-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

ثقافة قطع الطّريق.. إلى أين؟!

ثقافة قطع الطّريق.. إلى أين؟!

عندما يقدِم مواطنون على قطع الطّريق على عامّة النّاس من أجل تحقيق مطالب معينة، ويقومون ببناء جدار يمنع مرور حتى الحالات الحرجة، وعندما يقوم آخرون بإغلاق إدارة أو مدرسة أو كلية، فإنّ الأمر لم يعد حالات معزولة وإنّما ثقافة مجتمعية حجزت مكانها في حياتنا اليومية، والأدهى أنّ هذه الممارسات لم تعد حكرا على شريحة من المواطنين، ولكن أصبحت سياسة رسمية كذلك تعتمدها السّلطات لمنع الاحتجاجات أو تحجيمها!

وقد توسّعت هذه الثّقافة لتأخذ طابعا أكثر حداثة، فوزارة التّربية مثلا عندما تريد منع مترشحي شهادتي البكالوريا والتّعليم المتوسط من الغش في الامتحانات تطلب من وزارة البريد وتكنولوجيات البريد والاتصال قطع الأنترنت على الجزائريين جميعا، دون محاولة التّفكير في حلول أخرى قد تكون أكثر نجاعة وغير مكلّفة!

وأول شيء تفكر فيه السّلطات المحلية في سياق تحضيراتها لاستقبال مسؤول كبير هو قطع الطريق على النّاس لإفساح المجال لمرور موكب “معالي الوزير” وقد يستمر هذا القطع لساعات ما يتسبب في كوارث ومآس، وهو ما حدث قبل أشهر عندما زار مسؤول كبير مدينة المدية لتدشين مشاريع سبق تدشينها من قبل، إذ تم غلق جميع مداخل المدينة لنصف يوم، ما ترك انطباعا سيئا لا زالت آثاره إلى اليوم.

وفي الجامعات غالبا ما يَعمَد الطّلبة إلى غلق الكلّيات لتحقيق مطالبهم، وعوض اتخاذ إجراءات صارمة ضد هذه الممارسات يتم الرّضوخ للمنظّمات الطلّابية التي غالبا ما تقوم باحتجاجات من منطلق الانتصار للمنتمين إليها، كما أصبح لهذه المنظمات كلمة في جوانب التسيير، وقد رأينا كيف أصبح ممثلو هذه المنظمات مديرين للأحياء والمطاعم الجامعية.

ما يحدث نتيجة منطقية لغياب الحوار في المجتمع، وطغيان أسلوب المغالبة بين الإدارة والمواطن، فلا الإدارة تقوم بواجبها في تقديم خدمات عمومية مقبولة، ولا المواطن يكتفي بأخذ حقه واحترام دوره. وساد النّهم والنهب وكثرت المظالم والاعتداءات، وأصبح طريق العنف هو السّبيل الوحيد لتحصيل الحقوق، وهذا العنف قد يكون لفظيا أو جسديا، ومع الوقت أصبح قطع الطرق وغلق المرافق سلوكا عاديا في حياتنا اليومية.

ويُخطئ من يعتقد أن جهة وحيدة هي المسؤولة عن هذا الوضع المتأزّم، فنحن جميعا مساهمون بدرجات مختلفة في هذا الانفلات، الذي قلّ ما يحدث في المجتمعات التي تحترم القانون وتقدّس حقوق المواطن، وتتصدّى لكل من يعتدي على واحد من هذه الحقوق.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
3
  • ابوبكر عزوي

    شكرا لصاحب المقال وضع يده على مكان الجرح.
    نعم ليس المواطن هو القائم بهذه الصفات المشينة وانما حتى المسؤولين. هل يعقل قطع الانترنات من اجل تفادي الغش . اليس هناك طرق اخرى.
    هل من اجل مسؤول سامي تغلق منافذ المدينة.
    هل من حق المنظمات الطلابية غلق ابواب المدرجات ومنع الطلبة من التحصيل العلمي.
    هل منطق القوة هو الحل دوما؟.
    أبوبكر

  • Karim

    هذه مؤشرات تخبرنا عن درجة حضارة المجتمع. في مدينتنا على سبيل المثال مدرسة ابتدائية يرتادها أطفال من عائلات يُفترض أنها ثرية ، الطريق مقطوع على مدار السنة لسلامة أطفالهم. كيف تكون حالة المرور إذا تم تعميم هذا على 20 مدرسة في المدينة.

  • عمار البريكي

    ماذا لو جئنا بحاكم من اوروبا او الصين او روسيا او امريكا او اليابان او كوريا الشمالية او الجنوبية فهل سيتحول حال الجزائر من اسوء الي احسن وافضل
    مادمنا نراهن علي حكام من الجزائر عرلابا كانوا او غيرهم فلا يمكن ان يتحسن حالنا والي الابد
    النفاق السياسي والكذب والعبثية والارتجال ادي بالجزائر الي الكوارث والمشاكل والازمات -سوء التسيير -