-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

جزائريون في خدمة الآياتِ الشيطانية!

حسين لقرع
  • 3698
  • 0
جزائريون في خدمة الآياتِ الشيطانية!

توقّعنا أن تثير محاولة اغتيال الروائيِّ البريطاني سلمان رشدي منذ أيام بالولايات المتحدة، حفيظة المثقفين العرب المعروفين بدفاعهم عن قيم “الحداثة” و”التنوير”، لكنّ المفاجأة، أنّ الكثير من أتباع هذا التيار في المشرق العربي لزموا الصمت باستثناء نفرٍ قلائل، في حين انبرى العديدُ من المثقفين الجزائريين دفعة واحدة للتنديد بالعملية، سواء في تغريدات على مواقع التواصل الاجتماعي أو ضمن بيان قيل إنه يحمل مئتيْ توقيعٍ لمثقفين من الجزائر وتونس والمغرب.

في البداية دعونا نقول بوضوح إننا نوافق هؤلاء الكتّابَ في رفض محاولة إزهاق روح سلمان رشدي؛ فالفكرة ينبغي أن تواجَه فقط بالفكرة وليس بحدّ السيف، حتى وإن كانت تطاولا مقيتا وسافرا على الرسول صلى الله عليه وسلم؛ فقد آذى الكثيرُ من كفّار قريش الرسولَ الكريم وحاربوه، وحاولوا إطفاء دعوته بكلّ وسيلة، وسلقوه بألسنةٍ حِداد، ووصفوه بـ”الكاهن والساحر والمشعوذ والشاعر…”، ولكنّه حينما ظفر بهم خلال فتح مكّة، عفا عنهم جميعا وقال: “اذهبوا فأنتم الطلقاء”.

لكن لو كان هؤلاء المثقفون “التنويريون” موضوعيين ومنصفين لما اكتفوا بالتنديد بمحاولة اغتيال رشدي، ولدعوا جميعَ كتّاب العالم والرسامين الكاريكاتوريين والمثقفين والسياسيين وغيرَهم، إلى ضرورة احترام الأديان والمقدّسات، والكفِّ عن التطاول على الذات الإلهية وسبِّ الأنبياء وإهانة الكُتب المنزّلة باسم “حرية التعبير” المزعومة… ولكن أنّى يفعل هؤلاء “الحداثيون” ذلك وفكرُهم وفكرُ سلمان ينبع من مِشكاةٍ واحدة؟

لذلك رأينا كيف أهين الرسولُ الكريم برسوم كاركاتورية حقيرة في السويد والدنمارك وفرنسا، مرارا وتكرارا، ولزم هؤلاء “التنويريون” الصمت في كلّ مرة، ولم يندّدوا قطّ بهذا الازدراء والتجريح بحقّ نبيّ الإسلام، ولم يقولوا إنّ هذه ليست “حرِّية تعبير” بل هي استفزازٌ أخرق لمشاعر المسلمين.. وأحرِق المصحفُ الشريف في بلدان اسنكدنافية أيضا، ولم تُثِر هذه الجريمة حفيظتهم، ولم نسمع مثقفا واحدا منهم يندِّد بها، وتعرّضت مساجد كثيرة بأوربا والغرب عموما لأعمال حرق وتدنيس وحتى هجمات على المصلين وارتكاب مجازر بحقّهم كما حدث في نيوزيلندا في مارس 2019، لكن ذلك كلَّه لم يُثر في هؤلاء “الحداثيين” شعرة واحدة… كلُّ ما حرّك هؤلاء الباحثين عن الشهرة في الغرب وعن جوائزه وتكريماته هو محاولة اغتيال سلمان رشدي، ليهرعوا بكلّ قوة للتنديد بالعملية والتباكي على “حرية التعبير؟!” التي يمثلها الكاتبُ البريطاني.

وبالمنسبة، نأسف للتضليل الذي مارسه بعضُهم؛ إذ سرد يسمينة خضرة قصّة لقائه الكاتبَ البريطاني في أمريكا سنة 2007، وكيف تبادلا الاحترام رغم أن خضرة “مؤمنٌ ملتزم” كما وصف نفسه، ورشدي “ملحد”، وقال إن “الجميع أحرارٌ في أن يؤمنوا أو لا يؤمنوا”، وكأنّه بذلك يريد القول إن سلمان رشدي تعرّض لمحاولة اغتيال لأنه “ملحد”، وهذا تضليلٌ سافر؛ لأن السبب هو الجهرُ بازدرائه للنبي صلى الله عليه وسلم والسخرية منه ومن أزواجه الطاهرات، وليس الإلحاد.. الإيمانُ أو الكفر حقٌّ مكفولٌ لكلِّ البشر “فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليُكفر”، و”لا إكراه في الدين”، ولهذا لم ينتقد أحدٌ رشيد بوجدرة -مثلا- حينما جهر بإلحاده في 1989 على صفحات مجلة “الوحدة”، لأنه لم يُهِن الإسلام قطّ وراعى مشاعر مليار مسلم، وهو موقفٌ حكيم يُحسب له.

أما الطامّةُ الكبرى فقد جاءت من الكاتب الجزائري بوعلام صنصال الذي كتب يوم 16 أوت الجاري مقالا في “ليكسبريس” الفرنسية يدافع فيه عن سلمان رشدي، ولكنّ بكلماتٍ مقيتة تنضح حقدا وكراهية للإسلام، إلى درجة أنه قال -حسب مقال للأستاذ أبي بكر سعد الله- “إذا اضطررتُ إلى اختيار كلمةٍ واحدة لوصف شرّ عصرنا، فسأقول: الإسلام”!

الكاتبُ الذي زار الكيان الصهيوني في 2012 ووقف أمام حائط البراق مرتديا الطاقية اليهودية، بدا متألّما جدا لانتشار الإسلام يوميا في الغرب؛ فهو يدخل من الباب ومن النافذة وحتى من المِدخنة، فإذا أغلِقت كلُّها دونه، دخل من الأنترنت، والتمس صنصال العذرَ للغرب وهو يضطهد المسلمين بسبب دينهم ويضفي الشرعية على آفة الإسلاموفوبيا فـ”بما أننا لا نستطيع طردَ هذا الدين فسنطرد المؤمنين به”!

نعم، الإسلامُ ينتشر بسرعة في الغرب رغم كل محاولات الشَّيْطنة والتشويه التي يمارسها رفقة أزلامِه في الوطن العربي والمهجر من الطابور “الحداثوي” المزعوم، والله متمٌّ نوره ولو كره الكافرون والمُبغضون.. وليمُت بغيظه كلُّ لُكّعٍ ابن لُكّع.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!