-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
أزواج يوثقون المكاسب المادية خوفا من آثار الطلاق والخلع

.. ثروة المرأة تُـلَـغِّـم عقود الزواج!

وهيبة سليماني
  • 12099
  • 0
.. ثروة المرأة تُـلَـغِّـم عقود الزواج!
أرشيف

في ظل طغيان الماديات، والاهتمام بالوضع الاقتصادي في تنظيم العلاقات الزوجية، واتساع بمقابل ذلك مساحة الخلافات حول الأمور المتعلقة بالإنفاق، والمصاريف، وما يحوز كل من الزوج والزوجة من الثروة، إلى جانب ارتفاع ملحوظ في الطلاق، باتت الكثير من الجزائريات تحسبن ألف حساب قبل ارتباطها برجل.. رغم العقلية الجزائرية المحافظة، إلا أن ذلك لم يمنع بعض المتزوجات الجدد من اشتراط تسجيل كل ما تملك عند الموثق تجنبا لخسائر قد تلحق بها في لحظة طلاق وتجد نفسها في الشارع مضيعة بذلك وظيفتها وثروتها.
ونظرا لتطور دور المرأة الجزائرية في المجال الاقتصادي، ومشاركتها اليوم في المشاريع المختلفة، ودخولها عالم التجارة من بابه الواسع، واعتلائها وظائف تقبض بمقابلها رواتب مالية معتبرة، وامتلاكها للسيارة والسكن، أصبح الجانب المادي في علاقاتها الزوجية، محل مساومة، أو ميزة تزيد من مخاوفها ووساوسها، خاصة أن الطلاق التعسفي الذي تعود فيه السلطة التقديرية للقاضي في تحديد مبلغ الضرر الذي يدور في الغالب، بين 10 ملايين سنتيم و20 مليون سنتيم.

المخاوف على الوظيفة والسيارة والمنزل.. تنعش عقود الزواج عند الموثقين
ومن جهتها، أكدت الموثقة فضيلة عيشي، لـ”الشروق”، أن إبرام العقود لدى مكاتب الموثقين، عرفت زيادة ملحوظة في الآونة وذلك نظرا لتمتع الكثير من المقبلات على الزواج بالسكن والسيارة والوظائف السامية، وممارستهن للتجارة، وجنيهن لأرباح مالية كمداخيل “التيك توك”، و”اليوتيوب”.
وأوضحت أن بعض الجزائريات استفدن مؤخرا من سكنات في إطار الصيغ المختلفة، وكل ذلك يجعل من المتزوجات الجدد يفرضن شروطا في عقود زواج تمر على مكاتب الموثقين، مضيفة أن أغلب الشروط التي تسجل في هذه العقود تتعلق بمواصلة الدراسة، والوظيفة، والحفاظ على المكتسبات المالية، أو السكن في منطقة أو ولاية معينة.

مخاوف الطلاق التعسفي تساهم في رفع شروط عقود الزواج
وفي السياق، قال المحامي لدى مجلس قضاء الجزائر، سعيد الزاهي، إن تطور الظروف الاقتصادية، ومشاكل الحياة وتعقيدها، يستدعي إعادة النظر في مبلغ الضرر الخاص بالمطلقات تعسفيا، مضيفا أن بقاء السلطة التقديرية للقاضي ورغم أنها تعتمد على تقدير القدرة الشرائية، والظروف المحيطة بالزوجة، إلا أن التعويض عن الضرر لا يتناسب في الكثير من الأحيان مع احتياجات السكن والغذاء وتربية الأولاد، والحياة التي أفنتها الزوجة في خدمة البيت الزوجية، ولا الوظيفة التي تكون قد ضيعتها.
وأكد الزاهي، أن الضحية دائما هي المرأة وهذا يحيل بحسبه، إلى الرجوع لقائمة الأمتعة التي تسجل في عقد الزواج، حيث بدأت الكثير من المتزوجات الجدد وخوفا من الطلاق التعسفي، تجد في تسجيل شروطهن وأمتعتهن في العقد عند الموثق كحل لتفادي خسائر بعد الانفصال الذي قد يحدث خاصة في ظل تغير العقلية، وطغيان الماديات، وزيادة قضايا الطلاق.
وأشار إلى أنه حتى بعض الرجال يفكرون اليوم في تسجيل شروط عقد الزواج، قائلا إن هناك شخص اشترط في حال طلب زوجته الخلع أو أن يطلقها تتنازل على سيارتها التي تبلغ سعر 270 مليون سنتيم.
وفي هذا الإطار أشارت الموثقة فضيلة عيشي، إلى أن تسجيل بعض الزوجات للامعتهن في شرط عقد الزواج، ساهم سلبا في تحديد مبلغ التعويض عن الضرر، بعد طلاقهن تعسفيا، حيث يتبين للقاضي أن لها ثروة ويمكن أن تعيش في أريحية دون أن تستفيد من تعويض مناسب.

بين العرف والقانون.. زوجات يستحين من المطالبة بنظام مالي مشترك
تنص الفقرة الأولى من المادة 37 من قانون الأسرة، المعدلة بالأمر رقم 05/02 المؤرخ في 27 /02/ 2005، على أن لكل واحد من الزوجين ذمة مالية مستقلة عن ذمة الآخر، ثم تنص في الفقرة الثانية على أنه يجوز للزوجين أن يتفقا في عقد الزواج أو عقد رسمي لاحق، حول الأموال المشتركة بينهما التي يكتسبانها خلال الحياة الزوجية، وتحديد النسب التي تؤول إلى كل واحد منهما.
حيث أكد المحامي ابراهيم بهلولي، أستاذ القانون بجامعة الحقوق بن عكنون، لـ”الشروق”، أن المادة 37 من قانون الأسرة تعتبر خطوة هامة وفريدة من نوعها، لتنظيم علاقة كل من الزوجين المادية وعلاقتهما بالأموال المشتركة المكتسبة خلال مدة الزواج، وهو ما يسمى بالنظام المالي للزوجين، وذلك مثلما يحدث في دول غربية وعربية.
وقال بهلولي، إن موضوع النظام المالي للزوجين يمكن أن يساهم في تنظيم الأسرة في ظل الوضعية الاقتصادية والمالية للزوجين في وقتنا الراهن، مشيرا إلى أن امتلاك الزوجة اليوم للوظيفة، والثروة، يجعلها متخوفة من استيلاء زوجها على كل ذلك، وتقع ضحية الطلاق التعسفي، فتجد نفسها قد أضاعت سنوات عملها وما أنفقته ربما في بناء مسكن، أو شراء قطعة أرض أو مشروع اقتصادي مشترك. ويرى أن النظام المالي المشترك يحمي المرأة وله صلة وطيدة بتربية الأبناء وإلزام الزوج بالإنفاق.
وفي ذات السياق، قال الأستاذ منير مزعاش، الرئيس السابق للغرفة الوطنية للموثقين، إن النظام المالي المشترك للزوجين، ثقافة مغيبة في المجتمع الجزائري، فرغم أن قانون الأسرة 2005، يعطي الحرية في اختياره، إلا أن الكثير من الزوجات يستحين في التصريح بذلك
وأكد أن خبرته في مجال التوثيق، كشفت له أن هذا النظام لا يسمع به حتى بعض الموثقين والمحامين، وإن واحدا أو اثنين فقط من الزيجات التي تمر على الموثق، تتعلق بعقود يشترط فيها النظام المالي المشترك بين الزوجين.
ويعتبر ذلك، نقصا في الثقافة القانونية، والطابع الاجتماعي المحافظ في الجزائر، وخشية أحد الزوجين وخاصة المرأة عن الإعلان عن سوء نية في علاقة زوجية شرعية، من المفروض أن تبدأ بالتفاهم، مشيرا إلى أن عدم المطالبة بالنظام المالي المشترك تكون عادة بين الأزواج الشباب والذين يتزوجون لأول مرة، فيما تكون الحيطة من طرف الزوجة التي سبق أن أن عاشت تجربة الحياة الزوجية، أو التي ترتبط برجل لديه أبناء أو زوجات.
وقال الموثق منير مزعاش، أن المادة 37 لا تفرض أي نظام مالي على المقبلين على الزواج بل تترك لهما الحرية في اختيار العلاقات المالية التي تتناسب مع مصالحهما المالية والاقتصادية، ولتحديد ذلك بالاتفاق المشترك سواء في عقد الزواج أو في عقد رسمي لاحق.
وأفاد مزعاش، بأن عدم اتفاق الزوجين على نظام مالي معين، يخضع الزوجين للنظام المالي الذي يفرضه القانون والشريعة الإسلامية، خلال الحياة الزوجية، وبعد إنهائها بطلاق أو وفاة، وهذا كله، يضيف، انطلاقا من مبدأ المساواة بين الزوجين وبشرط ألا يخالف اتفاقهما النظام العام والأحكام الخاصة بالحقوق والواجبات الناتجة عن الزواج، وكذلك القواعد المتعلقة بالنفقة والميراث والحضانة.

زوجات يفضلن توثيق شروطهن وأموالهم في عقد الزواج
وكشف منير مزعاش، عن سلبيات النظام المالي المشترك، حيث قال إن الكثير من الأزواج أو الزوجات، يتحايلون باستغلال هذا النظام، ويستفيد أحدهم من خلال الطلاق التعسفي أو الخلع التعسفي، من أموال ربما بحسبه، لم تكن من حق المستفيد.
وأكد أن أحد المغتربين الجزائريين، بفرنسا تزوج بجزائرية، احتالت عليه، واشترطت في عقد زواجهما النظام المالي المشترك، وبعدها رفعت قضية خلع، ليكتشف الضحية أنها لا تملك شيئا، وهو الذي كان متوهما أن لها عقارات في الجزائر.
وقال إن الخلع التعسفي كثير ما يكون من طرف زوجات استفدن من مزايا مالية من طرف الزوج، أو ساهمن بأسمائهن فقط في مشاريع اقتصادية، وممتلكات، أو كتب المنزل باسمهن.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!