-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

جمال وبشاعة!

جمال وبشاعة!

لم نفهم إلى حد الآن سرّ تعامل المدرِّب الوطني جمال بلماضي، بهذا الاستعلاء والبشاعة مع الصحافيين، فكلما حاولوا التقرُّب منه بأسئلتهم المسالمة، نفر منهم، حتى أننا لم نعد نرى جدوى من مثل هذه الندوات واللقاءات الصحفية التي يحدث فيها الكثير من الزجر ومن الملاحظات، ولا نكاد نجد فيها سؤالا واحدا مُهمًّا ولا جوابا مقنعا.

يجب الاعتراف بأن قطاع الصحافة في الجزائر مثل كل القطاعات أو معظمها، فيه كثير من الغث والقليل من السمين، وهو ضحية عقود من سوء التسيير والتدبير، ولكنه لا يختلف عن قطاع الرياضة المريض وخاصة الأكثر شعبية فيه، بمدربيه ولاعبيه ومسيريه، حتى أنك لا تكاد تفرق بين رداءة في قطاع ورداءة في قطاع آخر، لأجل ذلك لا نظن بأن بلماضي أو غيره في قطاع آخر اقتصادي أو اجتماعي أو علمي، يمتلك حق الانتقاد والقصف في حق قطاع الصحافة، لأن المريض لا يمكنه أن يعالج مريضا مثله، فكلاهما في الهمّ والوهن شرق.

سمعنا بلماضي وهو يقول لأحد الصحفيين: “كان الأجدر بكم أن تسألوني عن مستوى منتخب النيجر، ولا تبقوا تعلكون الحديث عن اللاعبين الجدد الذين دعموا المنتخب الوطني”، وبرأينا كمتابعين للشأن الكروي، فإن الصحافي الذي يسأل عن مستوى منتخب وطني غير مصنف، ولا يسأل عن اندماج اللاعبين المغتربين الجدد، إما أن يكون معتوها أو أصلا من النيجر، كما أن حالة التذمُّر المرسومة على محياه في كل لقاء صحفي، تسدّ نفَس أي صحافي وتكتم شهيته في ممارسة متعة “السين والجيم”، وتجعله ينسى حتى نغمات رنات هاتفه المحمول.

في قلب ثمانينيات القرن الماضي، زار العالم الباكستاني محمد عبد السلام الحاصل على جائزة نوبل في الفيزياء في عام 1979 وصاحب نظرية توحّد قوتين من القوى الرئيسية في الكون إلى قوة واحدة، بعض الجامعات الجزائرية، واستعرض بعضا من نظرياته، وكان بعض الطلبة الجامعيين من دون تخصص الفيزياء، يطرحون عليه أسئلة عن حقيقة كروية الأرض وكون مكة المكرمة في وسط الكرة الأرضية وعن أمور دون تخصصه، وكان يقذفهم بالابتسامات ويردّ أحيانا بالسؤال، وأخرى بأنه ما أوتي من العلم إلا قليلا، وعندما حاول أحد المنظمين، وهو دكتورٌ جزائري في الفيزياء، تقديم الملاحظة للطلبة السائلين، ذكّره بأنه جاء من أجل أن يستمع إلى الآخر وليس ليُجبر الآخر على أن يقول ما يريده هو، وانتهى اللقاء بالعالم الباكستاني الكبير، كبيرا ومفيدا.

لا ندري لماذا لا يُنبّه بعض القائمين على الشأن الكروي بلماضي إلى ضرورة التعاطي مع أسئلة الصحافيين، من دون وضع نفسه في برج عاجي، غير قابل للانتقاد، ويسمح لنفسه بتقييم موظف عمله أن يسأل وينتظر الإجابة، فقد قال هو بنفسه مرة إنه من الصعب أن تعيش في بلد بتعداد 45 مليون مدرِّب، وواضح بأنه يدعو إلى بلد بـ45 مليون صحفي.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!