الرأي

حاملو المفاضح!

عمار يزلي
  • 4111
  • 10

قبل أن أكتب هذه المرة، فكرت! لأني عادة لا أفكر قبل أن أكتب! ففي العادة، أنا أكتب ثم أفكر، مناقضا تماما كوجيطو ديكارت “أنا أفكر إذن أنا موجود”! اليوم كنت ديكارتيا جدا! ففكرت ثم بدأت أكتب! فقط لأن الموضوع يتطلب تفكيرا أكثر حتى ما يتطلبه عملا!

فكرت في المنظومة المظلومة، وقدرت أن أنصح بإعادة النظر في سياسة التعليم! وزارة التربية تستثمر في الإنسان (الموارد البشرية) التي هي أكثر الأمور التي نهملها نحن في العالم العربي! الإنسان! كل شيء عندنا غال! إلا الإنسان فهو “الرخيس”!
لنبدأ أولا بسن التمدرس! فكرت أن يبدأ الدخول المدرسي في سن “السابعة” كما هو الشأن في كثير من البلدان! سن السابعة هو سن بداية القدرة على التجريد لدى الطفل! دماغه، يشرع ابتداء من السابعة في فهم المجردات، مما يجعل الطفل بإمكانه أن يفهم وفي ظرف وجيز وقصير ما يعجز عن فهمه قبل هذا السن! وبذلك فلن يجد المعلم صعوبة كبيرة في الإفهام والشرح مع الاكتظاظ في عدد التلاميذ والاكتظاظ في المواد المكدسة المدروسة ومنذ السنة الأولى!
السن بالسن! لنبدأ بسن السابعة دخولا، ثم نخفض من الحجم الساعي وحجم المواد، وسنرى أن المستوى سيتطور، وسنحصل على جيل من غير المشوهين بدنيا (بواسطة المحافظ المفاضح!)، ومشوه عقليا بسبب التخريب الفكري الذي يتعرض له الطفل الذي يرغم على تعلم “التكنولوجيا” في السنة أولى، والجبر والهندسة في  الثانية ابتدائي! زيادة على اللغات!
سن السابعة هو السن البيولوجي الأنسب، فهو يشكل نهاية دورة وبداية دورة! الروس، عندما يدخلون أبناءهم في سن السابعة وحتى المغاربة، لم يقوموا بذلك من فراغ، بل بعد دراسات! والغرب حين يقبل التمدرس في سن السادسة، فإنه يسبق ذلك بمرحلة ما قبل التمدرس! ولا يفعل ما فعلناه نحن مع أبنائنا: يقرا في الدار، ويراجع في المدرسة! هذا عيب! هذا دافع للبزنسة التعليمية: الدروس الخصوصية صارت تعرض على التلاميذ من الحضانة! ازدهار سوق الدروس الخصوصية يؤكد فشل المنظومة التربوية! في بعض البلدان الأوروبية، يمنع منعا باتا على المعلمين أن يعطوا التلاميذ أعمالا منزلية! كل الدروس والتمارين والواجبات تعد وتقدم في المدرسة! المدرسة هي صاحبة الحق والواجب في ذلك وليس العائلة! ندفع العائلة لكي تلعب دور المدرسة، هي من تعلم وتفهم وتتابع التلاميذ في البيت ومن تصرف عليهم مصاريف الدروس الخصوصية! المدرسة في هذه الحالة ماذا تفعل؟ ما دورها؟ تصحح واجبات التلاميذ التي يشارك في إعدادها الأولياء (إن كانوا متعلمين) في فهمها ثم شرحها لأبنائهم!؟ ماذا يفعل المعلم اليوم غير مراجعة ما تعلم التلميذ في البيت؟.. وحتى في هذه الحالة، نحن نكلف العائلة والأسرة ما لا تطيق، ماديا ومعنويا ووقتا! على الأولياء المتعلمين (وليس كل الأولياء كذلك!) أن يتعلموا أولا، ما هو مبرمج لأبنائهم في مختلف المواد ، قبل أن يعملوا هم على إفهام أبنائهم! ولهذا، فإن المنظومة التربوية، اليوم ترغم الأولياء على المراجعة مع أبنائهم بالرجوع إلى مستوى الابتدائي ثم المتوسط ثم الثانوي .. “يرودوبليو” يعني! فهم مجبرون على التعلم من جديد. فلماذا إذن المدارس؟ لماذا لا نغلقها في هذه الحالة وتفتح امتحانات بالمراسلة (أحرار) للسنة السادسة وشهادة التعليم المتوسط والباك!؟ وتتهنى القرعة من حك الراس؟؟ أليس هذا أفضل حتى من سن التمدرس في السابعة؟.. وتكسار الراس با”لمفضحة” والكراس؟؟

مقالات ذات صلة