-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
"الشروق" تستطلع رأي الأساتذة حول اعتماد التدريس بها

توسيع الانجليزية في الجامعات.. أساتذة يرحبون بحذر

إلهام بوثلجي
  • 6482
  • 0
توسيع الانجليزية في الجامعات.. أساتذة يرحبون بحذر
أرشيف

تتجه وزارة التعليم العالي والبحث العلمي لاعتماد التدريس باللغة الإنجليزية خلال الموسم الجامعي 2023-2024، وهذا بعد الانطلاق في تكوين الأساتذة الجامعيين منذ بداية السداسي الأول للسنة الجارية، تمهيدا لتعميم هذه اللغة في التدريس، من أجل زيادة مرئية الجامعات الجزائرية وإعادة تصنيفها.
ومنذ بداية السنة الجامعية الجارية، اتخذت وزارة التعليم العالي عدة إجراءات من أجل تعزيز اللغة الانجليزية في الجامعات، بداية بفتح المجال لتكوين الأساتذة في ليسانس لغة انجليزية عبر الجامعات التي تضمن هذا التكوين، وبعدها فتح مراكز تكثيف اللغات في مؤسسات التعليم العالي من أجل الانطلاق في تكوين الأساتذة وحتى الطلبة فيها للحصول على الأقل على مستوى”B2″ أو “C1″، وصولا إلى تصميم منصة رقمية للتكوين عن بعد في اللغة الإنجليزية بالتعاون مع الجامعة الأمريكية “MIT” للتكنولوجيات والتي استهدفت في بدايتها حوالي 30 ألف أستاذ جامعي، حسب تصريح سابق لوزير القطاع عند إطلاق المنصة بتاريخ 2 جانفي المنصرم.
ولتطبيق مشروع تعزيز اللغة الإنجليزية بشكل رسمي، خلال الموسم الجامعي المقبل، ألزمت الوزارة مؤخرا كل الأساتذة بالتسجيل في مراكز التكوين المكثف للغات للحصول على المستوى المطلوب للتدريس، وهي الإجراءات التي رأى فيها الأساتذة الجامعيون فرصة لتعلم لغة أجنبية عالمية، إلا أن هناك من حذر من التسرع في التطبيق نظرا لكون استبدال لغة بلغة أخرى، يتطلب استراتيجية متوسطة وطويلة المدى، كما أن تعزيز اللغة الانجليزية لا يمكنه أن يلغي لغة الهوية الوطنية في التدريس وهي اللغة العربية.
وفي السياق حاولت “الشروق” أن ترصد آراء عدد من الأساتذة بخصوص مشروع تعزيز اللغة الإنجليزية وسبل تطبيقه:

بوقزاطة: التدريس بالإنجليزية لا يعني التخلي عن العربية والفرنسية
وقال مدير التكوين العالي بوزارة التعليم العالي والبحث العلمي جمال بوقزاطة لـ “الشروق”، إن التدريس بالإنجليزية لا يعني التخلي عن العربية والفرنسية، قائلا: “نحن منفتحون على كل اللغات واللغة الإنجليزية هي لغة عالمية وحتمية لتطور قطاع البحث العلمي”.
وأكد المتحدث وضع برنامج وخطة استراتيجية لتعميم اللغة الانجليزية بالتدريج في مؤسسات التعليم العالي، وذلك في التخصصات العلمية والتكنولوجية وحتى في العلوم الإنسانية والاجتماعية.
وأشار إلى أنه تجري حاليا عبر المؤسسات الجامعية عملية جرد وإحصاء للمواد التي يمكن تدريسها باللغة الانجليزية ومسارات التكوين التي يمكن أن يتم فيها ذلك، وبناء على ذلك ستنطلق عملية التدريس والتي ستمس الوحدات الأفقية والتي تضم في الغالب اللغة الأجنبية والإعلام الآلي والمقاولاتية والذكاء الاصطناعي، فيما يمكن أن تمس عددا من الوحدات الاستكشافية حسب التخصص ومسار التكوين واستعداد الأساتذة للتدريس.
وأضاف المسؤول ذاته بأن الانفتاح على اللغات الأجنبية وخاصة الإنجليزية حتمية لمواكبة التطورات في مجال البحث العلمي، ولا يعني أبدا التخلي عن اللغة الوطنية في التدريس، ولفت إلى أنه توجد في الجزائر بعض التخصصات التي تدرس باللغة الانجليزية كتجربة المدارس العليا للرياضيات والذكاء الاصطناعي، ويجري حاليا التحضير من أجل تعميم التجربة بالتدريج في عدد من الجامعات، وهذا من خلال تكوين الأساتذة سواء بالتسجيل في ليسانس لغة انجليزية أو عبر منصة التعليم عن بعد أو مراكز تعليم اللغات.

بلخيري: استراتيجية تعزيز الانجليزية تتطلب سنوات لقطف ثمارها
ومن جهته، يرى أستاذ التعليم العالي بجامعة العربي التبسي، بتبسة، رضوان بلخيري، أن استراتيجية وزارة التعليم العالي والبحث العلمي لتدريس وتعليم اللغة الانجليزية للأساتذة والباحثين تهدف للنهوض بالقطاع والجامعة ككل، ووصفها بـ”الاستراتيجيه الممتازة”، التي قد تؤتي ثمارها على المدى البعيد أو حتى المتوسط من خلال التكوين الأمثل والجيد للأساتذة وإجادة والتحكم في اللغة الإنجليزية التي أصبحت اليوم لغة العصر.
وأشار بلخيري إلى أن الوزارة طالبت بأن تكون السنة الجامعية 2023-2024 سنة الانتقال الحقيقي بالتعليم العالي والنهوض به في سبيل مواكبة التطورات الحاصلة، ولتجسيد ذلك ركزت على تعزيز اللغة الإنجليزية والتي هي لغة البحث العلمي في العالم، والتي بها تنشر وتكتب البحوث ذات التصنيف العالي.
وذكر البروفيسور بلخيري بأن الوزارة حددت بعض المواد لتدريسها باللغة الانجليزية وليس جميع المواد، ومنها مواد الوحدات الأفقية، والبعض من المواد الاستكشافية أو المنهجية، وقد تعمم على باقي المواد في حال بلوغ نسبة معتبره من الأساتذة المتمكنين من اللغة الإنجليزية.
واستدرك محدثنا بأن هذا الإجراء قد يصادف بعض العراقيل، فقد يتمكن الأساتذة من اللغة لكن ماذا عن الطلبة؟ إذ ينبغي أن يفهم المتلقي الرسالة التي تقدم له خلال الدرس، وأكبر عقبة للتدريس بالإنجليزية ستكون في عدم تمكن وفهم أغلب الطلبة لها.
وأوضح ذات المتحدث بأن ترجمة المصطلحات الأساسية في التخصصات، قد يمثل أيضا مشكلا بالنسبة للأستاذ، وهو ما ينبغي تداركه بتكوين متخصص ويعتمد على ضرورة التعاقد مع مراكز تكوين متخصصة وتتناسب مع كل تخصص وخصوصيته، وأن استراتيجية تعزيز اللغة الانجليزية تتطلب سنوات لبروز نتائجها.

بوثلجة: تخصصات العلوم الإنسانية والاجتماعية قد تواجه إشكالات
من جانبه، يرى الأستاذ عبد الرحمان بوثلجة المهتم بشؤون التعليم العالي بأن تشجيع تعميم الانجليزية بالجامعات، والذي تعمل عليه وزارة التعليم العالي والبحث العلمي منذ سنوات، خاصة منذ مجيء الرئيس عبد المجيد تبون، هو قرار صائب وفي محله.
وقال لـ “الشروق” إن الجزائر للأسف تأخرت كثيرا في هذا الأمر، على اعتبار أن اللغة الإنجليزية هي اللغة رقم 1 في العالم، لاسيما في ميدان العلوم، كما أنها اللغة الأمثل لتحقيق مرئية أكثر للجامعات الجزائرية وبالتالي ترتيب أفضل، وحتى تسهيل التواصل بين الباحثين في جامعاتنا وفي الخارج.
وأكد بوثلجة بأن وزارة التعليم العالي والبحث العلمي تبذل جهودا في هذا المجال، برزت في قرار تكوين الأساتذة والباحثين في مختلف أقسام اللغة الإنجليزية الموجودة في الجامعات، وإعطاء أولوية للتربصات بالخارج من أجل تحسين اللغة الإنجليزية، بالإضافة إلى الاستعانة بالمراكز المكثفة لتعليم اللغات، والمتواجدة أساسا في الجامعات.
والهدف من ذلك، حسب محدثنا، هو تحقيق تكوين مقبول في اللغة الإنجليزية، من أجل الشروع في التدريس بها في بعض التخصصات أو مقاييس معينة في المستقبل القريب.
وأشار بوثلجة إلى أن بعض تخصصات العلوم الدقيقة والتكنولوجية قد لا يكون فيها إشكال بشأن التدريس باللغة الإنجليزية، على اعتبار أن البحوث في مثل هذه التخصصات تنجز وتنشر باللغة الانجليزية، بل هناك بعض التخصصات التي يُدرس فيها الطلبة فيما بعد التدرج، كالماجستير في الماضي ودكتوراه “أل أم دي” باللغة الانجليزية، ولكن لم يكن هناك تشجيع لهم للمناقشة بها من قبل، رغم أن المقالات كانت تنجز باللغة الإنجليزية عكس ما يحدث اليوم، حيث يشجع الطالب على المناقشة بها.
أما في تخصصات العلوم الإنسانية والاجتماعية، والتي يدرس الطلبة فيها باللغة العربية، وتنشر مقالات بحوثهم باللغة العربية، وغالبا في مجلات وطنية تصنفها الوزارة لذات الغرض، فيرى بوثلجة بأن الأمر قد يكون أكثر صعوبة نظرا لتعود الأساتذة بمختلف رتبهم على التعامل بلغة واحدة وهي اللغة العربية، عكس التخصصات الأخرى التي تدرس بالفرنسية وأحيانا باللغة الانجليزية، لذلك فالتدريس في هذه التخصصات باللغة الانجليزية، قد يتطلب سنوات من التكوين، وجهدا خاصا في الميدان وإدراك من المعنيين بأهمية ذلك، وهو ما يتطلب جهدا واستراتيجية طويلة المدى لتكوين الأساتذة والطلبة معا لإتقان الإنجليزية وهذا من خلال التواصل مع الباحثين في الجامعات المصنفة عالميا، وإقامة تربصات بها، بالإضافة إلى شراكة وتوأمة.

دراجي: التدريس باللغة الانجليزية يتطلب تكوينا خاصا للمكونين
وبدوره، أكد البروفيسور صالح دراجي المختص في تعليم اللغة الإنجليزية، بأن تعميم التدريس باللغة الانجليزية عبر مؤسسات التعليم العالي، يتطلب تكوينا خاصا للمكونين الذين يتولون تكوين الأساتذة من أجل تأهيلهم للتدريس.
وقال دراجي “لا يجب أن نتسرع في إدراج هذه اللغة.. لماذا نبدأ في الدخول الجامعي المقبل؟ رغم أن تكوين الأساتذة لم يكتمل وحتى التكوين في مراحله الأولى في الابتدائي انطلق كتجربة هذه السنة فقط”.
وأضاف المتحدث أن قرار تعزيز اللغة الإنجليزية مهم جدا في قطاع التربية والتعليم العالي معا، لكن ينبغي أن يبنى على استراتيجية على المدى الطويل ويطبق بالتدريج.
وأكد نفس المختص في تعليم اللغة الإنجليزية بأنه لا ينبغي ارتكاب نفس الخطأ الذي تم ارتكابه في قضية التعريب، لأن اللغة الإنجليزية لديها خصوصيتها وتتطلب الاستعانة بالمختصين الحقيقيين الذين لديهم تجربة وخبرة في كيفية تعليم وتعلم هذه اللغة.
ونستطيع أن نقدم تجربة رائدة وعمل جيد لصالح أبنائنا، يضيق دراجي، في حال التخطيط الجديد والتنسيق بين وزارتي التربية الوطنية والتعليم العالي لتكوين التلاميذ وتأهيلهم من المدرسة إلى الجامعة.
ويرى المختص بأن تكوين الأساتذة في ظرف سنة وأشهر غير كاف، وينبغي أن تنطلق عملية التدريس بالتدريج مع مراعاة خصوصية التخصصات وطريقة تدريسها وما تحتاجه من مصطلحات.
وأوضح المتحدث أن التدريس باللغة العربية نفسه فيه مشاكل ومستوى الفهم والإدراك متوسط من قبل الطلبة في السنوات الأخيرة، وأيضا بالنسبة للفرنسية، هناك الكثير من التلاميذ الناجحين في البكالوريا يصطدمون بالتخصصات التي تدرس باللغة الفرنسية، وقد تشكل عقبة للبعض منهم، رغم أنها لغة معاملات يومية، فما بالك بالإنجليزية والتي ليست لغة معاملات يومية بين الجزائريين، على حد تعبيره.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!