الرأي

تفسير واحد لحال العرب

محمد سليم قلالة
  • 1248
  • 6

التفسير الطائفي للعلاقات العربيةـ العربية غير صحيح، لأن دول الخليج السُّنية مثلا لا تعادي فقط إيران الشيعية بل تعادي قطر السُّنية أيضا، ولا تقف في وجه حزب الله الشيعي فقط وتُصنِّفه ضمن الجماعات الإرهابية، بل تقف في وجه الإخوان المسلمين السُّنة وتصفهم بالجماعة الإرهابية أيضا.
والتفسير القومي لهذه العلاقات غير صحيح أيضا لأنه لم تعُد هناك من دولة عربية تربط علاقتها مع دولة عربية أخرى من منطلق الانتماء إلى الأمة الواحدة؛ فسورية اليوم، لم تعُد جزءا من العروبة لأن بها نظاما سياسيا تحالف مع الروس ضد الأمريكان، أما أمريكا فقد أصبحت “خادمة” للعروبة لأنها تهاجم سورية المارقة عن العرب من جهة، وتُقدِّم السلاح والعون للتحالف العربي لتأديب ذلك الجزء من اليمن الرافض لتقديم الولاء للعرب. أما الكيان الإسرائيلي المغتصِب لأرض العرب فقد أصبح الودُّ إليه موصولا على طبق من ذهب، مقابل ذلك الجزء من الفلسطينيين المقاوم في غزة الذي أصبح الحقد إليه مرسولا حتى وإن نادى: “انصرونا يا عرب”..
والتفسير الاقتصادي لهذه العلاقات غير صحيح أيضا، لأنه لا علاقة اقتصادية بين البلدان العربية، فكلٌّ مرتبط بالسّيد الذي يحميه، إن كان أمريكيا أو فرنسيا أو بريطانيا أو روسيا أو غيره، يغدق عليه بالأموال، ويُمكِّنه من الثروات، ويزيد على ذلك فلا يبيع ولا يشتري إلا من عنده، بل ويقاطع ويُحاصر ويغلق الحدود بينه وبين أخيه “العربي” إرضاء له وتطبيقا لتعليماته حتى لا تكون هناك سوقٌ عربية مشتركة ولا حتى خليجية أو مغاربية من شأنها أن تنقص قليلا من هيمنة غير العربي المطلقة على الأسواق العربية ولو جاء من الصين.
ومهما حاولتَ أن تجد تفسيرا لطبيعة العلاقات فلن يستقيم لك الأمر، لأن المسألة مرتبطة أولا وأخيرا بنوعية قيادات ونوعية نخبة مازالت تعيش الاستعمار والإذلال بداخلها، لأنها لم تكن أبدا منبثقة من رحم شعوبها ولا مُعبِّرة عنها من خلال شرعية سياسية حقيقية قائمة على حرية الاختيار وعلى مبدإ احترام إرادة الشعوب.
ولن يستقيم أي تحليل لهذه العلاقات في المستقبل، إذا لم يُنظَر إليها من زاوية شرعية أنظمة الحكم. مَن يَحكم مَن ومَن يُمثِّل مَن وكيف؟ ما دامت هذه الشرعية غير مُتوفرة، فإنه لا قمة رؤساء تنفع، ولا قرارات وزراء ستُطبق، ولا سياسات حقيقية ستبرز إلى الوجود. ستبقى العلاقات العربية ـ العربية تحكمها النوازع الشخصية، والحسابات الضيقة، وتأثير المصالح الأجنبية.. وستبقى كل محاولات تفسير حقيقة ما يجري مجرد تبرير لمواقف هذه الجهة أو تلك، هذه المجموعة أو تلك، هذا “الزعيم” أو ذاك. ولن يتمكن أي محلل من فهم ما يحدث لأنه سيتعامل مع “قادة” تحكمهم النزوات والأهواء والولاءات الضيّقة، لا المؤسسات.. اليوم هم معك وغدا هم عليك.. اليوم يبيعون القدس وغدا يتراجعون، اليوم يساعدونك، وغدا يعادونك، اليوم أنت منهم وغدا هي الحرب عليك… أليست هذه هي حالنا؟ كيف نأتمن هؤلاء؟ كيف نأمل الخير فيهم؟ وكيف نُبقي مصيرنا بين أيديهم؟

مقالات ذات صلة