الشروق العربي
عيد الميلاد..بدمية "بابا نوال" وشجرة عيد الميلاد..

.. جزائريون يدخلون طقوس المسيحية أفواجا.. أفواجا!

الشروق أونلاين
  • 18308
  • 28

تزامنت العطلة الشتوية في العديد من مؤسسات الوطن مع عطلة “الكريسماس”، التي يحتفل فيها النصارى بعيد ميلاد “يسوع” أي الرب عند أحد مذاهبهم و ابن الله في مذاهبهم الأخرى، وهي الفرصة التي انتهزها بعض الجزائريين ممن دأبوا على إحياء ليلة عيد ميلاد المسيح بعيدا عن ضغوطات العمل والدراسة.

ولأننا أمة مسلمة، لنا عيدنا و قيمنا الدينية و الإجتماعية، كان من الغريب مشاهدة مظاهر الفراغ الحضاري و الروحي من خلال  الإحتفال ب”الكريسماس”، التي باتت جليةً للعيان أيامًا قبل الموعد، من خلال البرامج المسطرة من قبل أشهر الفنادق ووكالات السياحية، وغابات من أشجار عيد الميلاد 

“SAPIN DE NOEL”

التي انتصبت وسط المراكز التجارية الكبرى، ناهيك عن حلوى “لابيش” المعروضة بواجهات الكثير من محلات الحلويات، الى جانب حلويات أوروبية خاصة بالمناسبة. مظاهر و طقوس لا محل لها في عقيدتنا، تحولت الى عادات و علامات تحضر و تقدم  لدى البعض ممن انسلخ عن جلدته في محاولة الإقتداء بمن ليسوا على ملته.

“بابا نوال” ب2 مليون سنتيم!


نعم. لا تتعجبوا من أننا شاهدنا “بابا نوال” بإحدى محال بيع الهدايا بالعاصمة، لكنه لم يكن بصدد اقتناء ألعاب للصغار، وإنما ضمن زينة “الكريسماس” المعروضة للبيع، وقد وصل سعر أكبر دمية “بابا نوال” الى أكثر من18000 دينار، يبلغ طوله قرابة متر و65 سنتمتر أي بحجم طول رجل عادي، وإن لم يتوانى الجزائريون في احضار “بابا نوال” لزيارة بيوتهم أيام “الكريسماس”، فكيف لهم الإستغناء عن شجرة عيد الميلاد التي يعتبرونها من أهم طقوس هذه المناسبة، خاصة وأنها متوفرة في العديد من المحلات، و قد تراوح سعرها هذه السنة ما بين 1400 و 16ألف دينار حسب حجمها وزينتها.

 كما عرفت  أقواس وأجراس “سانتا كروز” اقبالا منقطع النظير من قبل الجزائريين المحتفلين بهذا العيد عن قصد أوعن غيره، وذلك لأسعارها البخسة التي تراوحت بين 90 و650 دينار، على غرار شوكولاطة “بابا نوال” المتواجدة بأغلب الأسواق على شكل حيوانات تجر عربات أو أحذية وشخصيات كرتونية بسعر لا يفوق 180دينار، أما عن أسعار الشوكولاطة التي يتهادى بها المحتفلون فيما بينهم فتتتراوح ما بين 400 و6200 دينار، معظم طالبيها شباب من الميسورين حالا كما أخبرنا “نسيم” صاحب محل لبيع الشوكولاطة بشارع “أودان” بالعاصمة.

متنفس من ضغوطات الحياة لا غير! 

لم تقف الظروف الإقتصادية لدى بعض الجزائريين عائقا أمام التنقل عبر الولايات لإحياء عيد “الكريسماس”، ليس إيمانا به وإنما بغية الترفيه لمواصلة نشاط السنة الجديدة بنفس جديد، حيث يقول السيد علي.أ مهندس من البليدة وأب لولدين:” أنا لا أؤمن بأعياد النصارى، ولا زوجتي تفعل، ولكننا حجزنا مبكرا في أحد الفنادق الراقية بوهران وقمنا بذلك خصيصا من أجل طفلينا رغم أن تكاليف الإحتفال مرتفعة جدا وتقدر ب 38000 دينار للفرد الواحد، لكن ما أنقص من حرارة المبلغ تلك الأجواء المحضرة من احتفالات و توزيع ألعاب على الأطفال على الطريقة الأوروبية الى غير ذلك علاوة “، وطمعا في تناسي ضغوطات السنة، فضل “شكيب” 23 سنة طالب التنقل بين ولايات الجنوب لقضاء أيام الكريسماس” حتى آخر ليلة من السنة يقول :” ،لطالما سمعت عن الإحتفال البهيج بعيد الميلاد و برأس السنة في الخيم والفنادق الراقية وأعجبت بالفكرة و قررت أن أعيشها هذه السنة لذلك خططت للأمر مسبقا و وفرت المبلغ اللازم لهذه المناسبة، لكن احتفالي مع أصدقائي بعيد “الكريسمس” لا يعني أنني أؤمن بمعتقدات النصارى، هو مجرد تمضية وقت جميل رفقة الأحباب”.

رقص وخمر حتى الصباح

ككل اخر سنة يتكرر المشهد الذي توحي كل تفاصيله برحلة الى الضفة الأخرى من العادات والمعتقدات، حيث امتلأت الملاهي والمطاعم وأرقى الفنادق عن بكرة أبيها، بوفود المحتفلين من مختلف الولايات ، فما إن أقبل ديسمبر يحمل أعباء السنة حتى تهاطلت الحجوزات على مواقع الإحتفال ، و قد خصصت  هذه الأماكن لزبائنها تخفيضات “ذكية” تحفظ بها مال الجيب حتى تفرغ نظيره، هذه الأخيرة حرصت على تنويع  ديكورها بين الصاخب والرومنسي ضمانا لجو غربي يليق بالمناسبة ، في حضور “بابا نوال” بلحيته المزيفة وزيه الأحمر والأبيض، وشجرة عيد الميلاد التي اصطف المحتفلون حولها منبهرين بأضوائها المتلألئة يلتقطون صورًا تذكارية بالقرب منها، ها هي الليلة الموعودة قد حلت، وتهاوت في ظلها المبادئ والعادات وسط أجواء احتفالية أوروبية لا تمت الى عاداتنا و قيمنا بأي صلة. بدأ الإحتفال بمأدبة عشاء فاخر، وقد خصص أحد أرقى الفنادق بالعاصمة 4 قوائم طعام، تنوعت بين أطباق تقليدية وأخرى عصرية ب 12000 دينار للقائمة الواحدة و الشخص الواحد، فيما بلغت خدمة الأطباق الخفيفة  8000 دينار للفرد وهي مبالغ ليست بالهينة اذا ما أ أضفنا اليها تكاليف السهرة والتي بلغت في مجملها 5500 دينار للشخص الواحد، لتسترسل مظاهر البذخ بذريعة الإستمتاع حتى الساعات الأولى من الصباح، بعد ان انهكت الأجساد هزاً على ايقاعات أكثرها غربية في حفلة أحيتها فرقة جاز أو روك أوروبية، و راقصة على الأنغام الشرقية. 

وللشقق الخاصة نصيب من الإحتفال

لهذا النوع من الأعياد طقوسه الخاصة، ومراسيمه الثابتة لدى الشعوب التي تعنى به، ولأن بعض المحتفلين اعتادوا التنقل الى أوروبا وأمريكا لإحيائه في البيئة الملائمة لهذه الطقوس، كان من الصعب الحفاظ على عادة الإحتفال حين تعذر سفرهم، ما دفعهم الى نقل جو “الشانزيليزيه” و”تايمز سكوير” بأقل صخب الى شققهم المغلقة، يقول فارس 29 سنة :”لم أحصل على تأشيرة السفر الى فرنسا هذه السنة، لذلك قررت نقل الإحتفال الى منزلي، وأخذت إجازة عن العمل وقمت بدعوة بعض الأصدقاء والأقارب من أقراني للعشاء والرقص معا على أنغام الموسيقى الغربية الصاخبة، وقد وقع اختيارنا على شقتي الصغيرة المطلة على شاطئ البحر، لأننا عادة ما نحتفل خارج الوطن “، أما رانيا، حلاقة من حيدرة فتقول:”قمت باقتناء زينة “سانتا كروز” فور حلولها بالسوق، وعلقتها بصالون التجميل وحتى بغرفتي الشخصية، ذلك كوني أعشق أشكالها وألوانها رغم جهلي بدلالات كل واحدة منها، لما لا افعل ذلك وهناك من قام بزرع شجرة عيد الميلاد في باحة منزله؟”. 

الشيخ ياسين الجزائري: “إحياء عيد الكفار خروج عن الدين والملة”

و حول الإحتفال بعيد “الكريسماس” قال الشيخ ياسين الجزائري  امام وخطيب:” مما لا شك فيه أن هذا الإحتفال الذي راح للأسف يحييه البعض من الجزائريين ليس من الدين الإسلامي في شيء، وإنما هو اتباع خاطئ لليهود والنصارى، الذين يحيون أعياد بشرفي معتقدهم أنه الله ، فاتباع هؤولاء خروج عن الدين لقوله تعالى:” لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَم” وفي اية أخرى:”لقد كفر الذين قالوا ان الله ثالث ثلاثة”، كما نهانا رسولنا الكريم على اتباعهم لأنهم على كفر، ولأنهم لا يدينون بديننا وقد جاء في حديث له صلى الله عليه وسلم :”لتتبعن سنن الذين من قبلكم، شبرا بشبر، وذراعا بذراع، حتى لو دخلوا جحر ضب لاتبعتموهم. قلنا يا رسول الله اليهود والنصارى؟ قال: فمن؟”.

والإحتفال ليس أمرا حميدا لأنه اتباع لليهود والنصارى، حتى إن اعتبر هؤولاء أنهم على حق في دينهم، لا يحق لنا اتباعهم كمسلمين لأن الإسلام جاء برسالة كاملة و شاملة غير منقوصة، و ما لا يختلف عليه اثنين ان للمسلمين عيدين في السنة لا غير: عيد الفطر و عيد الأضحى المباركين. 

مقالات ذات صلة