-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
تابعن دورة في الحساب الذهني الياباني

جدات ينافسن أحفادهن على حفظ القرآن الكريم

زهيرة قلعي
  • 189
  • 0
جدات ينافسن أحفادهن على حفظ القرآن الكريم
ح.م

تمكنت نسوة تعدت أعمارهن 50 سنة فما فوق، من تعلم ما تيسر من القرآن الكريم وتقنيات الحساب الذهني الياباني بتقنياته الأصلية، في ظرف لا يتعدى 3 أشهر.. وهذا بالتلقين فقط، ما مكنهن من قراءة القرآن وبأحكام التلاوة والتجويد خلال شهر رمضان.
التجربة التي أثارت إعجاب واستحسان الجميع، جرت وقائعها بأكاديمية الشفاعة والسعادة، ببني صاف بولاية عين تموشنت، التي تسيرها السيدة “حاج عبد الرحمان شفيعة”، التي زارتها “جريدة الشروق” لمعرفة سر هؤلاء النسوة اللواتي صنعن هذه المعجزة، حيث وجدنا أحد أقسام هذه الأكاديمية وأصوات “الحاجات” تصدح فيه بتلاوة القرآن الكريم بأحكامه، وهي ممزوجة بأصوات أحفادهن من مختلف الأعمار، إنه قسم خاص سُمي بـ “فوج المتميزين” بنادي السوروبان وحفظ القرآن الكريم، كما أخبرتنا مديرة الأكاديمية السيدة “شفيعة” صاحبة هذا النادي التطوعي قائلة: “هذا النادي مخصص لتعليم السوروبان وحفظ القرآن الكريم للنساء اللواتي يبلغن من العمر 50 سنة فما فوق، أكبرهن والدتي، التي تبلغ من العمر 74 سنة، أطال الله في عمرها وحفظها وحفظ جميع أمهاتنا”.. تقوم الحاجة المتطوعة بتعليم وتلقين القرآن الكريم للجدات اللواتي لا يتقن اللغة العربية، فهن تعلمن اللغة الفرنسية في صغرهن، ومنهن من لم تدخل المدرسة في حياتها، كما أخبرتنا الحاجة قائلة: “أنا بدوري درست اللغة الفرنسية في صغري ولا أجيد من اللغة العربية حرفا، إلا أنني تحديت ذاك وقمت بتعلم القرآن، وأنا أحفظ منه ما تيسر بالأحكام والتجويد، وقريبا إن شاء الله سأختمه رفقة شيخي في المسجد، لدي تجربة والحمد لله تفوق 17 سنة، وأنا ألازم القرآن الكريم، تطوعت رفقة مديرة أكاديمية السعادة والشفاعة للسوروبان بعد فتحها لنادي تحفيظ القرآن بأحكامه، وأقوم بتلقين النسوة القرآن الكريم، وبعدما اقترحت علي مديرة الأكاديمية فكرتها الخاصة بدمج تعليم السوروبان وتقنيات الحساب الياباني، رحبت بها وتشاركنا في تعليم أمهاتنا وجداتنا، ولمسنا تطورا ملحوظا في تعلمهن وطريقة تركيزهن، وهذا في ظرف لا يتعدى 3 أشهر، ما ساعدهن على الحفظ أكثر والحمد لله”.
عن فكرة تعليم الحساب الياباني التي يتعارف عليها الجميع بأنها تلقن فقط لصغار السن، لصفاء الذهن وتعلمهم السريع له، أخبرتنا السيدة حاج عبد الرحمان شفيعة أن الفكرة كانت بسبب دخول والدتها “الحاجة يمينة” في حالة نفسية صعبة جدا، بعدما فقدت ابنها البكر “حاج عبد الرحمان مراد” الذي توفي بسبب فيروس كورونا، حيث لم تستطع الحاجة يمينة تحمل الصدمة، ودخلت في حالة نفسية صعبة ومعقدة جدا، وتضيف السيدة “شفيعة”: “لم أستطع تحمل رؤية والدتي وأنا أفقدها، بلغت حد عدم الأكل والشرب، بعدها راودتني فكرة تعليم والدتي السوروبان وحفظ القرآن، لأنتشلها من حالتها النفسية الصعبة، رفضت ولم تتجاوب معي حينها، لكن بعد إصراري المتكرر، قبلت الحضور إلى النادي الخاص بتحفيظ القرآن الكريم رفقة أمهاتنا وجداتنا، وجدت لها صاحبات في حفظ كتاب الله، جربت دمج تعليم السوروبان أو الحساب الياباني بطريقته اليابانية الأصلية على والدتي ورفيقاتها، لم أكن أتوقع نجاحها المبهر، أكيد أن القرآن يعلو ولا يعلى عليه، وتعلم الحساب الياباني لأمهاتنا وجداتنا كان بمثابة “الفيتامين المنشط” للذاكرة، خاصة وأنهن تعلمن اللغة الفرنسية فقط في صغرهن، ولا يجدن اللغة العربية قط، مثل والدتي، التي استطاعت تعلم وقراءة القرآن بالتلقين فقط، والحمد لله، استجاب الله لدعواتي وانتشلها من حزنها الكبير وأعادها إلى الحياة من جديد… أنصح أمهاتنا بتعلم القرآن الكريم، فهو شفاء للروح والجسد، وهو مجاني للجميع، كما أن قسم المتميزين مجاني لهن أيضا، لتعلم الحساب الياباني، ونرجو أن يتقبلها الله منا صدقة، كما أننا سنقوم بتكريمهن لحفظهن السريع والمبدع، وهذا ليلة القدر المباركة إن شاء الله”.
السيدة حاج عبد الرحمان شفيعة، مديرة أكاديمية السعادة والشفاعة للسوروبان الياباني ببني صاف، تعد من مدربي السوروبان وممثلة الأكاديمية اليابانية بالجزائر، تتحدث باليابانية مع تلامذتها الصغار وحتى الكبار، على الطريقة اليابانية الأصلية للتدريب، وهذا لم يشكل أدنى حاجز للأمهات والجدات اللواتي يتنافسن رفقة أحفادهن على سرعة الحساب والتفوق فيه وسط أجواء تنافسية لا مثيل لها.
تقربنا من الحاجة “يمينة” التي أخبرتنا أنها عادت إلى الحياة من جديد، بعدما لازمت المصحف الشريف، وهي لا تمسك في دموعها تقول “.. كنت في حالة نفسية صعبة جدا، اعتزلت الحياة، فقدت شهيتي، فقدت ذاكرتي… لكن بعد محاولات ابنتي وإجبارها لي على تعلم القرآن الكريم والتحاقي بناديها للحفظ، علما وأني لا أجيد حرفا من اللغة العربية، فأنا أبلغ من العمر 74 سنة وتعليمي في صغري إبان الحقبة الاستعمارية كان باللغة الفرنسية فقط… لكن، بعد الإصرار ومرافقة الحاجة لي ولزميلاتي بتلقيننا كلام الله، تمكنت والحمد لله من حفظ ما تيسر منه وبالأحكام، شعور لا يمكن وصفه، إلا أنه أعادني إلى الحياة من جديد، تعلمت بالموازاة الحساب الياباني، ما زادني تركيزا وسرعة في الحفظ، عادت لي ذاكرتي من جديد والحمد لله، عندما أذهب إلى المحل التجاري أحسب الثمن قبيل أن يحسبه لي البائع، ما يثير دهشته وأنا في هذا العمر، أخبرهم دائما أن السر هو وليد الحساب الذهني الياباني وحفظ كتاب الله والحمد لله، لا شيء مستحيل مع الإرادة والقرآن هو شفاء للروح والجسد…”
الحاجة “أوسهلة”، بدورها، تحدت أحفادها النجباء، وصنعت معجزة تفوقها في الحساب الذهني الياباني على صغار السن من المتدربين، وحققت أرقاما قياسية في إنجاز تمارين الحساب الذهني الياباني، وتمكنت من حفظ أجزاء كثيرة من القرآن الكريم في ظرف وجيز فقط، كما أخبرتنا: “آتي رفقة أحفادي الثلاثة، للالتحاق بفوج المتميزين، وجدت راحتي النفسية والجسدية بهذا الفوج، ما أعادني إلى الحياة الطبيعية من جديد، بعدما افتقدتها إثر وفاة زوجي- رحمه الله-، حيث انغلقت على نفسي بعدها، وانعزلت عن الحياة، لكن بعد طرح السيدة شفيعة، جزاها الله كل الخير لفكرة تعلم القرآن والحساب الذهني الياباني في هذه التجربة الأولى من نوعها، التحقت بالفوج وتمكنت من النجاح في حفظ وتلاوة القرآن الكريم، وتعلمت تقنيات الحساب الذهني الياباني، وأنا اليوم وبفضل من الله، أنافس أحفادي النجباء فيه، سواء بالقسم أم بالمنزل، خلال المراجعة اليومية لنا، وسط أجواء جميلة وتواصل متين، رغم الفارق الكبير بيننا في الأعمار، وهذه نعمة من الله، فالقرآن يعلو ولا يعلى عليه، والحساب الذهني الياباني زادني تركيزا وسرعة في الحفظ والحمد لله…”.
نسوة تحدين جميع الحواجز، ونجاحهن بدأ بخطوة فقط وخطوتهن انطلقت من فكرة صادقة نابعة من أعماق القلب، لتصل إلى نجاح وتحقيق معجزة إتقان الجدات للحساب الذهني الياباني وحفظ القرآن الكريم بأحكامه عن طريق التلقين فقط وفي ظرف وجيز.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!