح المكين، وها هم أبناء الوطن الواحد، والملة الواحدة، يكفر بعضهم ببعض، ويقتل بعضهم بعضا، ويلعن بعضهم بعضا، ولا ندري بأي مذهب يقتدون، ولا على أية فتوى يستندون، ومع ذلك، فهم في الفتنة منغمسون، وبالحقد مسلحون؛ وعلى تخريب الديار مصممون.

يالله! هل كتب، على جنوبنا الجزائري، وهو الأرض الخصيبة، للعقلاء، والأدباء، والشعراء، والحكماء، أن يتحول إلى مرتع للدهماء، وزارعي الفتن من الأشقياء، والعملاء، والدخلاء؟

كيف فشلنا _جميعاًوفينا الصالحون، والمصلحون، والعلماء، والمجاهدون، كيف فشلنا جميعاً، ونحن عصبة، في إطفاء نار الفتنة، واستئصال جذورها؟ لئن لم نقض على هذه المأساة، فإنا إذن لخاسرون.

ألا فليعلم الجميع، أن مأساة غرداية، هي جزء من الكل، أي من مشاكل الجنوب كلها، وأن مشكلة الجنوب، ليست بمنأى عن مشكلة الجزائر كلها؛ ألا فليشهد الثقلان، أن ضرب الجنوب، هو جزء من ضرب استقرار الجزائر كلها، فأعداء الجزائر لا يزالون يراهنون على ضرب الاستقرار الجزائري، وعوامل ذلك، متوفرة في مصر، وليبيا، وتونس، ومالي، وغيرها، كي تصبح الطريق سالكة، لتجسيد المخططات الشيطانية..

غير أن ما يؤلمنا حقا، هو وجود القابلية فينا، لهذه العدوانية من جانب أعدائنا، فنحن نوشك أن نوطد لهم أكناف البيت، ونضع لهم السُلّم، كي يتسلقوا. وما السّلّم إلا هذا الانسلاب الفكري والثقافي الذي نعانيه، والفساد الاجتماعي والأخلاقي الذي نحن فيه، وفقدان الوعي بمخاطر الوطن، والتحديات التي تستهدفه، فيما يلاقيه..

لقد نجح العدو، المتربص بنا، في شل طاقات الذات، وإصابتنا بمختلف الآفات والعاهات، وهي كلها سوء مقدمات لتحقيق ما يقع وما هو آت.

لقد سبق، وأن أعلنا، في أكثر من مناسبة في هذا المستوى من التعليق، أن قضية وادي ميزاب، التي تطل برؤوس فتنتها، في كل آن وحين، غير مستعصية الحل، إن وجدت مخلصين لوطنهم، مؤمنين بربهم، مسلمين في عقيدتهم. بهذه المقومات، كفيلة بأن تجعل كل وطني، مؤمن مسلم، يدوس على النعرة الطائفية، والعصبية المذهبية، في سبيل الوحدة الوطنية، والوحدة الإسلامية

ولقد أعلنا في أكثر من مناسبة، أننا بدافع من الحيادية الإيجابية، فإننا في جمعية العلماء على استعداد لجمع الفرقاء من إخواننا الإباضية، والمالكية، على طاولة واحدة، بعيداً عن كل أنواع الضغوط في مدينة جزائرية ما، وتدعى إلى هذا اللقاء، كل الفئات الفاعلة في المجتمع، والمنفعلة بنار الفتنة، من الأعيان، والشبان، والفقهاء، والعلماء، لاستئصال الداء، وإيجاد الدواء، والخروج بوثيقة معاهدة تقتبس من عهد الفضول، أو من صلح الحديبية، مع الفارق، يلتزم بها الجميع، التزاماً وتطبيقاً. وإننا، بالموازاة لهذا المسعى، ندعو السلطة إلى التزام المزيد من الحزم، والعدل، والضرب بيد من حديد، على كل من تسول له نفسه المساس بوحدة الوطن، أو سلامة المعتقد.

إن موقف السلطة الحازم، والعادل، والمحايد لهو المقدمة السليمة، لتحقيق النتائج السليمة. كما أن الأعيان والعلماء، من أهالينا، بمالكيتهم وإباضيتهم، مدعوون، هم أيضا، إلى تطهير صفوفهم، من الغلاة، والمتطرفين، والمتشددين، والمتسللين، تحت أغطية مختلفة، فهم يفسدون في المذهب ولا يصلحون.. إن هذا النوع من الغلاة، والمتعصبين موجودون في كل فئة، ولدى كل مذهب، ولا أدل على ذلك من أننا عندما قام وفد من جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، بزيارة ضحايا الانفجار الشنيع، الذي وقع في غرداية، عندما قام الوفد بزيارتهم في مستشفى الدويرة، فوجئنا بمن كتب عن الوفد عبارات نابية، مثليقتلون القتيل ويمشون في جنازته“.

وعندما أدنّا، بعض التصرفات التي وقعت على بعض السكان الإباضيين، فوجئنا بمن يتهمنا، بأننا، نغرف من ينبوع واحد، ونرى بعين واحدة، متهمين إيانا بالحول في النظرة، وعدم النزاهة في الحكم.. لذلك يجب الإقرار بوجود التطرف في الجانبين، وأن المائدة الحوارية التي ندعو إليها في مدينة محايدة، ستمكن الجميع من وضع مشاكل الجميع على مشرحة البحث، والعمل معا، على اجتثاث الأسباب العميقة، وإيجاد الحل الجذري للمشكل بكل شجاعة، ونزاهة، حتى نقضي _إلى الأبدعن هذه الفتنة، التي أصبحت تمثلعارنا في الجزائرعلى حد تعبير الفيلسوف الفرنسي جان بول سارتر.

فيا قومنا!

نحن مطالبون، أكثر من أي وقت مضى، بضرورة النظر، بكل شجاعة، إلى الأمور بمنظار الواقعية التي تحتم على الجميع، السمو إلى مستوى المرحلة المطلوبة في سياقها الوطني، والإقليمي، والاستراتيجي. فليست مشكلة غرداية وحدها، التي تقض مضاجعنا، ولكن بالموازاة، هناك مشاكل الجنوب المتراكمة، ممثلة في البطالة، وانعدام السكن، وتفشي مختلف الآفات كالمسكرات، والمخدرات، والدعارات، وهي كلها مفاتيح شر، لبؤر الفتن والضر.

فلنعمل بالموازاة مع درء فتنة غرداية والقرارة وبريان، على تحصين شبابنا في الجنوب، وهو صاحب الذات الهشة، من هبوب سموم الأفكار الهدامة والدخيلة التي تنخر جسمه، وتفسد عقله، وتنهك روحه.

إن فتنة الجنوب، بكل مكوناتها، هي التي صنعت اعتصام عين صالح، ومظاهرات ورقلة، ومطالب تقرت، ومحنة وادي ميزاب، ولابد من التصدي للكل، حتى لا تنتقل _لا قدر اللهإلى أماكن أخرى من الوطن، فيتسع الخرق على الراقع، ولاة حين مناص.

حمى الله وطننا من كل الآفات، ودعوة إلى تكاتف، وتعاون، ووعي كل الآفات..

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
  • ali

    عما تتحدث يا هذا إنك خارج الإطار أو أنك أباضي خارجي لأن كلامك بعيد عن الحقيقة التي يعرفها سكان غارداية عن الاباضية فهم خداع ويتصفون بالمكر كأسلافهم ،ليعلم الرأي العام أن الأباضية الخوارج قبل هجومهم على عدة أحياء مرة واحدة في القرارة قد أمروا كل أباضي يسكن أو له محل على التماس مع العرب بأن يغلق محله أو أن يأخذ حذره من الآتي وهذا دليل قاطع على تخطيطهم الجهنمي اليهودي ثم يأتون يبكون بأنهم مظلومين أمام القنوات لعنة الله عليهم وعلى مخططاتهم .

  • hamza benabide

    نحن شباب الجزائر ما زالت الجمعية كبيرة في عيوننا هي وعلمائها نتمنى أن تنجب لنا أمثال بن مهيدي محمد الصديق بن يحي نملك الأفكار والطموح ولا نجد من يقودنا ألا فافتحو لنا أضرعكم قبل أن تضيع منا جزائرنا

  • ilyes

    جزاك الله عنا خيرا أستاذنا الفاضل . إلا أنه هناك أمور يجب ضبضها في تصريحاتنا. فمصطلح المالكية يكرس الطائفية و المذهبية لأن المشكل لم يكن بين المالكية و الاباضية بل بين الميزابيين و الشعانبة و لا يمثل هذا الاخير المذهب المالكي و قد لصك المصطلح المالكي للأستعطاف و جلب أكثر عدد من الانصار ضد الطرف الآخر .
    لعن الله من أوقد هذه الفتنة ...
    ما أحوجنا لان يكون العلماء في الصدارة ...

  • salim

    وأن المائدة الحوارية التي ندعو إليها في مدينة محايدة، ستمكن الجميع من وضع مشاكل الجميع على مشرحة البحث،

    أتطوع لاحتضان هذا اللقاء في بيتي و أدعو الدكتور قسوم ومن معه إلى هذا اللقاء و في أسرع وقت أهلا و مرحبا بالجميع

  • نورالدين الجزائري

    5 ـ دور جمعية علماء المسلمين .. معروف بشهادة القائمين بها أنها ضعيفة المسعى ، و الفشل في الواقع خير من النجاح في إدعائه، و عندما نرى منها مبادرة ملموسة الخير في طيّاتها نقول لها الله يجزيك يا أختاه ! كما جزى الله تعالى مَن أسسك فهي لم تقول للسلطة قولا بليغا أو جالست أهل غرداية في أطيافها و عشائرها بدون استثناء... و حلمي أن أستمع لكل منهما و يزداد حلمي أن أنصف بينهما !!!
    و نحن على أبواب عيّد فلتكن إبتسامتنا هي إبتسامتهم و الفرح المشترك فرحان و الحزن المشترك حزنان !
    ربيّ ألطف و أعن و أنتصر !!!

  • نورالدين الجزائري

    النيران و الدخان المتعاليان و لكنها تركت الجمر يلهب تحت الرماد ! السلطة الحكيمة هي مثل الأب إذا أخطأ أو زل الصبي نزل إليه بركبيته و دنى منه دنو أوراق الأشجار للثمار في لطف حوار صدق و أمان ...و كم من فرصة لم تبادر فأصبحت غصّة !
    4 ـ العدو المتربص بنا.. هو حسب ما أرى هو النفس عندما تخلو من الطيّب في القول و العمل ، و الزاوية الوحيدة من الكون تستطيع إصلاحها عي أنفسنا، أما العدو فهو موجود لا يخلو الكون منه و إلا ما كانت هذه الكلمة موجودة ؟ و لكن... و كل سوء خارجي مرتبط بمدى قابليته أو رفضه كالمرض

  • نورالدين الجزائري

    من قريش و قصوّتها ، أما أن نقول الصلح الذي حدث في المدينة بين مهاجري و أنصاري الكل منها ينادي على أتباعه و أنصاره في نعرة جهلاء كادت تعصف على الخير القليل المهاجر من مكة و المناصر من المدينة ليحموا بيضة الإسلام في هشاشتها ! خرج عليهم صلى الله عليه و سلم مخاطبهم بقول بليغ أبكاهم و أرجعهم إلى رشدهم : إنها جاهلية نتنه دعوها ! و لم يأمر عليّ أن يكتب بين الطائفتين كلام الأوس و الخزرج عبارات القتال المؤقت بل سمعوا كلمة حق نقشت على صفحات قلوبهم للأبد !
    3 ـ دعوة السلطة أن تكون أكثر حزما .. نعم هي خمدت

  • نورالدين الجزائري

    فشل حل الأزمة و فساد في النفوس و العمران ... المنطق و الواقعية هي ليست الأعرج الذي يعلمنا الركض بل تجعلنا نبحث عن السيئات و ننتصر للحسنات .
    1 ـ شيطان الجن بريء مما يحدث كبراءة الذئب من يوسف ، أما شيطان الإنس منهم مَن يوحون السم و يحركون السيوف ، و الأخيار ساكتون ، فالمسألة تدور بين بني البشر لا وجود للجنية الطاوس و أخوتهـا !
    2 ـ وثيقة صلح كصلح الحديبية ، أنا أؤمن أن أهل غرداية العقلاء يخجلون من صلح مؤقت لماذا ؟ لأنهم من أهل الإسلام و أنصاره ، فلا توجد طائفتين كطائفتي أهل المدينة و عدوّهم من

  • نورالدين الجزائري

    رحلة في الذاكر لتنظيف البيت من الداخل !
    شيخنا الكريم بحديثه أدخلنا في معترك و مفترق الطرق بذكر العديد من الأسباب التي تفاقمت على هذه المنطقة من البلاد . لقد أورثنا موروثا من الفساد و الإستبداد السياسي و المدني أبعدنا عن الواقع و الحق فأحصرنا العقلانية و المعرفة بفكر العصور الوسطى العصى لمن عصى و تفضلنا بالنقل على العقل ، لينتج لنا تصحر ثقافي و معرفي في صحراء الفساد بفتنه أدى لتقليص حريات العباد و اغتصب حقوقهم مما زاد ضغط للإنفجار أعنف و زلزال أكثر تدميرا .
    النظرة السطحية للأحداث تزيد فشل في

  • zawali uk

    نحن بحاجة لجيل ايجابي محب منتج قلبه خالي من العقد و الكراهية قلبه مليئ بالايمان و العلم , و ليس كومة مليئة بالغضب و الكره و النقمة و العقد ... و المسؤولية تقع على الجميع الاسرة المسجد المدرسة الاحزاب الصحافة الدولة الشاب الشيخ المراة الطفل .. بكل شجاعة و حزم و تواضع يجب ان نعترف بتقصيرينا و نلوم انفسنا قبل الغير ...

  • zawali uk

    للاسف الشديد مع كل الازمات التي مرت و تمر على الجزائر و الاقطار الاسلامية , كل مانشاهده على شاشاتنا و نسمعه و نقرأه هو العنف و الكره و الشكوى و الهمز و اللمز و الغيبة و النميمة و البغضاء و التنابز بالالقاب ... هو خطاب فاشل خالي من الايجابية و المحبة في الله و النصح و الاخاء و الاحترام و السمو و العدل حتى في هذا الشهر الفضيل .. هل الظلم و البغضاء اعموا قلوبنا ؟ فالكل يهمز و يلمز و يشكك و يسب و يلقي الاحكام التي ستكون لها ردة فعل لامحال .. اين الصبر ؟ اين الحكمة ؟ اين المحبة ؟ اين الاحترام ؟

  • حمار الحكيم

    حفظك الله ورعاك يا أستاذنا الفاضل و يسر لك الوصول إلى مسعاك الذي هو مبتغى كل جزائري غيور على وطنه, اللهم اهد الغلاة المتطرفين من الطرفين بفضل بركة اواخر الشهر الفضيل, كما أتمنى ان تلقى دعوتكم هذه آذانا صاغية من السلطة و طرفي النزاع

  • hamid

    ان احسن جيل انجبته الجزائر هو الجيل الذي فجر الثورة وكان ناتج لاصلاحات وسياسة جمعية العلماء بقيادة العظيم ابن باديس رحمه الله .
    لذلك ندعو جمعية العلماء الى طرق كل الابواب لخلق جيل مماثل لذلك الجيل يكون حامي الارض والعرض والذين.