-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
سيول الزوار تتدفق على قلعة المشور الأثرية

تهافت على مشاهدة القطع الأصلية للزليج الجزائري بتلمسان

ع. بوشريف
  • 4100
  • 0
تهافت على مشاهدة القطع الأصلية للزليج الجزائري بتلمسان

خلفت “قضية” تصاميم قميص المنتخب الوطني المستلهمة من فسيفساء قطع الزليج بقصر المشور بتلمسان، إقبالا منقطع النظير من قبل المواطنين، الذين راحوا يتوافدون على قلعة المشور الواقعة بوسط مدينة الولاية من أجل التقاط صور، أين راح عديد الشباب يقطعون مسافات طويلة من أجل أخذ صورة للذكرى أو وضعها في مواقع التواصل الاجتماعي التي أصبحت تضج هذه الأيام بصور قلعة المشور التاريخية، منذ بدأت الإعلانات الترويجية لشركة اديداس الألمانية في نشرها عبر حساباتها الخاصة.

بعيدا عن الحرب الكلامية التي تشهدها مواقع التواصل الاجتماعي، خاصة من قبل بعض النشطاء المغاربة في المواقع الافتراضية، راحوا يوجهون اتهامات مجانية كما جرت العادة كلما تعلق الأمر بإحدى الخصوصيات التي تشكل الهوية الجزائرية كما توثقه وتؤصل له كتب الموروث الثقافي والإرث الحضاري المادي واللامادي، متهمين الجزائر بأنها تعمل على سرقة هذا الإرث وزعم أنها من خصوصياتها الثقافية والحضارية، قبل أن تتلقى صفعة أخرى، لكن هذه المرة من قبل شركة عالمية لها باع في تسويق المنتوج الرياضي، أين سارعت جهات رسمية على رأسها وزارة الثقافة المغربية لتقديم شكوى ضد هذه الشركة العالمية تتهمها فيها أنها سرقت إحدى موروثاتها في الهندسة المعمارية، غير أن هذه الجهة الرسمية المغربية تناست أن الشركة الألمانية لم تعتمد على هذه التصاميم اعتباطيا، وإنما وفق دراسات معمقة ودقيقة، إذ من غير المعقول أن تخدش شركة عالمية مثل أديداس مصداقيتها إن لم تكن متأكدة علميا وتاريخيا أن تلك التصاميم مأخوذة من قلعة المشور.

“الشروق” اقتربت من أمين بودفلة مدير قطاع الثقافة بتلمسان من أجل نقل بعض التوضيحات حول هذا الاقبال الكبير للمواطنين على قلعة المشور الأثرية، حيث أوضح هذا الأخير في هذا الشأن، على أن قلعة المشور الأثرية عرفت منذ القدم زيارات تكاد تكون يومية من قبل السياح سواء الاجانب أو من أبناء الوطن في سياق السياحة الداخلية، ويلقى هذا المعلم الاثري الحضاري إقبالا كبيرا في معظم المواسم، إلا أنه بعد ظهور تصاميم قطع الزليج الجزائري على قميص المنتخب الوطني الجزائري، زاد الإقبال بشكل كبير من قبل المواطنين، من أجل أخذ صور مع هذه القطع الفسيفسائية التي أبدعتها الهندسة المعمارية الزيانية قديما، حيث يفضل حسب محدثنا السياح أخذ صور مع التصاميم الأصلية وليس تلك المصنعة، وهو ما تتوفى عليه النوافذ الأركولوجية المخصصة لهذا الغرض داخل قلعة المشور الأثرية، حيث يتواجد داخل اسوار القلعة نوافذ تاريخية اركولوجية تضع القطع الأصلية والقطع غير أصلية، سواء تعلق الأمر بقطع الزليج أو الجش أو القيراطي، حتى تسهل على السائح معرفة الجذور التاريخية للفن المعمارية التي كانت تزخر به تلمسان عاصمة الزيانيين قبل أن تصبح عاصمة الزيانيين في القرن الـ16 عشر، وهو ما يتكفل به المرشدون السياحيون، أين يقدمون شروحا للزائرين والمتوافدين على قصور المشور.

شاهد على الأصالة الجزائرية

قلعة المشور التي أنشئت ما بين القرن العاشر والثاني عشر، عرفت تشييد عديد القصور يتراوح عددها حسب الروايات التاريخية ما بين 4 و6 قصور، قبل أن يتم ترميم القصر الملكي الزياني بداية من سنة 2004 تحضيرا لاحتضان تلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية، وقد تعاقب على هذه القصور العديد من السلاطين والأمراء والحكام فجعلوا منه منارة حضارية تعكس الرقي الحضاري الذي تميز به الزيانيون في تلك الحقب الزمنية، كما تم تحصين تلك القصور بأسوار لا تزال شاهدة على عظمة تلك الحضارة، حيث لم تستطع الغزوات أن تخترق تلك الأسوار، وهي القلعة التي شهدت أطول حصار في تاريخ البشرية خلال الفترة الممتدة ما بين 1299 و1307 لتخرج منه المملكة الزيانية منتصرة كما جاء ذلك على لسان المؤرخ يحيى ابن خلدون.

القلعة الأثرية التي بقيت تستقطب السياح والزوار سنويا، تحولت خلال هذه الأيام إلى “مزار” حقيقي وعادت للقصور الحركية الكبيرة التي تشهدها مواقع التواصل الاجتماعي توهجها، وقد أعرب الكثير ممن تحدث إليهم الشروق على أن تواجدهم في الواقع بعيد عن المواقع الافتراضية، يعكس مدى تعلقهم بهويتهم الجزائرية وتنوعها وتعددها، واعتزازهم بانتمائهم لهذا الوطن وبهويتهم الجزائرية ضاربة في عمق التاريخ.

هذا التوهج السياحي الذي تشهده تلمسان منذ مدة طويلة، خاصة بعد الترويج الكبير لبعض الخصوصيات التي تميز الهوية الجزائرية كما هو الشأن مع الفن المعماري من قبل شركات عالمية، يتطلب من جانب آخر الاستثمار في مثل هذه الفرص من خلال الاعتناء أكثر بالمعالم التاريخية والأثرية التي تزخر بها جوهرة المغرب العربي تلمسان، وإعطائه أولوية في تزيين المحيط حتى ينعكس ذلك التناغم ما بين حاضرنا وماضينا.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!