تقرير أسود.. وماذا بعد؟
نتائج الانتخابات أعلنت قبل جمع المحاضر وضبط الأرقام، ونسبة المشاركة قفزت من 4 بالمائة إلى 15 بالمائة خلال ساعتين فقط، والتصويت بالوكالة بلغ مستويات قياسية أعطى الانطباع بأن المجتمع كله غائب، وتسجيل جماعي للأسلاك المشتركة في القوائم دون إثبات أسباب الشّطب وخارج الوقت القانوني للتسجيل… هي بعض الملاحظات التي سجلتها اللّجنة المستقلة لمراقبة الانتخابات في تقريرها الأسود الذي أعدته حول سير العملية الانتخابية.
هذه الملاحظات وغيرها التي سجلت على الأحزاب والإدارة ينبغي التوقف عندها، لأنها تطعن بشكل كبير في مصداقية الانتخابات التي أفرزت نتائج فاجأت الفائزين فيها قبل الخاسرين، وأفرزت برلمانا هشا تسطر عليه أغلبية غثائية لا يمكن أن ننتظر منها شيئا في محاسبة الجهاز التنفيذي ومراقبة عمله والقيام بدور تشريعي حقيقي.
عندما تقول لجنة مراقبة الانتخابات وهي الجهة الوحيدة المخولة لتقييم مصداقية الانتخابات، بأن النتائج التي أعلنها المجلس الدستوري غريبة وأن وزارة الداخلية استبقت إعلان النتائج في وقت كان المكلفون بحساب النتائج وجمع المحاضر يقومون بعملهم، عندها يمكن القول أن الدّخان لم يكن من عدم، وأن السّلطة ينبغي أن تتوقف عن سد آذانها عن الأصوات التي تعلو هنا وهناك وتنتقد العملية الانتخابية برمتها.
وبعد هذا التقرير الأسود، هل ستستجيب السلطة للتوصيات التي تضمنها؟ أم أنها ستتجاهل كل الأصوات المنتقدة ولا تسمع إلا من يشيد بنزاهة الانتخابات وبالجو الديمقراطي والشفاف الذي ساد العملية وغيرها من العبارات الصادرة عن بعض الدول والقوى الأجنبية التي لا يهمّها أن تعيش الجزائر جوا ديمقراطيا حقيقيا بقدر ما تهمها مصالحها في أكبر بلد في إفريقيا.
إن أقل ما يمكن أن تفعله السلطة لإعادة تقويم المسار هو النظر في التوصيات التي قدمتها اللجنة في تقريرها وعلى رأسها إعادة النظر في القانون العضوي للانتخابات الذي أنتج خريطة سياسية في البرلمان لا علاقة لها بالأصوات التي منحها الشعب لمختلف التشيكلات السياسية، ومراجعة نسبة 5 بالمائة الإقصائية، وفتح تحقيقات في نتائج الانتخابات والتسجيلات الجماعية للأسلاك المشتركة، وغيرها من التجاوزات التي أفسدت على الجزائريين فرصة المرور نحو عهد جديد من الفعل الديمقراطي الحقيقي.