الجزائر
تلاميذ يستهزئون.. أساتذة يشتكون والأولياء ينتقدون

“تيك توك” يخترق المدارس ويسيء إلى الأساتذة

الشروق أونلاين
  • 11469
  • 22
ح.م

شكل فيديو “تيك توك”، لتلاميذ يسخرون من أستاذهم بطريقة لا أخلاقية، وسوقية مبتذلة، صدمة لدى رواد منصات التواصل الاجتماعي، مما يعكسه من تصرفات وسلوكيات لا تمت لقطاع التربية بصلة، حيث يسيء هذا الفيديو للمدرسة الجزائرية وللأساتذة والمربين وكل موظفي القطاع.

وقد تهاطلت تعليقات تندد بمثل هذه التصرفات وإهانة الأستاذ أثناء أدائه المهني الشريف، وطالب بعض رواد التواصل الاجتماعي، بمعاقبة هؤلاء التلاميذ الذين قاموا بتصوير أستاذهم وهو يلقى الدرس وتسجيل فيديو لحصتهم وهم يسبونه ويسيئون إليه ويصفونه بـ”المجنون”.

ويبدو حسب التعليقات أن الفيديو مصور في ثانوية تقع في قطاع واد العلايق بالبليدة، حيث جاء في بعض التعاليق، أن التربية انعدمت عند هؤلاء التلاميذ وهم ثلاثة تلاميذ، فيما قال آخر إن فرض غرامات مالية على أولياء هذا النوع من التلاميذ، أحسن طريقة، إشارة منه إلى أن الماديات و”الجيب” أصبحت هم الكثير من الأولياء، الذين أهملوا الجانب التربوي في حياتهم الأسرية، ودعا بعض المعلقين على الفيديو، إلى الفصل النهائي لهؤلاء التلاميذ وتوجيههم إلى الأعمال الشاقة.

جمعية أولياء التلاميذ تحمل المسؤولية لمديري المدارس

وفي السياق، حملت جمعية أولياء التلاميذ، مسؤولية هذه التصرفات لمديري المؤسسات التربوية، الذين حسب الجمعية، أصبحوا يمكثون في مكاتبهم، ولا يهتمون بدوريات المراقبة وزيارات الأقسام.

وقال رئيس الجمعية، أحمد خالد، إن الفيديو المتعلق بالتلاميذ الذين سجلوا أنفسهم وهم يقذفون أستاذهم بأقبح العبارات غير الأخلاقية، أصبح حديث الشارع الجزائري، ووسط التلاميذ والأولياء، ورمى بالمسؤولية الأولى على مدير المؤسسة التربوية التي التقط داخل أحد أقسامها هذا الفيديو، الذي يرى أن عدم اهتمامه بالجولات داخل الأقسام وتجنيد عمال المؤسسة لأداء دورهم الخاص بالمراقبة الدورية، وراء مثل هذه التصرفات والسلوكات التي تنتهك حرمة المدرسة.

كما حمل المفتشين جانبا من هذه المسؤولية، حيث قال إن الجولات الاستطلاعية واليقظة للحفاظ على حرمة المؤسسة التربوية، من شأنها الحد من هذه الظواهر، حيث سبق حسبه حرق العلم الجزائري داخل إحدى المدارس الوطنية، لغياب دور المدير والمفتشين وكل موظفي المؤسسة.

وأكد أحمد خالد أن 10 بالمائة من السلوكيات غير الأخلاقية للتلاميذ داخل المدرسة، وراءها الأولياء، هؤلاء حسبه، يهتمون فقط بنتائج الامتحانات، وبالأكل والشرب لأبنائهم، دون الحرص على تربيتهم وتزويدهم بالأخلاق الحميدة.
وعبر عضو جمعية أولياء التلاميذ، بن زينة علي في تصريح لـ ” الشروق”، عن كون هيئته حذرت من الظاهرة سابقا، مشبها الأستاذ بالإمام الذي لا يستلزم أن يهاجم أو يهان أثناء وجوده على المنبر، مؤكدا أن المدرسة أصبحت مكانا لانتشار الفساد، وأن المنهجية التربوية أصبحت هي التي تنشر العنف داخل المدرسة، مستغربا من كون النقابات تضع اللوم على التلاميذ وأوليائهم، وقال إنه قبل أن يكون هناك قانون ردعي لمثل هذه الظواهر يلزم الأمر أن يكون إصلاح جذري للمنظومة التربوية، والقانونية للقطاع.

أكدت أن الأستاذ أهين من المسؤولين قبل التلاميذ
نقابات التربية تنتقد انتشار الظاهرة وتطالب بالصرامة

ومن جهتها، استشاطت بعض نقابات التربية غضبا من الحالة المتردية التي وصل إليها فضاء التربية والتعليم، مرجعين السبب إلى غياب منظومة تربوية ناتجة عن تراكمات كانت العامل الأول لاستفحال الظاهرة، وهو ما حذر منه مسعود بوديبة، المكلف بالإعلام لدى نقابة “كنابست”، الذي أصرّ على أن نقطة انعطاف المشكل تمركزت في إهانة الأستاذ من طرف بعض المسؤولين في القطاع، حيث أصبح هذا الأخير محلا للتخوين والتجريم، ما انعكس على مردوده داخل قاعة الدراسة، معتبرا الظاهرة مساسا بالمكانة المعنوية للأستاذ، مضيفا أنه إذا لم نعد المرجعية المعنوية والمادية للمعلم، ستستفحل أكثر مثل هذه الظواهر، التي ستشكل خطرا كبيرا على المنظومة التربوية والمجتمع، بداية من الأسرة إلى المدرسة لتحط النتائج السلبية رحالها بمقر العمل، منوها بأن عقوبة الردع قد جربت في كثير من الحالات ولم تأت بنتائجها الإيجابية.

من جانبه، عبّر سيد علي بحاري، رئيس النقابة الوطنية للأسلاك المشتركة والعمال المهنيين، عن تأسفه لاستفحال ظاهرة الاعتداءات على الأساتذة، سواء بالضرب أم بالإهانة والتجريح، مؤكدا أن الحل يكمن في العائلة التي اعتبرها الأساس، مضيفا أن استفحال مثل هذه الظاهرة يعكس الدور الذي يقوم به بعض المعلمين الذي قال عنهم إن الأقلية منهم لا تملك الضمير المهني من أجل إرساء الوعي داخل المؤسسة التربوية، مشددا بالقول: “إذا أردنا الحفاظ على المدرسة، يجب أن يكون لها دفتر عقوبات صارم، لتفادي مثل هذه الظواهر”، محملا جزءا من المسؤولية لجمعية أولياء التلاميذ التي اعتبرها غائبة تماما في الميدان، ولا يوجد منها إلا الاسم، ملحا في الوقت نفسه على إدراج الثقافة التربوية في المناهج الدراسية.

في السياق نفسه، أكد قويدير يحياوي عضو النقابة الوطنية لعمال التربية، أن المشكل لا يكمن في وسائل التواصل الاجتماعي، مؤكدا أن الوضع الحالي يفرض علينا دق ناقوس الخطر، لكون قطاع التربية ابتعدت عن التربية الأخلاقية، علاوة عن غياب المتابعة من طرف الأولياء، متسائلا عن كيفية إدخال التلاميذ للهواتف الذكية والسماعات دون أن يعلم بها الناظر أو المراقبون، بالإضافة إلى تهاون الأستاذ في تعامله مع تلاميذه وإبلاغ المسؤولين بالحادثة، مسترسلا بالقول إن العقوبة لن تكون ردعا للظاهرة بل وسيلة فقط، مؤكدا أن القطاع لا يحتاج إلى تلميذ متعلم يفتقد إلى التربية، وتكون النتيجة تفريغ المدرسة من جانبها التربوي.

دعا رئيس النقابة الوطنية لأساتذة التعليم الثانوي والتقني، الأستاذ مزيان مريان، إلى ضرورة تطبيق القانون الداخلي للمؤسسات التربوية، وهذا بعد انتشار فيديو”تيك توك”، لتلاميذ يستهزئون بأستاذ في ثانوية بالبليدة، على نطاق واسع، حيث قال إن لجنة الانضباط عليها أن تفصل هؤلاء التلاميذ من الثانوية محل تصوير الفيديو، وأن تمنع إدماجهم مرة أخرى في ثانوية غيرها.

وأكد مزيان مريان، أن الفيديو، لقي استياء موظفي قطاع التعليم في الجزائر، وعلى الوزارة الوصية أن تتحرك بجدية، حتى تمنع ممارسة مثل هذه السلوكيات التي تنتهك حرمة المؤسسات التعليمية، موضحا أن تصرفات شائعة وسط قطاع التربية شجعت التلاميذ على ممارسة العنف داخل المؤسسة، حيث أن الكثير من حالات فصل هؤلاء التلاميذ عن طريق لجنة الانضباط، انتهت إلى إدماجهم في مؤسسات أخرى ومتابعة دراستهم بشكل عادي، وهي طريقة وجدها بعضهم فرصة لفرض منطقهم وعنفهم ضد الأساتذة لكي يتم توجيههم إلى مدارس أخرى يفضلونها.

وأعطى الأستاذ مزيان مريان، مثلا لأحد التلاميذ الذي اعتدى في السنوات الأخيرة بالضرب على أستاذ فتم فصله، وكان قد طالب قبلها بتغييره إلى ثانوية يفضلها، وبعد حادثة فصله، التحق بشكل عادي بتلك الثانوية التي كان يريدها، وأخبرها الكثير من زملائه، بالحيلة التي لجأ إليها حتى تحقق مراده، حيث يرى مزيان مريان، أن إعادة إدماج التلاميذ المفصولين بسبب تصرفاتهم اللاأخلاقية، في مؤسسات تربوية أخرى تشجيع على العنف داخل هذه المؤسسات.

مقالات ذات صلة