الرأي

تقدير أم مقايضة؟

رشيد ولد بوسيافة
  • 3679
  • 2

الرسالة التي وجهها “سعيداني” إلى الزعيم التاريخي حسين آيت أحمد والتي يدعوه إلى العودة عن قراره باعتزاله العمل السياسي.. هذه الرسالة تطرح أكثر من تساؤل حول الهدف من هذه المبادرة التي جاءت في ظرف سياسي حساس يتميز باصطفاف حزبي، أصبحت ملامحه أكثر وضوحا بعد الترتيبات التي أجراها الرئيس بوتفليقة في أعلى هرم السلطة والتي هيأ من خلالها الأجواء لاستمراره في الرئاسة.

الأكيد أن سعيداني ومن حثه على هذه المبادرة الكبرى للتحالف مع الزعيم حسين آيت أحمد الذي ظل يمارس معارضة راديكالية للسلطة منذ سنة 1962.. لم يفعل ذلك حبا في هذا الرمز التاريخي بقدر ما أقدم على ذلك بدافع الاستفادة من شعبية الرجل ومصداقيته لدى الشارع الجزائري لتجاوز الوضعية الدقيقة التي تمر بها السلطة.

 “إن اعتزالكم الحياة السياسية خسارة كبيرة نظرا لما كان من الممكن أن تكون عليه مساهمتكم الفكرية في حوار الأفكار… ومن الواجب على مساركم في الشرف والمثالية وما تجسدونه في الضمير الجمعي كرمز، المواصلة في إلهام الأجيال الحاضرة وأجيال المستقبل”… من كان سيصدق هذا الكلام من السلطة لو قيل قبل سنتين فقط عندما كان الزعيم آيت أحمد يتهم بالتآمر على كرسي الرئيس!؟

هل هي استفاقة ضمير جعلت السلطة تراجع موقفها من واحد من أنقى المناضلين الوطنيين قبل وأثناء وبعد الثورة التحريرية، أم هدف المبادرة هو استمالته لتحقيق مكاسب سياسية خصوصا بعد بروز أصوات معارضة بدأت تقلق السلطة لدرجة التضييق عليها ومنعها من عقد لقاء تنسيقي فيما بينها!؟ وعليه فإن صرخة سعيداني قد تكون صيحة في واد على أساس أن حسين آيت أحمد قد لا يعطي تزكية بهذا الحجم لوضع سياسي يدرك أكثر من غيره أنه أعوج.

 

عندما تعترف السلطة بالعمل السياسي الحقيقي، وعندما تقتنع بفكرة الديمقراطية التي تعطي الحق للشعب في اختيار من يحكمه وتعطي له الحق في اختيار من يمارس عمل الرقابة والمحاسبة، وعندما تعود للبرلمان قيمته، وعندما ترفع السلطة يدها عن الإعلام والقضاء والمجتمع المدني وحتى عن الطبقة السياسية، عندها لن تكون مضطرة لاستجداء أحد ولو كان بحجم الزعيم التاريخي وأبو الجزائريين جميعا “الدا حسين”.

مقالات ذات صلة