-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

جريمتنا نحو المرأة!

جواهر الشروق
  • 3204
  • 0
جريمتنا نحو المرأة!

عندما نبلغ سن الستين نجد إحساسا آخرا نحو الأشياء والناس، كما نحس مشاعر أخرى للمروءة والإنسانية والشرف أكثر مما كنا نحس قبلا، وبعبارة أخرى نجد أن لنا من القيم والأوزان ما يمكن أن نسميه حِكمْ.

وهذه الحكمة إنما هي ثمرة هذا العمر الطويل، وما مرّ بنا من الأحداث، وما كسبنا من التأمل والتفكير فيها، وما وقع بنا من كوارث استخلصنا منها الدلالات والعبر، ذلك أننا نعيش في مجتمع نصطدم بناسه ومصالحه ومؤسساته ونمارس فيه مصاعب العيش، ونتحمل مسؤوليات الحرفة، وبها نتعلم ونتربى.

وليس التعلم والتربية أن نتتلمذ في المدرسة أو نقضي ستة سنوات في الجامعة، لأن قصارى ما نحصل عليه في المدرسة والجامعة لا يتعدى أن يكون تعلما وهو تعليم للمعرفة أي أنه ليس تربية للسلوك المطلوب أوالتصرف اللائق اللذان يعينان الفرد على النجاح في الحياة.

وتستطيع أن تسأل أي إنسان في الخمسين من عمره من خريجي الجامعات، كيف كان فور خروجه من الجامعة وحصوله على شهادتها؟

كان إنسانا خاما وكان يصطدم بالمجتمع مرة بعد أخرى لجهله، ولكنه كان يتربّى من هذه الاصطدامات، وهو يخبرك بما كسب من حكمة وسداد، وصحة للنفس، واتجاه حسن، إنما كسبه من المجتمع وليس من الجامعة، فالمجتمع يربينا ويكوّن شخصيتنا ويعين أهدافنا ومنه نأخذ الميزان الذي نزن به القيم فنقول: هذا فضيلة وهذا رذيلة.

واختلاطنا بالمجتمع يحملنا على الاهتمام بالسياسة والعلم والأدب لأننا نجد ان حياتنا متصلة بكل هذه الاشياء لأتصالنا بالمجتمع. ما الذي نعني حين نقول: أنه يجب أن تكون لنا أهدافا إنسانية؟ نعني أننا يجب أن نهتم بالعدل والكرامة والسلم والسياسة، ويجب أن نقرأ الجرائد لهذا السبب. ومرجع هذه الاهتمامات جميعها اننا من المجتمع وفي المجتمع لنا عواطف ونختلط به ونحترف فيه حرفة منتجة أي لنا إحساس اجتماعي.

فإذا حرمنا إنسانا الاختلاط بالمجتمع فإننا بذلك نحرمه الإحساس الاجتماعي، بكل ما يحمل هذا الإحساس من مسؤولية أخلاقية قوامها الفضيلة والشرف والإنسانية.

وهذا هو حال المرأة في معظم أرجاء الوطن العربي الكبير كما تُعامل في الوقت الحاضر. فالرجل يفرض عليها الانفصال من المجتمع بالبقاء في البيت، فكأن زوجها يعيش في الصحراء. صحيح أنها لم تبلغ مبلغه في الانفراد لأنها تحس شيئا من المسؤولية بقوة الخدمة والاختلاط مع زوجها وأبنائها في البيت، لكن إحساسها هذا ناقص، إذ هو محدد بجدران البيت ولذلك لا تحس ما نحسّه نحن الرجال من يقظة الفكر والقيم الاجتماعية.

ما هي هذه الدنيا التي نحيا فيها سبعين سنة أو أكثر؟

هي المعارف التي تنبه ذكائنا وهي الأحداث التي تزيدنا حكمة وهي المباهج التي تفرحنا ونحن أطفال ثم شبان ثم كهول ثم شيوخ وليس من حق أحد أن يحرمنا هذه الاستمتاعات، سواء في ذلك الرجال والنساء، فإذا كنا نقول أنه على الرجل أن يكون حكيما فإننا يجب أن نقول أنه يجب أن تكون المرأة حكيمة.

وهي لن تكون حكيمة إذا حرمناها معارف الحياة واختباراتها سواء منها ما يسر وما يؤلم، ونحن ننقص إنسانيتها بالقدر الذي ننقص به معارفها واختباراتها.

هناك آلاف الجهلاء من الأزواج الذين يدعون أنهم يحمون المرأة وهم يخفون كذبهم بالكلمات المبهرجة، ويتضح هذا الكذب في الإحساس حين نعرف أن مشاق البيت للمرأة أكثر من مشاق الحرفة للرجل، فإن أعمال البيت وإدارته ليس من الأعمال الخفيفة.

والواقع أن أعظم ما يؤخر المرأة العربية في عصرنا هو التقاليد، هذه التقاليد التي جعلت الزمخشري يقول في كتابه (غريب الحديث): إن المرأة مبغوضة اذا مست شيئا أفسدته. هذه الفكرة عن الأرملة قد عمّت الأمم القديمة وبلغت أوجها من الخسة والدناءة البشرية في الهند حين كانت الأرملة تحرق عقب وفاة زوجها.

وقصارى ما أقول أن معظمنا يعامل المرأة بحكم التعاليم السحرية القديمة، كان الأسلاف يمارسونها قبل عشرة ألاف سنة. إنهم كانوا يقولون عنها أنها نجسة، والهدف غير شريف وهو استبعادها عن النشاط الاجتماعي والثقافي والإنساني.

فنحن الرجال نحيا في المجتمع وهو بيتنا الكبير بكل مركباته التي تثير أذهاننا وتربينا وتحركنا الى التضحية والعظمة، هو مدرستنا هو جامعتنا، أما هي فتحيا في البيت ولا تزعم أن في البيت سعادتها، وإني شخصيا لا أحترم المرأة لأنها جميلة سعيدة ولكن لأنها حكيمة رشيدة، وهذا على فرض أن السعادة تغمر البيوت لأن الواقع غير ذلك وهو ما يخبرك به كل زوج.

ولكن مشكلة البيت لا تعود مشكلة إذا نحن نظرنا للمرأة نظرة المساواة بالرجل بحيث تتعلم مثله وتكوّن شخصيتها مثله وتحترف إذا شاءت مثله وتدرس وتختبر حتى تتربى وتتطور مثله وتشترك في وظائف الدولة مثله، ومقامها الجديد هذا هو الذي يعين طراز البيت الذي تعيش فيه بحيث يتفق واهتماماتها الأخرى، فقد عممت القوة الكهربائية جميع أعمال البيت من طبخ وغسل وكنس وتبريد، فلا يكون هناك المشاق ما يحتاج الى أن تقصر الزوجة حياتها على المنزل.

إننا نجرم في حق المرأة حين نقيد إرادتها وحقوقها ونحرمها ألوانا من النشاط الفكري يمكن لها أن تؤديه. كل ذلك محض استبداد وثقل التقاليد.

 * مقتبس من كتاب المرأة ليست لعبة الرجل لمؤلفه سلامه موسى.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
  • واقعية

    لا تندموا على خير فعلتموه الله يرجركم لاجل فقط والدتكم ان شاء الله دعوات الخير تلاحقكم اينما كنتم و ما فعله اخوتكم شيئ طبيعي انهم رجال اخر الزمان فتحوا عيونهم على الاتكالية عليكم كحال اغلب الشباب ببلادنا و يوم يتزوجون يطلقون الحبل لنسائهم كان اخواتهم حديد و زوجاتهم بشرا بقلب و لحم لا عليكي من يفعل هذا باهله سوف يفعل به وما اكثر من زوجته انها الرجولة الزيفة و سوف يشتكون و يتباكون و يعرفن قيمتكن

  • بدون اسم

    راكم مثلنا في ميزان الحسنات انشاء الله اصلا الرجل يفشش مرتو ويحرث على خواتاتو

  • بدون اسم

    نحن اختين تحملنا اعباء الاعتناء بالبيت و اخوتنا مند ان كنا طفلتين نكبرهم بعشرات السنين. جميع اشغال البيت الشاقة و المرهقة تحملنا القيام بها لاجل امنا .كانت تكلفنا بها و لحد الساعة
    ونحن فى المرحلة الجامعية ثم العمل كانت اختى تنهض باكرا تعد الاكل وكنت انا اتولى ترتيب الغرف وتحضير اخوتى للدهاب الى المدرسة.. قمنا اخيرا بتزويج الاخوة فلم يرضوا لنسائهم ان يهتموا باشغال البيت الكبيرفقاموا باكتراء لهم بيتا اخر . اكتفنا اننا كنا خادمتين بل عبيدا عند امى واخوتى ونحن الان نعانى من داء المفاصل والارهاق.

  • مريم

    أنا لا أظن ان صاحب المقال يدعوا النساء للخروج بدون سبب وملء الشوارع لمن لم يفهم المقال جيدا. فمن المنطقي للمرأة التثقف والإحتكاك بغيرها من النساء اللواتي يعدن عليها بالفائدة وإثراء رصيدها الديني والمعرفي و هذا ليس على حساب منزلها و أطفالها . لأن الفراغ و الجلوس في المنزل بدون فعل شيء يتسبب في الروتين و منه الإهتمام بالقيل و القال و النميمة والغيبة خاصة إذا كان المحيط يشجع على ذلك و هناك من تنجرن نحو أفعال أشنع كالسحروالشعوذة فالمرأة الواعية والمثقفة لا وقت لديها لمثل هذه الأفعال

  • ****#####

    ...وهل تربية الابناء بكل جوانبها بالكهرباء /ههه/وهل توفير العواطف و السعادة والحب والترابط بين افراد الاسرة بالكهرباء /ههه/المراة المتعلمة لا تسعى لان تعمل ولكن تسعى لانشاء اسرة متعلمة.المراة السعيدة و الرجل السعيد في بيتهم السعيد يساوي كل سعادة الدنيا.يريدون ان يخرجوها من بيتها تلك الدرة لتصبح من هوام وعوام المجتمع.لم اجد اعلى و ارقى مكانة للمراة غير انها تكون ملكة في مملكتها.اما صاحبات الغباء المتطور فلهن راي اخر بمبرراتهن المادية المحضة و عشقهن وشغفهن بالشارع.لكل امراة حق التفسح ولكل رايه؟

  • أحلام

    هو محق ،،،، المكوث في البيت يهبط بمستىوى اهتمام المرأة خاصة إذا كان محيطها مليء بالقال و القيل و الغيرة و سقط الحياة من مظاهر و سطحيات عدا عن أنها تدخل في روتين ممل
    أفضل أن تخرج فتشاهد معوز فتتفكر نعمة الله عليها واكتفاءها ،،، تجهد قليلا فتتفكر تعب زوجها فتشكر جهده ،، تشاهد من ذهب حياؤها فتحمد الله على أن هداها،،، تعين محتاج... تدعوا لهذا....
    هل تشاهد هذا أو تتفكر و تتأمل و هي في البيت بين مطبخ و مسلسل و نوم و قيل و قال في هاتف او فيسبوك
    ليس بالضرورة ان تعمل و لكن أن تخرج تتمسى و لو لساعة

  • كمال

    ما هذا ؟ مقالة فلسفية أفكارها بالية ومحنطة تدعوا الى التفكك الاسري عندما بلغت الستين واحالتك الى التقاعد وفقدك المنصب والسلطة والسيطرة على كل أمورك مرعليك شريط حياتك المهنية وتأننيب الضمير فنزلت عليك الحكمة فتشبه لك الموقف وكأنه مفارقة الحياة فالميت لا يأخد معه لا ماله ولا سلطانه ولا جاهه وانما يأخد أفعاله لذا كان عليك أن تدرس أفكارك البالية قبل أن تطرحها للمجتمع فمهما بلغت من علم فلن تصل الى 1منمليون من هدي الرسول في هذه القضية فالمرأة اليوم أصبحت تستطيع أن تميز بين الافكار الهدامة و البناءة

  • لايهم

    او نسيتها

  • فريدة

    إن البيت الذي فيه مرأة ذكية نشطة هو كوكب حي يجلب له باقي الكواكب و منها ما تكون بؤر مظلمة تحاول طمس حركية هذا الكوكب الذي نستمد كجمعات إشعاعات و إلهامات أخرى إذا كانت أحسنت التربية فينا, فليس إجبار على أي بيت أن يكون بيت طباخين أو شعراء أو علماء أو ,,, أي مهنة راقية نفعية بل أن يكون بيتا قلبه ينبض إيمانا و رضا بما أعطاه الله من قسمة و رزق يعيش بها لأنه يعلم أن جوهره أفضل من كل الماديات و أنه قادر أن يبسط في رزقه إذا شاء و ليس ما يشأه باقي البيوت له.

  • واقعية

    مقال جميل وواقعي ومعه في ان من حق اي بنت التعليم لكني ضده في اعتبار ان اشراكها في القيادات و المناصب يجعلها مشاركة اجتماعيا .... ليس شرط من تعلمت في الجامعات لابد لها العمل و الا شهادتها صفرا على الشمال اذا كان هدف العمل منصبا و الا فلا داعي له فقل على العلم السلام ... بالعلم تستطيع ان تتطور ذاتيا بدون حتى ان تتخطى عتبة البيت .