حريق في “بيت” بابا أحمد!!
لغة التصعيد التي تعتمدها أطراف الأسرة التربوية هذه الأيام لا تبشّر بالخير، إضرابات واحتجاجات من طرف النّقابات المستقلة، يقابلها تهديد ووعيد من قبل وزارة التربية الوطنية، وفي النهاية يكون الخاسر الأكبر هم التلاميذ وأولياؤهم، لأنهم يدفعون وحدهم ثمن “الحريق” الذي اشتعل في المدرسة بسبب تعنّت النقابات، وذهابها بعيدا في استخدام التلاميذ رهينة لتحقيق مطالبها من جهة، ومن جهة أخرى تعنّت الوزارة التي دخلت في حرب أرقام “تافهة” لإعطاء الانطباع بأن الإضراب فشل!!
يقول العارفون بالقطاع أن أيّام الإضراب تعد خطيرة على الجوانب النّفسية والتّربوية للتلاميذ، لأنّهم يغادرون مقاعد الدّراسة دون إشعار مسبق ودون علم أوليائهم، وبالتّالي يكونون عرضة لكل الآفات كالتدخين والمخدّرات والانحلال الأخلاقي، وهي مظاهر تسهل ملاحظتها هذه الأيام أمام الإكماليات والثانويّات وحتى المدارس الابتدائية!!
أمّا عن المشاكل البيداغوجية النّاجمة عن الإضراب كالتّأخر في المقرّرات الدّراسية، وما ينجر عن ذلك من محاولات شحن “أدمغة” التّلاميذ بكم هائل من المعلومات والمواد التّربوية في وقت قصير لاستدراك هذا التّأخر، وكذا اللّجوء إلى أسلوب العمل بالعتبة التي هي في الواقع اختراع جزائري حديث غير مسبوق، وغير معمول به في كل دول العالم.. كل هذه الكوارث بسبب الإضراب عن العلم التي تتخذه النقابات المستقلة سلاحا فتّاكا لقهر الوزارة ودفعها للاستجابة لمطالبها.
على طرفي النزاع في قطاع التربية، أن يدركا أن سياسة عض الأصابع المعتمدة من الطرفين ستنجر عنها كوارث أكبر من خلافاتهما، وأن الاستمرار في هذا الطريق سيؤلّب طرفا ثالثا أكبر من الجميع وهو الجزائريين الذين اختاروا المدارس الحكومية ليحظى أبناؤهم بالرعاية والتكفّل، لا لتتصارع الوزارة والنقابات على حساب مستقبل 8 مليون تلميذ.
للنقابات نقول كفى استغلالا لأبنائنا في تحقيق مطالبكم مهما كانت مشروعة، فتحقيق المطالب ممكن بطرق وأساليب كثيرة منها الاحتجاج والتّجمع والاعتصام، وليس بالإضراب المفتوح فقط، وللوزارة نقول أن التّلاعب بالأرقام والتلويح بالخصم ومراوغة الأستاذ والمعلم وإهانته في كل مرة بتضخيم الزيادات المتواضعة في أجره، ومن ثمة تسريبها للصحافة بطريقة لا تحدث إلا مع العاملين في القطاع التربوي، هذا التلاعب سيؤدي إلى “تضخم” المشاكل الموجودة، لتتحول إلى كوارث لا أحد يملك القدرة في مواجهتها مستقبلا.