-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
نيشان

“ثورة العنكبوت” بين العفوية.. والبرمجة!

محمد عباس
  • 2871
  • 0
“ثورة العنكبوت” بين العفوية.. والبرمجة!

أنظمة حكم قائمة منذ عقود باتت تهددها بالسقوط “ثورات” عن بعد من شباب “العنكبوت”! ترى ما السر في ذلك؟!

  • لعل السر يكمن في كون معظم الأنظمة العربية بلغت حدّا من الجمود والفساد، أدى إلى شلل منعكساتها الشرطية، فلم تعد تستوعب ما يجري في محيطها الداخلي والخارجي! ومن أهم الشواهد على ذلك عدم – أو سوء – تقدير انعكاسات انفتاح مجتمعاتنا – وفئات الشباب – خاصة – على الفضاء الدولي لاسيما في المجال السمعي البصري.
  • فالمجتمع العربي وهو يشاهد العالم من حوله يبكي سوء حظه صباح مساء!
  • – يبكي لأنه يرى مدى ارتباط حكام الغرب بشعوبهم واحترامهم لمواطنيهم، وحرصهم الدائم على متابعة منحنى شعبيتهم، كي يراجعوا أنفسهم في الوقت المناسب.
  • – ويبكي لأنه يرى منتخبي هذه الشعوب حريصين كل الحرص على نقل هموم مواطنيهم والاجتهاد في التعبير عن انشغالاتهم، بل وسبقهم إلى ذلك في بعض الأحيان، حتى لا تسير شؤون دوائرهم بمنطق “رجال المطافئ” الذين يلهثون وراء الكوارث، بدل توقعها والسبق بعلاجها.
  • – ويبكي لأنه يرى هؤلاء المنتخبين يمارسون حقه في الرقابة – بالنيابة – ويشكلون فعلا سلطة موازنة، تسهر على تسيير الهيئات التنفيذية والحد من انزلاقاتها، وما تؤدي إليه ممارسة السلطة عادة من تعسف وسرقة وفساد..
  • – ويبكي كذلك لأنه يحس يوميا بأن المنظومة الإعلامية – المكملة لجهاز الحكم منه وإليه، وأن صوته مسموع بواسطتها، سواء كان المواطن داخل بلاده، أو في بقعة ما من أقاصي العالم.. وأكثر من ذلك أن الحكام  يسمعون، فيعون ويتجاوبون!
  • فلا غرابة إذاً أن تضعف أنظمة الحكم في البلاد العربية، لافتقارها إلى أهم شروط ارتباطها الفعال بشعوبها، كما هو الحال في البلدان الديمقراطية. بل لا غرابة أن تنهار جبهاتها الداخلية، لتجد نفسها عند الشدائد منخورة الركائز، تحت رحمة أية هبّة ريح، ولو كانت عبر شبكة “العنكبوت”!
  • ومن الواضح أن “ثورات العنكبوت” تحمل في سياقها الغت والسمين، الخبيث والطيب، المدسوس والصادق.. ولنا فيما يجري على الساحات العربية الساخنة – من البحرين إلى ليبيا مرورا بتونس ومصر واليمن – أكثر من شاهد ودليل.. ومن الواضح أيضا أن هناك معارضة لأنظمة البلدان المذكورة، بصرف النظر عن درجات تنظيمها وقوتها.. وأن لهذه المعارضة دورا لا شك فيه في “الثورات العنكبوتية”.. وكل أملنا أن تكون هذه المعارضة في هذا البلد العربي أو ذاك، في مستوى التحدي، مبرمجا كان أو طارئا.. وأن تسارع بلملمة شتاتها وتتفاهم فيما بينها، لتقديم بديل جدي أفضل لأوضاع شعوبها التي لا تحسد عليها. ومن واجبنا أن نتفهم استعانة هذه المعارضة أو تلك بالخارج للتعويض عن تشتتها، أو قلة استعدادها لمواجهة التحدي المفاجئ.. لكن من حقنا في المقابل أن ننبّه إلى ما في ذلك من مخاطر، بناء على تجارب سابقة تبيّن أن الاستعانة بالخارج كثيرا ما تتحول إلى مغامرات وخيمة العواقب، لأن التدخل الأجنبي في هذه اللحظات الحرجة من تاريخ بلداننا يكون عادة – باهظ التكاليف على الصعيدين السياسي والاقتصادي.
  • مثلا سعدنا ومن حقنا أن نسعد لأننا لم نشعر بتدخل أجنبي سافر، لا في »ثورة« تونس ولا في “ثورة” مصر.. ونأمل أن يظل هذا التدخل محدودا، بفضل يقظة الشباب الثائر هنا وهناك..
  • لكن في المقابل شعرنا بالحيرة إزاء انتفاضة شعبنا في بنغازي، ترى من أدخل الناشط الصهيوني “أنري ليفي” على الخط؟ وما هو مقابل توسّطه لدى الرئيس ساركوزي الذي كان سبّاقا إلى الاعتراف “بالمجلس الوطني الانتقالي” واستقبال مبعوثين عنه؟ وما علاقة ذلك بالتسرّع في اتهام الجزائر بالتواطؤ مع نظام القذافي؟! أليس في ذلك مؤشر قوي بمحاولة برمجة “العهد الجديد” والنظام المتولد عنه ضد الجزائر؟! ثم ألا يأمل “ليفي” من مساعدة “المجلس الانتقالي” أن تكون طرابلس ثاني عاصمة في المغرب العربي – تحتضن سفارة “الكيان الصهيوني” بعد نواقشط؟
  • هذا التنبيه الأخوي لأشقائنا في بنغازي لا يتنافى مع وقوفنا إلى جانب الشعب الليبي في انتفاضته على نظام القذافي، هذا النظام – شأنه شأن معظم الأنظمة العربية – الذي يعجز أكثر المحامين حنكة واطلاعا عن الدفاع عنه، لثقل ملفّه بمختلف أنواع الجرائم العادية والاقتصادية، وحتى الجرائم الحربية وضد الإنسانية!.
أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!