-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
نيشان

جهالة‮.. ‬أم‮ ‬خيانة؟‮!‬

محمد عباس
  • 5469
  • 1
جهالة‮.. ‬أم‮ ‬خيانة؟‮!‬

قضية عودة “الكولون” (المستوطنين) والحركى – مطالبين باستعادة “أملاكهم”! – التي تعالجها مراسلة الوزير الأول إلى وزراء العدل والداخلية والفلاحة والمالية في 26 يناير 2009(*)، هذه القضية الغريبة تعدّ فضيحة في حد ذاتها، ويعد نظر العدالة الجزائرية فيها والحكم لصالح‮ “‬الكولون‮” ‬والحركى‮ ‬فضيحة‮ ‬مثلثة‮!‬

  • لست بحاجة في هذه العجالة إلى التوقف عند الاعتبارات القانونية والإجرائية التي تشخّص هذه الفضيحة، والتي استعرضها الزميل عبد النور بوخمخم بالتفصيل في تحقيقه المطول.. لذا سأكتفي ببعض الاعتبارات المبدئية منها:
  • 1‮- ‬أن‮ “‬ملكيات‮” ‬الكولون‮ ‬وعملاء‮ ‬الاحتلال‮ ‬مغتصبة‮ ‬أصلا‮ ‬من‮ ‬أصحابها،‮ ‬وموزعة‮ ‬على‮ ‬هؤلاء‮ ‬وأولئك‮ ‬لتشجيع‮ ‬الاستيطان‮ ‬ومكافأة‮ ‬العمالة‮ ‬والخيانة‮.‬
  • ومن‮ ‬طبيعة‮ “‬الحقوق‮” ‬المغتصبة‮ ‬أن‮ ‬تسقط،‮ ‬متى‮ ‬حدث‮ ‬انقلاب‮ ‬في‮ ‬ميزان‮ ‬القوة‮. ‬وقد‮ ‬حدث‮ ‬هذا‮ ‬الانقلاب‮ ‬فعلا،‮ ‬باستعادة‮ ‬الشعب‮ ‬الجزائري‮ ‬سيادته‮ ‬واستقلاله‮ ‬عبر‮ ‬استفتاء‮ ‬فاتح‮ ‬يوليو‮ ‬1962‮.‬
  • وكان‮ ‬الأولى‮ ‬أن‮ ‬ينبري‮ ‬أحفاد‮ ‬الأمير‮ ‬عبد‮ ‬القادر‮ ‬وأحمد‮ ‬باي‮ ‬والمقراني‮ ‬وبوعمامة‮ ‬وبوزيان‮.. ‬إلخ‮ ‬‭-‬‮ ‬لمطالبة‮ ‬دولة‮ ‬الاستقلال‮ – ‬التي‮ ‬أمّمت‮ ‬أملاك‮ “‬الكولون‮” ‬والحركى‮ – ‬بإعادة‮ ‬هذه‮ ‬الأملاك‮ ‬إلى‮ ‬الورثة‮ ‬الشرعيين‮!‬
  • 2- أن مراسيم مارس 1963 – وما تبعها حسب نفس الإرادة والمنطق – قوانين مؤسسة لاستعادة السيادة والاستقلال، وللدولة الجزائرية المنبعثة من رحم ثورة التحرير المباركة. ومن ثمة لا يمكن جهلها أو تجاهلها، أو محاولة الالتفاف عليها بأية ذريعة وبأية حجة من الحجج.
  • والحال‮ ‬أن‮ ‬مراسلة‮ ‬الوزير‮ ‬في‮ ‬الأول‮ ‬آنفة‮ ‬الذكر،‮ ‬تشير‮ ‬إلى‮ ‬مثل‮ ‬هذه‮ ‬الظواهر‮ ‬الغريبة‮ ‬بكل‮ ‬وضوح‮! ‬تشير‮ ‬مثلا‮ ‬إلى‮:‬
  • أ‮ – ‬تقصير‮ ‬ولاة‮ ‬السنوات‮ ‬الأولى‮ ‬للاستقلال‮ ‬‭-‬‮ ‬عن‮ ‬جهل‮ ‬أو‮ ‬نقص‮ ‬تجربة‮!- ‬الذين‮ ‬لم‮ ‬يطبقوا‮ ‬عمليا‮ ‬مراسيم‮ ‬مارس‮ ‬63،‮ ‬بإصدار‮ ‬قرارات‮ ‬إثبات‮ ‬شغور‮ ‬الأملاك‮ ‬المؤمّمة‮..‬
  • ب‮ – ‬تقصير‮ ‬مصالح‮ ‬الحفظ‮ ‬العقاري‮ ‬التي‮ ‬تجاهلت‮ ‬بدورها‮ ‬هذه‮ ‬المراسيم،‮ ‬بمنح‮ ‬قدماء‮ ‬المستوطنين‮ – ‬بعد‮ ‬أكثر‮ ‬من‮ ‬30‮ ‬سنة‮ – ‬شهادات‮ ‬إثبات‮ ‬عدم‮ ‬إشهار‮ ‬الشغور‮!‬‭ ‬استغلالا‮ ‬للتقصير‮ ‬الصادر‮ “‬عن‮ ‬جهل‮ ‬الولاة‮ ‬ونقص‮ ‬تجربتهم‮”!‬
  • ج‮ – ‬تجاهل‮ ‬العدالة‮ ‬أيضا‮ ‬لهذه‮ ‬القوانين‮ – ‬كما‮ ‬حدث‮ ‬مثلا‮ ‬بخنشلة‮ ‬وتلمسان‮ – ‬وحكمها‮ – ‬عبثا‮! – ‬لصالح‮ ‬الحركى‮ “‬المتظلّمين‮”!‬
  • هذا‮ ‬السلوك‮ ‬الغريب‮ ‬من‮ ‬هيئات‮ ‬إدارية‮ ‬ومالية‮ ‬وقضائية‮ ‬يشكل‮ ‬بنتائجه‮ ‬الخطيرة‮ – ‬حسب‮ ‬نص‮ ‬المراسلة‮ ‬دائما‮ – “‬مساسا‮ ‬موصوفا‮ ‬بالاقتصاد‮ ‬الوطني‮”‬،‮ ‬بل‮ ‬خيانة‮ ‬موصوفة‮ ‬لذاكرة‮
  • ‬الشهداء‮.‬
  • تقول‮ ‬مراسلة‮ ‬الوزير‮ ‬الأول‮ ‬بصريح‮ ‬العبارة‮: “‬سجلنا‮ ‬للأسف‮ ‬في‮ ‬مناسبات‮ ‬عديدة‮ ‬تورّط‮ ‬أعوان‮ ‬الدولة،‮ ‬في‮ ‬التغطية‮ ‬على‮ ‬محاولات‮ ‬المستوطنين‮ ‬والحركى‮ ‬استعادة‮ ‬أملاكهم‮ ‬المؤممة،‮ ‬وتسهيل‮ ‬مهمّتهم‮ ‬في‮ ‬ذلك‮”.‬
  • هذا‮ ‬الإقرار‮ ‬الصّريح‮ ‬يجعلنا‮ ‬نطرح‮ ‬أسئلة‮ ‬محرجة،‮ ‬من‮ ‬وحي‮ ‬هذه‮ ‬القضية‮ ‬الخطيرة،‮ ‬ومن‮ ‬وحي‮ ‬واقعنا‮ ‬المؤلم‮ ‬كذلك‮:‬
  • 1‮- ‬ترى‮ ‬من‮ ‬كشف‮ ‬للكولون‮ ‬والحركى‮ ‬هذه‮ ‬الثغرات‮ ‬التنظيمية‮ ‬الناجمة‮ ‬عن‮ ‬تقصير‮ ‬المجموعات‮ ‬المحلية‮ ‬منذ‮ ‬فجر‮ ‬الاستقلال؟‮!‬
  • 2‮- ‬ومن‮ ‬الذي‮ ‬شجّع‮ ‬المستوطنين‮ ‬والحركى‮ ‬على‮ ‬العودة‮ ‬إلى‮ ‬أرض‮ ‬المليون‮ ‬ونصف‮ ‬مليون‮ ‬شهيد‮ “‬متظلمين‮”  ‬لاستعادة‮ “‬حقوق‮” ‬سقطت‮ ‬بحكم‮ ‬التقادم‮ ‬منذ‮ ‬عقود‮ ‬من‮ ‬الزمن،‮ ‬فضلا‮ ‬عن‮ ‬كونها‮ ‬مغتصبة‮ ‬أصلا‮ ‬في‮ ‬معظم‮ ‬الحالات؟‮!‬
  • إنهم‮ ‬باختصار‮ ‬باشاغاوات‮ ‬الاستقلال‮ – ‬خونة‮ ‬اليوم‮ – ‬من‮ ‬بارونات‮ ‬الفساد‮ ‬خاصة‮! ‬
  • إن سلوك هؤلاء المخزي المشين لا يختلف في جوهره عن سلوك باشاغاوات الأمس الذين يمثلهم السعيد بوعلام – “باشاغا” ترقيات لاكوست !- أحسن تمثيل. يطلعنا هذا “الباشاغا” – المذرح! – عن جوهر خيانته إبان ثورة التحرير بكثير من التبجّح والغرور، في كتابه “فرنسا بلادي” إذ يقول: إن الجنرال قائد منطقة الشلف (لعلّه “ڤراسيو”) قال له: “..أنا بحاجة إليك. لقد أدركت أننا بدون فهم العقلية العربية لا يمكن أن نقوم بشيء حاسم. ولست مؤهلا لذلك. ينبغي أن تفكّر مكاني”! أي إطلاعه عن الثقافة الحربية المتوارثة، وما يمكن أن يتولّد عنها من ردود‮ ‬الأفعال‮ ‬والحيل‮ ‬الحربية‮!‬
  • وكذلك شأن “بارونات الفساد اليوم، إنهم لا يتحرّجون عن إطلاع عدو الأمس على ثغراتنا القانونية والتنظيمية، لمواصلة استنزاف ونهب ثروات البلاد والعباد، فاتحين بذلك أبواب التطاول علينا في عقر الدار، ومذللين الطريق لعودة النفوذ الفرنسي بشكل سافر فاضح مؤلم.
  • والسؤال‮ ‬المحرج‮ ‬الأخير‮ ‬هو‮: ‬هل‮ ‬يمكن‮ ‬لمراسلة‮ ‬الوزير‮ ‬الأول‮ ‬أن‮ ‬تضع‮ ‬حدّا‮ ‬للعبث‮ ‬الجاري‮ ‬على‭ ‬هذا‮ ‬الصعيد؟‮!‬
  • ــــــــــــــــــــــــــــــ
  • ‮)‬‭*‬‮(‬طالع‮ ‬الشروق‮ ‬اليومي‮. ‬أعداد‮: ‬22،‮ ‬23،‮ ‬24‮ ‬و25‮ ‬نوفمبر‮ ‬الجاري‮.‬
أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
1
  • بوعمامه

    بل المقترح الصح هو: جرد كل الذين سهلوا العملية، ممن ذكرت، و إدراجهم في قائمة باسم "الحركة الجدد"..بما فيهم المحامين و إقصائهم من أي تدرج أو ترقية: من المسح العقاري حتى النيابة العامة .