-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

حربُ “المتحضّرين على البرابرة”!

حسين لقرع
  • 459
  • 0
حربُ “المتحضّرين على البرابرة”!

منذ بداية حربه على الأطفال والنساء والشيوخ في غزة، لا يكفّ رئيسُ وزراء العدوّ الصهيوني بنيامين نتنياهو عن الترديد باستمرار في ندواته الصِّحافية شبه اليومية، وبكلّ تبجّح وصفاقة، أنّها “حربُ العالم الحرّ على الوحشية”، و”المتحضّرين على البرابرة الهمجيين”!

معالمُ هذه الحرب “الحضارية” التي يشنّها الاحتلال منذ 7 أكتوبر واضحة تماما؛ فهو يردّ بشكل جنوني حاقد على عمليات حماس التي دمّرت فيها “فرقةَ غزة” بأكملها، من خلال القصف الجوي الجهنمي للقطاع، وتسوية الكثير من أحيائها السكنية بالأرض، وتدمير المدارس والمساجد والمستشفيات وهدم البيوت على رؤوس سكانها، فكانت الحصيلة مروِّعة في صفوف الأطفال والنساء والمسنّين والمدنيين؛ شهداء بالآلاف وجرحى بعشرات الآلاف ونازحون بمئات الآلاف، وقد شدّد عليهم الاحتلال الحصار فمنع عنهم الغذاء والماء والكهرباء والوقود والدواء، قبل أن يتراجع نسبيّا تحت الضغوط الدولية ويسمح بمرور بضع شاحنات إغاثة يوميا من معبر رفح.. ومع ذلك يظهر نتنياهو على شاشات التلفزيون ويردِّد بصلف ووقاحة أنها “حرب المتحضّرين على البرابرة”، وأنّ العالم ينبغي أن يُساند جيشه ويقف معه إلى أن يحقّق هدفه في القضاء على حماس، مع أنّه لا يقضي في الواقع إلا على مئات العائلات ويمسحها من السجلّ المدني تماما!

في هذه الحرب الوحشية سقطت الأقنعةُ كلُّها عن الجميع، فرأينا الوجه الحقيقي للاحتلال وكيف يتصرّف بشكل جنوني وأعمى حينما يشعر بخطر كبير يهدّد وجوده، والأمر ذاته ينطبق على دول الغرب التي تقول إنها تنتمي إلى “العالم الحر” وكيف تتغاضى عن الانتهاك السافر لـ”القانون الدولي الإنساني” الذي وضعته بنفسها يوما، وعن محاولات التهجير القسري والتطهير العرقي للفلسطينيين، وتغضّ الطرف عن جرائم الإبادة، وتوفر دعما سياسيا وإعلاميا وحتى عسكريا غير مسبوق للاحتلال حينما شعرت بأنّ غزوة 7 أكتوبر هي مجرّد “تمرين” بسيط على كيفية القضاء على جيشه في السنوات القليلة القادمة ومن ثمة انهيار الكيان الذي زرعته في قلب الوطن العربي للإبقاء عليه ضعيفا مفكَّكا، وكشفت الحربُ أيضا كيف يتصّرف قادةُ العرب والمسلمين بردود الأفعال ذاتها التي لا تخرج عن التنديد كالعادة، ولكنّ الأسوأ أنه لا أحدَ من المطبّعين هزّته المذابح الوحشية اليومية المستمرّة وغضب لدماء الأطفال والنساء التي تسيل وِديانًا وتجرّأ على طرد سفير الكيان ببلده، أو حتى استدعائِه للتوبيخ، بل إنّ ممثلة الإمارات بمجلس الأمن ندّدت بعمليات حماس البطولية في 7 أكتوبر ووصفتها بـ”الجرائم البربرية والشنيعة”؟!

هذه الحربُ الجهنّمية التي يشنّها “المتحضّرون” الصهاينة على “البرابرة” من الأطفال والنساء في غزة، ستنتهي يوما كما انتهت حروبٌ سابقة شنّها الاحتلالُ على القطاع المحاصَر، ثم كان يوقفها في كلّ مرة حينما يشعر أنّه لم يعُد يحقّق شيئا غير تفاقم كراهية شعوب العالم له.. سيوقف الاحتلالُ هذه الحرب عندما تُثخن فيه المقاومة في المواجهات البرّية ويتأكّد بعدها أنّ استمرارها لا يعني سوى سقوط المزيد من جنوده بلا طائل، ويُثخن هو في الأطفال والنساء ليشفي غليله، مع أنّه يعلم أنه لا مجدَ في قتل الأطفال والنساء، بل كلّ الخزي والعار.

المعارك البرية الأولى في غزة تؤكّد الصمود الأسطوري لأشاوس المقاومة وتكبيدهم العدوَّ خسائرَ كبيرة، وحينما تتعاظم خسائرُه العسكرية والاقتصادية بمرور الوقت، ويتأكّد من هزيمته الحتمية، سيوقف الحربَ مرغَما، ويستقيل نتنياهو ويُسجن بتهم فسادٍ سابقة، وتُنشَئ لجنةُ تحقيق، وبعدها يكون تاريخٌ جديد قد بدأ يُكتب في المنطقة بأحرفٍ من ذهب، لأنّ نهاية الكيان تكون قد اقتربت وقد لا يُكمل عقدَه الثامن كما لم تكمله أيُّ دولةٍ يهودية سابقة عبر التاريخ.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!