-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

تونس لا وساطة ولا وسيط

تونس لا وساطة ولا وسيط

حسمها الرئيس قيس سعيد بمختصر أقواله المثقلة بمعانيها الدستورية المطلقة، ليست هناك وساطة ولا وسيط ولا حلول وسطى، فـ”الحق هو الحق” .

حسم منتظر من رئيس اعتاد أن لا يخفي الأشياء فيما يجري وراء أبواب مغلقة، ويطلق العنان لصراحته التي لم يعهدها سياسي من قبل، معلنا أن استقباله لرئيس حركة النهضة راشد الغنوشي في ذكرى تأسيس الجيش الوطني بعد قطيعة دامت شهورا طويلة، لا يعني صلحا جاء على مركبة وسيط توافقي، يبحث عن ترقيع لأزمات سياسية.

لقاء الرئيس قيس سعيد مع راشد الغنوشي لقاء برتوكولي في مناسبة وطنية تفرض حضور الرئاسات الثلاث دون غياب مهما كانت المبررات، ولا يمكن إدراجه في خانة “لقاء مصالحة وتفاهم” سوقت له حركة النهضة باعتباره “لقاء إيجابي” في محاولة لتهدئة الشارع الملتهب.

المشهد المتأزم في تونس لا ينحصر في دائرة خلافات شخصية بين المتنفذين في رئاسات ثلاث، قالها الرئيس قيس سعيد “ليس لدي مشكلة مع أشخاص، بل لي مشكلة مع منظومة لا تزال قائمة ولا تزال تنكل بالشعب التونسي”، المشكلة تتجاوز رمزية الأشخاص بما يمتلكونه من قدرة وأدوات تنفيذية، انعكست بآثارها المدمرة على تفاصيل الحياة التي يعيشها المجتمع بمختلف شرائحه.

يقف المشهد التونسي حاليا عند عقبة إجراء الحوار الوطني الذي دعا إليه الاتحاد العام التونسي للشغل، حوار لن ينطلق بتلك السهولة التي تضمنتها دعوة إجرائه كمخرج متاح لفك عقد الأزمة الراهنة، أمام غياب توافق القوى السياسية حوله.

حركة النهضة “إسلامية” كانت أولى الداعمين لهذا الحوار ومعها حليفها البرلماني “قلب تونس”، أحزاب أخرى ومنظمات، ترى أن شروط انعقاده لم تتوفر بعد.

رئاسة الجمهورية نفسها لم تستجب لهذا الحوار، باعتبار إجرائه ضمن الظرف المعقد الراهن، يعد تكريسا لواقع الحال المتأزم، إذا ما لم تتهيأ الظروف الملائمة لانعقاده.

حكومة صادق عليها البرلمان بأغلبية الكتلة النيابية التي تتزعمها حركة النهضة، لم يصادق عليها رئيس الجمهورية، معتمدا على حجج قانونية ودستورية، تحولت إلى حكومة تصريف أعمال.

برلمان تتصارع كتله حول أهلية واستقلالية رئيسه راشد الغنوشي، برلمان أغلبيته المتحالفة لا تسمح بإجراء أي تغيير تتوافق عليه القوى السياسية والتنفيذية.

المؤسسات الدستورية ذاتها لم تكتمل، وتحولت إلى أزمة قائمة بذاتها، المحكمة الدستورية لم يتم العمل بأحكامها، بعد رفض الرئيس قيس سعيد إمضاء قانون معدل لقوانينها التي اعتبرها خرقا للدستور.

ما زالت الأزمة أكبر من حوار وطني يفتقر لشروط انعقاده بين أطراف لا يجمعها أي قاسم وطني مشترك، الأزمة لها شكل خلافات تنفيذية لا تتوافق مع قوانين دستورية يذكر بها الرئيس قيس سعيد دائما، لكن جوهرها الأعمق يتجسد في صراع علماني – إسلاموي، في مجتمع مازال متمسكا بالفكر البورقيبي، وقوانينه التطبيقية في حياة مدنية غير قابلة للتغيير على أهواء حركة إسلامية لا تمتلك قدرة إحداث انقلاب جذري يتخلى عن ثوابته العلمانية.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
1
  • عمر عمران

    حساسية الكاتب مما هو اسلامي تفوق كل الحدود.. حتى ولو تعلق الأمر بالمقاومة الفلسطينية الباسلة.. وهذا يؤثر على موضوعية طرحه وتحليليه للقضايا ومن ثمة تصبح مصداقيته على المحك.. قليلا من الموضوعية يرحمكم الله