-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

تنظيمٌ محدود أم دولة عظمى؟

حسين لقرع
  • 2040
  • 5
تنظيمٌ محدود أم دولة عظمى؟

يُخيّل لمن يطلع على تصريح وزير الدفاع الأمريكي السابق، ليون بانيتا وهو “يبشر” العالم بأن الحرب على تنظيم “الدولة الإسلامية” المعروف اختصاراً بـ”داعش” ستستمر “ثلاثين عاماً على الأقل”، أن أمريكا وحلفاءها الستين سيحاربون دولة عظمى لها جيش من ملايين المقاتلين وأسلحة فتاكة وطيران متطوّر وصواريخ عابرة للقارات وأسلحة نووية وكيماوية وتيكنولوجيا عسكرية متقدّمة… وليس مجرد تنظيم محدود محاط بالأعداء من كلّ جانب.

صحيح أن لـداعشعشرات الآلاف من المقاتلين الذين يحاربون بشراسة قلّ نظيرُها، ويشرف على تدريبهم ضباطٌ سامون في جيش صدام المُحل. ما مكّنه من السيطرة على مساحة كبيرة في سوريا والعراق تناهز مساحة بريطانيا (نحو 220 ألف كلم مربع) وقد ازداد قوة بعد أنغنمأسلحة أمريكية حديثة وثقيلة في جوان الماضي فور استيلائه على الموصل، ويهيمن على العديد من آبار النفط الصغيرة في العراق وسوريا والتي يضمن بها تمويل نفسهولكن كل عناصر القوة هذه لا تعني أن أمريكا وحلفاءها الستين بحاجة إلى 30 سنة كاملة للقضاء عليه، فقد كانت ألمانيا النازية قوّة عسكرية عالمية جبّارة ولها صناعة عسكرية متطّورة، وجيش بملايين الجنود، ولكن الحلفاء لم يحتاجوا إلى أكثر من ست سنوات للقضاء عليها، فكيف تصمدداعش” 30 عاما كما يقول بانيتا إذا لم تكن أمريكا تريد ذلك لغايةٍ في نفسها؟.

أطرافٌ دولية عديدة تؤكد عدم جدّية الغارات الأمريكية علىداعشولاسيما في محيط مدينة عين العرب؛ فإذا كانت مواقع التنظيم وأسلحته مخفية في المدن التي يسيطر عليها، فماذا عن عين العرب التي يحاصرها مقاتلو التنظيم بدباباتهم وعرباتهم، هل هذه الأسلحة مخفية أيضاً عن الطائرات الأمريكية؟ وهل عجز الطيرانُ الأكثر تطوراً في العالم كله عن القضاء عليها طيلة 39 يوماً منالقصف؟

ما نريد أن نقوله تحديداً هو إن أمريكا غير عاجزة عن القضاء علىداعشكما تحاول أن توهم العالم، بل إنها لا تريد ذلك الآن لتحقيق غاياتٍ في نفسها، وفي مقدّمتها إشغال الدول العربية بحروب طاحنة معه تمتدّ عشرات السنين بعد إشعال العديد من الجبهات في المشرق والمغرب، لتقويض جيوشها وتبديد ثرواتها وتفتيتها من خلال تسليح أقلياتها حينما تضعف الجيوش الوطنية وتتراجع، كما تفعل مع بشمركة العراق وأكراد سوريا الآن تحت غطاء الدفاع عن نفسها ضدداعش، فتكون نتيجة كل هذه الفتن الهوجاء هي انهيار الدول المركزية وقيام دويلات كثيرة على أسُس طائفية وعرقية وجهوية، ويبقى الكيان الصهيوني هوالدولةالكبرى الوحيدة بالمنطقة.

أمريكا لا تريد أن تقتلداعش، ولكنها لن تسمح له بأن يتمّدد ويوسّع حدوددولتهبقضم المزيد من الأراضي والدول وضمها إليه، وإذا استطاع التمدّد خارج الحدود التي تريد رسمَها له، فستقوم بإضعافه بضرباتها الجوّية حتى لا تتضخم قوتُه؛ هي تريده مجرّد أداةٍ لإضعاف الدول العربية الحالية وتفتيتها إلى دويلات كثيرة فاشلة، ولكن ستحرص بين الفينة والأخرى على إضعافه حتى لا يبتلعها ويوحّدها في دولةٍ واحدة تحت راية الخلافة؛ تهدّدها وتهدد الكيان الصهيوني والغرب كله مستقبلاً..

أمريكا تريد تكرار الأنموذج السوري في باقي الدول العربية، حيث تسير الدولة نحو التفكك والانهيار وإمكانية قيام دويلات طائفية وعرقية فيها، بفعل حرب ضارية دامت 3 سنوات تُركت فيها الجماعاتُ الإسلامية تقوّض 70 بالمائة من قدرات الجيش السوري وتُضعِف سلطة الدولة، ولكنها لم تُمكّن من الوصول إلى الحكم.. 

 

إنه سيناريو شيطاني ترسمه أمريكا للمنطقة

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
5
  • حمورابي بوسعادة

    4- اولا : الأحداث على الواقع و شعور الناس الذي يسبقها.
    وثانيا : كل ما يدفع باتجاهات خاطئة لذلك يجب أن يسير بشيء من التدبر تجاه المكان الصحيح.

  • حمورابي بوسعادة

    3- لذلك كله ، نجدهم مندفعين بحماسة لا نظير لها لهذه الحرب الضروس التي تجز الرؤوس ، بل إن أهل الشيعة يعتقدون و على يقين تام من أمرهم أن هذا هو الزمن الذي يبشر بظهور المهدي المنتظر وبالنتيجة ما دام العالم سينتهي خلال عام 25 تجدهم يتصرفون من منطلق "يا رائح كثر الفضائح"...هذا " التدعيش" كله لو استمر فإنه سيحول المنطقة العربية لما يشبه الثقب ألاسود في الكون الذي سيبتلع العالم، وهذه الرؤية المستقبلية ليست لعبة، وليست حلا يعقد العزم عليه عقلاء. اليوم توجد إشكاليتين تتطلبان ايجاد الحلول الناجعة

  • حمورابي بوسعادة

    2- والانتصارات الجزافية المجانية التي أهداها إياهم أعدائهم العرب ، ويظنون أنها بسبب قدراتهم أو حظهم، أضف إلى ذلك رؤيتهم العنصرية للبشرية ، التي تقاسمها اليهود بأنهم شعب الله المختار . ثم حجم المرارة والحقد الذي يطبع نفوسهم ونظرتهم للحياة ، نتيجة تتالي عمليات الاضطهاد ضدهم، لهذا كله فإن مثل هذه السيناريوهات الجهنمية تروق وتلبي ذوقهم وتشبع سيكولوجيتهم المتطرفة .واليوم صار واضحا أن هؤلاء المتطرفين من الشيعة والسنه علي حد سواء يشاركون الصهاينة التلموديين نفس الرؤية.

  • حمورابي بوسعادة

    1- إنه سيناريو شيطاني ترسمه أمريكا للمنطقة...صدقت ا
    تقريبا كل التعليقات التي يدلي بها المواطنون الإسرائيليون الصهانة التي تتعلق بما يحدث في المنطقة العربية وبلاد الشام تصب في نقطة: "هذه الحرب الطائفية هديه من السماء دع العرب والمسلمين يدمروا أنفسهم". وبالنظر في الموضوع نجد أن الصهاينة أناس عقائديين يؤمنون مثلهم مثل بعض الإسلاميين إنهم منصورون لا محالة، و أيضاً تتصف عقليتهم بأنها عقلية مجازفة للأسباب العقائدية في نفوسهم ولسبب الشعور بالحصانة الذي اعتادوا عليه، والانتصارات الجزافية المجانية ....

  • عبد القادر

    أنا معك في الموضوع أمريكا لا تريد القضاء عل داعش و لا علىأي تنظيم أو نظام آخر في المناطق الساخنة الدول الغربية تحاول الحفاظ على وازن القوى بين هته القوى حتى تستمر في التناحر إلى آخر فرد فكلم ضهرت الغلبة لجهة سوف يضعفونها حتى لا تنتهي الحرب بإنتصارها فحالة حرب تعني موارد بثمن زهيد و بيع أسلحة و إضطرابات في المناطق المجاورة أي بيع اسلحة إظافية