تفريغ البلاد من العباد
الآن بعد أن أصبحت عدوى الحرڤة والفرار من البلاد تنتقل من فئة إلى أخرى من المجتمع، كما تنتقل الأوبئة الفتاكة السريعة الانتشار أو كما تنتقل النار في الهشيم، هل يمكن مواصلة القول إن هذه الظاهرة مجرد نزوة شباب يريد تغيير الأجواء وإشباع الفضول كما تروج له السلطات وبعض الجهات؟.
-
وماذا يمكن أن ننتظر في المستقبل بعد أن فعلها أفراد فرقة البالي الوطني الذين قاموا بالحرڤة على طريقتهم واختفوا غداة تقديم عروض نالت إعجاب المتفرج الكندي في مونريال بمناسبة ذكرى أول نوفمبر؟ فيا للذكرى ويا للصدفة..
-
إننا نعرف من العينات المقبلة على الحرقة أن جل الشعب الجزائري يريد أن يحرق ويفر من بلاده أو على الاقل 95٪ منه يريد ويتمنى ذلك، أي أن الأغلبية المحقورة في البلاد ترغب في الحرقة ولو من باب التعبير عن ذلك في سبر الآراء ولا يبقى متمسكا بالبقاء إلا الأقلية التي تمارس الحقرة والمستفيدة مباشرة ولوحدها من مداخيل المحروقات التي تعادل 95٪ من المداخيل العامة للبلاد وهذا ما يعني ان ثمة دائما علاقة عضوية بين تنامي مساهمة عائدات المحروقات وتنامي ممارسة الحقرة. ولكن ان يقوم أعضاء فرقة البالي الوطني بهذه المبادرة وهم لا يقلون أهمية فنية وقيمة اجتماعية عن أعضاء فرقة بالي البولشوي او مسرح برودواي أو عن أعضاء فرقة كركلا فهذا يعني أن الأمور في الجزائر قد وصلت إلى نقطة اللارجوع وأن الذين خططوا لتفكيك الجزائر قطعة قطعة في المجالات السياسية والاقتصادية الاجتماعية والأخلاقية وإخلائها من شعبها قد نجحوا كل النجاح، ثم ماذا يمكن ان ننتظر من راقص بالي والجهد الجبار الذي يبذله والأجر البئيس الذي يتقاضاه والحڤرة التي يرزح تحتها كباقي أبناء الشعب، أن يفعل أكثر أو اقل مما فعل؟.
-
الكثير من الناس أصيبوا بالذهول عندما عرفوا عن طريق “الشروق اليومي” أن عضو فرقة البالي الوطني لا يتقاضى أكثر من 14 ألف دينار في الشهر أي أقل من الحد الأدنى للأجر الوطني المضمون رغم انه زيادة عن المجهود العضلي الذي يبذله يعتبر سفيرا لثقافة وقيم الجزائر في العالم وطالما قام بهذه المهمة على أكمل وجه فيما يتقاضى السفير السياسي، الذي لا يمثل إلا النظام ونفسه، أكثر من 50 مليونا، وهذه مرآة أخرى للأقلية التي تستحوذ على عائدات النفط والغاز دون منازع.
-
وما يزيد الطين بلة في هذا الوضع أن السلطات تضع القوانين لمعاقبة أفعال الحرقة من خلال معاقبة الحراقة الفاشلين في إتمام عملية الانتقال إلى الضفاف الأخرى والذين يقعون بين أيدي مصالح الأمن وكأنها تشجع كل حراق على فعل المستحيل من اجل النجاح في مهمته حتى لا يقع عرضة للعقاب والسجن، لا لشيء، إلا انه عاد إلى البلاد فكأنما هناك سياسة مقصودة لتفريغ هذه البلاد من عبادها.