-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
شهيدة العلم هيباثيا بنت ثيونس

حرّرت العقول من الكهنوت الكنسي وأنعشت العلوم التجريبية والفكرية

جواهر الشروق
  • 4331
  • 0
حرّرت العقول من الكهنوت الكنسي وأنعشت العلوم التجريبية والفكرية
ح.م

لو كان كبير الفلاسفة أفلاطون؛ يدرك أن اِمرأة ستنفض الغبار عن مبادئ فلسفته بعدما طمسها الكهنوت، لما عاش حياته متأسفا لأنه ابن امرأة! هي شهيدة العلم هيباثيا ابنة ثيونوس تلك المرأة التي لم يمنعها جمالها الفائق من أن تصبح عالمة عظيمة، خارقة بذلك سنن عصرها التي تعتبر النساء مجرد جسد مبتذل يباع ويشترى من أجل إشباع غرائز الرجال.

وتعتبر هيباثيا أول عالمة أنثى في التاريخ البشري، ولدت سنة 370 للميلاد شمال مدينة الإسكندرية التي كانت تعد أنذاك أشهر قطب علمي في المعمورة، اشتهرت بحدة ذكائها وسرعة بديهتها فهضمت الكثير من العلوم على رأسها الفيزياء والرياضيات والفلسفة، حيث تأثرت بفكر أفلاطون وتوجهه المنطقي الرياضي.  فتكفلت الدولة الرومانية بنفقات تعليمها، رغم أن ثقافة تعليم النساء لم تكن شائعة في عصرها.

وبعد إنهاء تعليمها اشتغلت أستاذة رياضيات في الجامعة وهي في الخامسة والعشرين من عمرها، فكانت استثناء خاصا لأن جامعة الإسكندرية، كانت مقيدة بتعاليم الكنيسة التي تناهض العلوم التجريبية والمنطقية والفلسفة. واستطاعت هيباثيا بفضل شخصيتها القوية، وأخلاقها العالية أن تفرض احترامها على الجميع، فكانت محل تقدير وإعجاب تلامذتها المسيحيين، وأصبح أكابر الإسكندرية يتوافدون على مجالسها وينهلون من علمها، وهي تخاطب عقولهم بأفكار وقضايا فاقت بها كل فلاسفة وعلماء عصرها.

 واعتبرها بعض المؤلّفين المسيحيين رمزا للفضيلة، من بينهم المؤرخ الكنسي سقراط الذي قال عنها في كتابه تاريخ الكنيسة “..بالإضافة إلى تواضعها الشديد لم تكن تهوى الظهور أمام العامة. رغم ذلك كانت تقف أمام قضاة المدينة وحكامها دون أن تفقد مسلكها المتواضع المهيب الذي كان يميزها عن سواها، والذي أكسبها احترامهم وتقدير الجميع لها. في مقدمتهم والي المدينة أورستوس..

وكان الكهنوت الكنسي ضاربا بأطنابه على شؤون الحياة، حاجرا على العقول حق التفكير والإبداع، فسبّب اِلتفاف الواعين حول هيباثيا حرجا بالغا للكنيسة المسيحية وراعيها الأسقف كيرلس الأول، الذي أدرك مدى خطورة تلك المرأة على مستقبله، خاصة بعد علمه بصداقتها مع غريمه الوالي أوريستوس حيث كانت بينهما خلافات من أجل السلطة. وعندما دخل كيرلس ورجال الكنيسة وأتباعهم في صراع مع اليهود لم يستطع الوالي أوريتوس السيطرة على الوضع، وراسل إمبراطور البلد ليعلمه بالفوضى التي حدثت جرّاء اشتباك رجال الكنسية مع اليهود، فزاد حقدهم عليه وانتشرت بين الدهماء شائعة تقول أن سوء العلاقة بين الوالي والأسقف سببها المرأة الفاتنة هيباثيا.

فاتفق جماعة من المتعصبين الجهلة على قتلها، وفي أول مارس سنة 415 م، وبالقرب من صحراء وادي النطرون، مرت هيباثيا بعربتها عائدة إلى بيتها، فهجموا عليها بقسوة وقادوها إلى الكنيسة حيث ذبحوها بوحشية، ونكّلوا بجسدها ثم أضرموا النّار في أشلائها.

وهكذا انطفأت شمعة العلم هيباثيا في الإسكندرية، بعد أن تركت أثرا طيبا للبشرية منها اختراعها لمقياس كثافة السوائل، وجهاز رصد إسطرلاب، بالإضافة إلى مؤلفاتها في الرياضيات والفلسفة والفكر.
يقول كارل ساغان مؤلف كتاب ” الكون – أو “كوزموز”: ” إن هيباشيا هي آخر بريق لشعاع العلم من جامعة الإسكندرية القديمة“.

 فيما قال عنها الكاتب الانجليزي جون تولاند: “حسب النساء اعتداداً بقيمتهن، أن تكون من بينهن امرأة مثلها في تلك الدرجة من الكمال.. ولديهن من بواعث الفخر والاعتداء بقيمتهن أكثر مما لدى الرجال من بواعث الخجل والعار أن يكون من بينهم متوحش لا يرق لمثل هذا الجمال وذلك الطهر، وذلك العلم الرحيب الآفاق”.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
  • الى التعليق رقم : 2

    علماء المسلمين الحقيقيين هم ابن سينا ، ابن الهيثم ، الخوارزمي ، ابن نفيس ، ابن البيطار ، الرازي وغيرهم من العلماء الذين كفرهم الفقهاء و رجال الدين و اعتبروهم ملاحدة و زنادقة مرتدين خارجين عن ملة الاسلام...
    أما ان كنت تقصد علماء الدين فان هؤلاء في مدلول عصرنا الحالي هم لا يعدون "علماء" بل هم مجرد "فقهاء" ، أما العلماء الحقيقيين هفم أوائك الذين يتواجدون في المختبرات و خلف التليسكوبات و في مراكز الرصد الفضائي و ميادين التجريب...

  • الونشريسي

    مالناا ومالها اين علماء المسلمين والجزائرين

  • بدون اسم

    ةي اين اختبار الحمل