-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
مراد سنوسي يتحدث عن تجربة مسرح وهران ويؤكد:

حان الوقت لاستحداث تخصص “المناجمنت الثقافي” وهذا سر نجاح مسرح علولة

زهية منصر
  • 292
  • 0
حان الوقت لاستحداث تخصص “المناجمنت الثقافي” وهذا سر نجاح مسرح علولة
ح.م
مراد سنوسي

يعتبر مسرح وهران من المؤسسات الناجحة التي تمكنت من الجمع بين الأهداف الثقافية والاقتصادية، حيث أضحى مسرح علولة من المؤسسات القليلة جدا، بل الوحيدة تقريبا التي لا تعاني من صعوبات مالية، بل وتمكنت من تمويل انتاجاتها وجولاتها بنفسها وتنظيم نشاطات بدون دعم الوزارة.

ويروي مدير مسرح وهران مراد سنوسي للشروق على هامش ندوة المسرح جزءا من مغامرة نجاح مسرح وهران، وكيف حقق الاستثناء في وقت تعاني أغلب المسارح من صعوبات.

يقف مسرح وهران كعلامة فارقة في تجربة مسارح الوطن في تحقيق الاستقلالية المادية وربح معركة الجمهور، كيف وصلتم إلى هذا؟
مسرح وهران لم نخترع شيئا جديدا، التسيير لديه قواعد تقوم أساسا على التكوين وهذا الذي ساعدنا على تسيير المؤسسة بأدوات واضحة وهي لا تسقط من السماء ولا تأتي بالأقدمية، لكن بالتجربة، وثمة فرق بين التجربة والأقدمية. مراكمة التجارب ربما ساعدنا في تحقيق ما نحن فيه اليوم وهو نتاج عمل امتد لسنوات.
في عملنا احترمنا ما وجدناه وقمنا بتثمين جهد وعمل زملاء سابقين وطورنا ما اعتقدنا انه يحتاج إلى التطوير. أول شيء قمنا بتثمين الفضاء حتى صار اليوم مسرح وهران الناس تدفع فقط من اجل زيارته هذا ليس لأنه بناية جميلة وأثرية فهي كانت دائما جميلة وأثرية في السابق، لكنها لم تكن مثمنة، فالتثمين مهم جدا.
مراد سنوسي كمدير لن يخلد في منصبه وسيأتي يوم وأغادر فيه مسرح وهران، لكن من يأتي بعدي سيجد إطارا إداريا يفرض عليه الاحترام والانضباط والالتزام ويحرم عليه الارتجالية ولا يمكنه الخروج عن هذه المنظومة حتى لو أراد ذلك، لأننا أرسينا هذه القواعد وصبرنا عليها، وهي اليوم واقع يفرض الاحترام على من يكون فيه. نحن سعينا لحماية المسرح حتى بعد ذهابنا، لأننا نعتقد أن الإنسان يقاس بما ترك.

كيف تمكن مسرح وهران من إرساء هذه القواعد؟
في البداية سطرنا أهدافا وأولويات منها تثمين الفضاء وربح معركة الجمهور، ثم الإنتاج والتوزيع، البعض لم يكن مستوعبا كيف لهذا المسرح لم يكن ينتج في البداية ويطمح لكسب معركة الجمهور، لكن عندما فتحنا القاعة كانت تمتلئ عن آخرها وعندما صرنا ننتج صرنا نقدم عشرة أعمال. منذ البداية لم تكن مقاربتنا مقاربة بيروقراطية إدارية، لكنها مقاربة دينامكية تأخذ البعد الاقتصادي بعين الاعتبار كمحرك.
أرقامنا اليوم تقول أننافي سنة 2023 سننتج عشرة أعمال، سبعة منها سيتم تمويلها بمداخيل ثلاثة أشهر من المسرح، ربحنا خلالها 25 شابا جديدا للمسرح وهذا في حد ذاته انجاز، لأننا ربحنا هؤلاء الشباب لعائلاتهم ولمجتمعهم، كان يمكن مثلا أن يذهبوا في طرق اخرى مثل الحرقة والمخدرات والانحراف وهذا في حد ذاته هدف سام للمسرح.
بودنا أن يستفيد زملاؤنا من مختلف مسارح الوطن من تجربة مسرح وهران، لكن ليس شرط أن يتم ذلك عبر استنساخ التجربة، إذا لا يمكن استنساخ الأشخاص ولا التجارب، لكن على العكس يمكن استنساخ الأسباب والأدوات ومن تلك الأسباب التكوين. أنا كممارس أرفع اقتراحا للوزارة الوصية وهو وجوب استحداث فرع “للمناجمنت الثقافي وتسيير المؤسسة الثقافية” بغرض تكوين جيل من المسيرين يجمعون بين النظرة الثقافية والاقتصادية للمؤسسة.

كيف يمكن استنساخ تجربة مسرح وهران في باقي المؤسسات المسرحية عبر الوطن؟
ليس شرطا، الظروف تختلف، نحن نستثمر في تجربة تمتد إلى 40 عاما، نحاول ونجرب، لكن يمكن استنساخ الأمل، الأمل هو القدرة على الحلم والبحث عن الحلول وتحقيق ما يمكن اعتباره في فترة مستحيلا، لكنه يصبح واقعا بعد فترة. نحن مثلا سندخل تجربة الإنتاج المشترك مع مسرح مستغانم من خلال التكفل بمصاريف ممثلين من مسرح مستغانم في إنتاجنا القادم وهذا نوع من محاولة مقاسمة تجربتنا مع الزملاء، لأنه لا فائدة لمسرح وهران إذا بقي وحده تجربة منفردة، لن نتمكن من تنظيم جولات مسرحية في حال بقيت المسارح الأخرى عاجزة كيف تصل إلى أكبر قدر ممكن من الجمهور في حال بقي التوزيع عاجزا.

البعض يعتبر المقاربة الاقتصادية للمسارح هي محاولة التأقلم مع المحيط، ما رأيك؟
المحيط جزء من الظروف، لأنه ما يصلح لمسرح وهران قد لا يصلح لمؤسسات أخرى في مكان آخر، وذكاء المناجير هو في ابتكار الحلول التي تصلح لمحيطه وتتكيف حسب إمكاناته وهذا بامتلاك تصور علمي منهجي، وكما قلت سابقا علينا التفكير في استحداث تخصص للمناجمت والتسيير الثقافي للمؤسسات والصبر لتكوين جيل جديد من المسيرين يمكنه الجمع بين المقاربة الاقتصادية وبين الدور الثقافي للمؤسسات.

هناك من شكك في الأرقام التي يقدمها مسرح وهران ويعتبر ذلك ادعاء منكم؟
من حق أي كان التشكيك في الأرقام التي نقدمها، لكن عندما نقول أننا حققنا 54 مليونا مداخيل يمكن الرجوع إلى الحسابات البنكية والتأكد من الأمر، وعندما نقول أننا حققنا 32 ألف تذكرة، السجلات موجودة، وعندما نقول أننا سننتج عشرة أعمال جديدة يمكن انتظار 31 ديسمبر لمحاسبتنا. إعطاء الأرقام يدخل في عملنا العادي وفي الحصيلة التي نعدها لتسطير أهداف جديدة كل سنة على ضوء ما تحقق سابقا.
هذه السنة مثلا نستعد لتنظيم الدورة الثانية من الأيام المتوسطية للمسرح بدون دعم الوزارة وسنحقق أرباحا وسنقدم حصيلة تلك الأرباح شهر جويلية. في الدورة السابقة حققنا إرباحا قدرت بـ100 مليون خلال سبعة أيام وبيعت التذكرة بـ500 دينار والقاعة كانت ممتلئة في كل عرض.
وإذا كانت تكلفة الإنتاج الجديد الذي نحن بصدده هذا العام مع ثلاث جمعيات تكلفنا 40 مليونا فإننا حققنا في جانفي الفارط مبلغ 42 مليونا. افهم أن يشكك بعض الزملاء في أرقامنا وأفهم الخلفية وفي بعض الأحيان “نحسن العون”، لكننا لا نجني شيئا إذا بقينا في مرحلة التشكيك، نحن متفتحون ومستعدون لمرافقة زملائنا ومقاسمة تجربتنا، لأننا حتما سنستفيد نحن أيضا. مسرح وهران لن يستفيد سيئا لو بقي تجربة منفردة وحده، لكنه سيتقدم لو أصبح زملاؤه من المسارح الأخرى تجارب قائمة بحد ذاتها.

ما هي آفاق مسرح وهران خلال السنة الجارية؟
تمكنا هذا العام من استقطاب 15 شابا جديدا في المسرح، هي طاقات إضافية سيتدعم بها المسرح ونستعد لإطلاق الجولة الثانية لأعمالنا في عروض في الشارع والقطارات والمؤسسات العقابية، هذا النوع من البرامج نعتبره خدمة عمومية لن نجني منها أرباحا، لكننا نربح منها صورة للمسرح. أعطيك مثالا، الممثل خساني هناك بعض المسارح طلبته في عروض، لكنها لم تتمكن من تلبية المبلغ الذي طلبه، لكنه سيكون مع مسرح وهران في الجولة التي سننظمها في المؤسسات العقابية بالشروط التي يقدم بها باقي الممثلون باقي عروضهم، لأنه يعرف بذكائه انه مع مسرح وهران لن يربح المال، لكنه سيربح صورة. المسارح التي لا تملك صورة ولا مكانة في المجتمع لا يمكنها تقديم أي شيء حتى لو أعطيت لها الملايير، والمسارح التي تملك صورتها ومكانتها هي في حد ذاتها ملايير.
مسرح وهران مثلا هو حاليا مؤطر ومزين بخمس المبلغ الذي اقترح متعامل متعود على تزيين وتهيئة واجهات كبرى المؤسسات، وقال لنا أن مسرح وهران هو أفضل واجهة لي، لأن هذا الفضاء قمنا بتثمينه. التواضع “مليح” صحيح، لكن التواضع السلبي لا يذهب بنا بعيدا. نحن متواضعون، لكن عندما يقتضي الأمر أن نثمن صورتنا فنحن حتما سنقوم بذلك بدون خجل وبدون عقدة، لأننا تعبنا في الاشتغال على صورتنا.
قد ينتقدنا الممارسون والزملاء، لكننا نشتغل من أجل المجتمع، والتاريخ الذي حتما سيذكر انجازات من اجتهد وعمل بجدية.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!