حريصون على إرضاء فرنسا!
فضح التّحرك الأخير للجزائريين الذين خرجوا إلى الشّارع رفضا وردا على الشتائم والإساءات التي صدرت عن صحيفة “شارلي إيبدو” ما يسمى تجنيا عندنا بالنخبة المثقفة، التي يفترض أن تكون هي المحرك لأي حراك شعبي، لا الاكتفاء بالتعليقات التافهة في الصالونات وفي مواقع التواصل الاجتماعي، وفي بعض التصريحات الصّحفية.
عندما يصف كمال داود آلاف المواطنين الذين خرجوا إلى الجزائر بالأغبياء، وعندما تربط جريدة مفرنسة هبة الجزائريين ومسيراتهم بالعشرية الحمراء تخويفا وترهيبا، لا لشيء إلا لأن المظاهرة شارك فيها علي بن حاج وحمداش، وعندما يركز العديد من أشباه المثقفين على بعض الشّعارات التي رددها مراهقون كانوا ضمن المشاركين في المظاهرات وربطها بداعش والقاعدة… عندها ندرك أنّ النّخبة ليست في مستوى توجيه المجتمع أو التأثير فيه.
كان يسع هؤلاء الذين تخلّفوا عن ردّ الشّتيمة والانتفاض في وجه المسيئين للرسول صلى الله عليه وسلم أن يسكتوا فذلك يكفي لإرضاء فرنسا، أما أن يدخلوا في حملة تشويه للشعب الجزائري الذي هزته الشّتائم الصّادرة عنْ صحيفة “شارلي إيبدو” الصفراء، وأغضبته تحول هذه الصحفية إلى شعار يرفعه ملايين الفرنسيين… أن ما يفعل هؤلاء في هذه الحملة هو عين الغباء والعمالة والاستلاب والخنوع.
لم نسمع من هؤلاء كلمة واحدة منددة بإساءات شارلي إيبدو ولا بالفرنسيين الذين خرجوا في مسيرات ورفعوا رسومات تجسّد رسولنا في رسومات مقززة ومن هم من ردد شعارات عنصرية ضد العرب والمسلمين، بل إنّ الكثير من المستلبين لغويا وثقافيا عندنا رفعوا معهم شعار “أنا شارلي“، وعندما أعادت الصحيفة الكرّة وأصدرت عددا خاصا لشتم نبي المسلمين دخل هؤلاء في صمت القبور ويا ليتهم استمروا في صمتهم، بل إنهم شرعوا في تمتمات وانْزِعاج داخلي من الحراك الشعبي ضد الرسوم المُسِيئة، وعندما تطور الحراك إلى مسيرات سارعوا إلى التِقاط الأخطاء هنا وهناك لتشويه المسيرات ووصفها بالدّعوشة والإرهاب والتطرف والغباء وغيرها من الأوصاف…
ما هذا الحرص على إرضاء فرنسا؟ وما هذا التكلّف في التزلّف والانبطاح عندما يتعلق الأمر بعلاقة الجزائريين بفرنسا، التي غادرت الجزائر منذ 52 سنة… يذكرني هؤلاء بمقولة طالما وصف بها أتباع فرنسا في الجزائر وهي “إذا سقط المطر في باريس فإنّ هؤلاء يحمون أنفسهم بالمطريات رغم أن الجو مشمس في الجزائر“!!