-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
ضمن عادة قديمة تعود إلى عقود

تونسيون يفضلون الإفطار والصلاة والسحور في تبسة

بلقاسم دريد
  • 3544
  • 0
تونسيون يفضلون الإفطار والصلاة والسحور في تبسة
أرشيف

عندما نذكر مدينة تبسة، يخطر على بالنا شيخها العربي التبسي، أحد رجالات جمعية العلماء المسلمين من الذين صلوا بالناس التراويح وهو طفل دون الثانية عشرة من العمر، في مساجد المدينة، ويخطر على بالنا المفكر مالك بن نبي، الذي عاش فيها لمدة زمنية ليست بالقصيرة، ومازال سكنه فيها شاهدا على مرور مفكر العصر بالمدينة، وأنسابه منها، كما أنها بوابة شرقية للقادمين إلى الجزائر من ليبيا ومن تونس ومن المشرق عموما، والدخول إلى تبسة يجعلك تتعمق في التاريخ من شواهدها وآثارها، وهو ما جعلها منذ القدم مقصدا لأبناء تونس الذين كانوا ومازالوا يفضلون الإفطار فيها، في شهر رمضان وأداء صلاة التراويح وحتى التسحّر فيها طبق المسفوف باللبن، والمغادرة إلى المراكز الحدودية.
فالحديث عن رمضان بولاية تبسة، بصفة عامة، يحمل معنى خاصا، ونكهة متميزة تختلط بالتواجد العائلي التونسي، فالكثير من الأعمال والأنشطة تتوقف تحضيرا للشهر الفضيل، الذي يحمل قدسية خاصة لدى سكان الولاية وجيرانهم التونسيين، فمازال الطابع الروحاني يتغلب عن الجانب المادي، خاصة بالمناطق ذات البعد الديني أو التي لأهلها طبيعة روحانية، والذين يعرفون عادة بأهل الزوايا، ومناطق المشايخ، فيحرصون حرصا كبيرا واهتماما متزايدا بالمساجد من خلال حملات تطوعية قبل رمضان بتنظيفها وترتيبها وتعطيرها.
فإن أغلب المساجد التي توجد بها جمعيات دينية تقوم بدور التحضير، أو يقوم الإمام بمساعدة المؤذن أو القيّم وأبناء الحي بالفعل الريادي، إذ إن أول شيء ينطلقون فيه هو تجديد الأفرشة أو تنظيفها، بعد أن أتموا غسل الجدران والأبواب والنوافذ، وتجديد المصابيح وتشغيلها كاملة مع إعطاء أهمية للمنبر والمحراب سواء بالطلاء أم التنظيف، وهو ما يثمنه ضيوف تبسة من التونسيين، الذين يسجلون دائما اهتمام أبناء تبسة بالتحضير للشهر الفضيل.
ويقول الإمام الشيخ “الزين قريب” لـ”الشروق اليومي”، وهو إمام مسجد أنس بن مالك بمدينة تبسة، بأن هذا تلبية لدعوة الله- تعالى- استنادا إلى حديث الرسول محمد- صلى الله عليه وسلم- حيث قال: “إنه قد أتاكم شهر رمضان، شهر يجود الله به على عباده، وينزل الرحمة ويحط الخطايا، ويستجيب الدعاء، فأروا الله من أنفسكم خيرا، فإن الشقي من حرم فيه رحمة الله”.
ولعل هذا كما يقول الشيخ أحمد إمام مسجد الزاوية، أن الله يحب أن يرى من عباده كل فعل خير وطاعة تقربا إلى الله، إذ إن من أفضل الطاعات إلى الله، الاهتمام ببيته، حيث سينزل عليه ضيوفه من جزائريين وتونسيين وعابري سبيل من المسافرين، بأعداد متزايدة، وتنزل عليهم الملائكة لتحفهم وتذكرهم عند الله، لأنهم اهتموا ببيت الله واجتمعوا فيها وتدارسوا كتابه.
وبحسب الشيخ خالد إمام مسجد أبي عبيدة بتبسة، الذي تحدث إلى “الشروق اليومي”، فإن شهر رمضان له خصوصية بمساجدنا والاهتمام بها هو من تعظيم شعائر الله، حيث وبعد صلاة الصبح نخصص جانبا لسرد أحاديث الرسول- صلى الله عليه وسلم- ثم قراءة أدعية مأثورة، وبعد العصر، تكون قراءة الورد الحزبي وعادة ما تكون قراءة جماعية لحزبين ومنه تكون مراجعة لإمام التراويح، وقبل الإفطار يحضر أهل الأحياء وجيران المسجد التمر والحليب ليشق الصائمون الإفطار مع أذان المغرب، ويتم استقبال الكثير من العائلات التونسية في بيوت أهل تبسة، لتناول الإفطار ثم التوجه جماعيا إلى المساجد، كما كانت العادة منذ عقود، وقبل صلاة العشاء يكون درس توجيهي لا يتجاوز 10 دقائق، ثم تبدأ نفحات قيام الليل بصلاة التراويح، وهي العبادة التي يقبل عليها مختلف أفراد المجتمع ومن كل الأعمار ومن الجنسين ومن أبناء تونس أيضا، وتبقى الحال هكذا مع إحياء ليلة المنتصف وليلة السابع عشر ذكرى بدر الكبرى وأخيرا ليلة السابع والعشرين، حيث الذكر الحكيم يعلو المآذن استجابة لقوله تعالى: ((في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه، يسبح له فيها بالغدو والآصال، رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة…)).

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!