-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
الرشاوى والتجسس تفقدانه الحظوة بعد عقود من التستر

حقوق الإنسان بالمغرب على الطاولة الأوروبية هذا الخميس

محمد مسلم
  • 3331
  • 0
حقوق الإنسان بالمغرب على الطاولة الأوروبية هذا الخميس
أرشيف

ضعفت الحماية الفرنسية، فانكشفت فضائح نظام المخزن المغربي، الرباط في مواجهة الغضب الأوروبي، هذه هي العبارة التي تلخص طبيعة العلاقة هذه الأيام بين نظام المخزن والاتحاد الأوروبي.

وبعد عقود من التستر، قرر البرلمان الأوروبي مناقشة وضعية حقوق الإنسان في المغرب هذا الخميس، في جلسة علنية، في سابقة لم تحدث منذ ربع قرن، تقول صحيفة “لوسوار” البلجيكية، وذلك رغم الوضعية الكارثية التي تعيشها مملكة المخزن على صعيد حرية التعبير وحقوق الإنسان، والتي شهدت مؤخرا، سجن الناشط والحقوقي والوزير الأسبق، محمد زيان، ثلاث سنوات في محاكمة غابت فيها أبسط المحاكمات العادلة، لمجرد أنه تساءل عمن يحكم المملكة خلال فترة الستة أشهر التي تواجد فيها الملك في فرنسا.

الخطوة الأوروبية جاءت بعد نحو أسبوعين من زيارة المفوض السامي للسياسة الخارجية والأمنية في الاتحاد، جوزيب بوريل، إلى الرباط، والتي شهدت توجيه صفعات حارة من قبل المسؤول الأوروبي لنظام المخزن في عقر داره، على خلفية فضائح رشوة وتجسس تورّط فيها النظام المغربي، في مشهد لم يكن مسبوقا في التعاطي بين الطرفين، إذ كان المخزن إلى وقت قريب، النظام المدلل لدى بروكسل في المنطقة المغاربية.

وبات النظام المغربي مرعوبا من الموقف الأوروبي الجديد، والذي تبلور بعد أدلة وبراهين تدين مسؤولي المخزن في فضائح رشوة وتجسس وانتهاك حقوق الإنسان، ومع ذلك لا يزال  هذا النظام يتصرف بشكل مارق غير آبه بالأعراف القانونية داخليا وفي علاقاته مع الدول، ما تسبب في خسارته أبرز “عرّابيه” في القارة العجوز، فرنسا بعد التجسس على هاتف رئيسها، إيمانويل ماكرون، فيما عرف بفضيحة “بيغاسوس”.

التوجه الجديد للاتحاد الأوربي في التعاطي مع النظام المغربي، كان متوقعا في نظر حكومة الرباط، فقد تحدث قبل أيام المتحدث باسم الحكومة مصطفى بايتاس، عن استهداف علاقات بلاده مع بروكسل، من قبل جهات سياسية وإعلامية في القارة العجوز، وذلك في أعقاب نشر الصحافة الأوروبية فضائح شبكة فساد ورشاوى تورطت فيها المخابرات العسكرية الخارجية المغربية (المديرية العامة للدراسات والتوثيق)، مع برلمانيين أوروبيين من اليونان وإيطاليا وبلجيكا، في أكبر شبكة فساد طالت ستين نائبا من مختلف الدول الأوروبية، وفق تقارير إعلامية يونانية.

ويعني فتح ملف حقوق الإنسان في مملكة المخزن من قبل الاتحاد الأوروبي، انهيار الثقة بين الرباط وبروكسل، كما أن الإقدام على خطوة من هذا القبيل، تشير إلى أن الاتحاد الأوروبي قرر توجيه ضربة للنظام المغربي، لإدراكها بأن حالة حقوق الإنسان في المملكة العلوية، تعيش وضعا كارثيا، فهناك صحافيون مدانون بأحكام سياسية قاسية، على غرار الصحفي توفيق بوعشرين الذي يقضي عقوبة السجن بـ15 سنة، لمجرد أنه كتب مقالا انتقد فيه نظام المخزن، وإن كانت التهم غلفت بلباس أخلاقي مفتعل.

كما يقضي الصحفي سليمان الريسوني عقوبة السجن بخمس سنوات بسبب كتاباته المنتقدة للنظام، وهو الذي عمل إلى جانب الصحفي بوعشرين في صحيفة “اليوم 24” المتوقفة قصرا عن الصدور، ولفقت له أيضا تهما أخلاقية حتى لا يعطي الانطباع بأن القضية تتعلق بحرية التعبير، حاله حال صحافية أخرى بالصحيفة المعارضة ذاتها، هاجر الريسوني، التي سجنت أيضا بتهم أخلاقية مفتعلة أيضا، فضلا عن صحافي آخر هو عمر الراضي الذي يقضي بدوره عقوبة السجن بست سنوات، لأسباب أخلاقية مفتعلة أيضا.

ورغم أن وضع حقوق الإنسان في الجزائر بعيد جدا، ولا مجال لمقارنته إطلاقا بما هو حاصل في المغرب (عقوبات الصحافيين تصل إلى 15 سنة على غرار حالة توفيق بوعشرين، وإدانة ناشطين حقوقيين بـ20 سنة مثل حالة ناصر الزفزافي وأصدقائه)، إلا أن الجزائر هي التي كانت حاضرة في كل مرة في جلسات البرلمان الأوروبي، بتأثير من نوابه الفاسدين، مقابل التصدي لأي محاولة لمناقشة وضعية حقوق الإنسان في مملكة المخزن.

وكشفت التحقيقات التي قامت بها العدالة البلجيكية في فضيحة رشاوى البرلمان الأوروبي، عن تورط نواب أوروبيين، على رأسهم بيار أنطونيو بانزيري، في التستر على وضع حقوق الإنسان في مملكة المخزن، ما يعني أن انكشاف الفضيحة حال دون تقدم أي نائب من النواب في البرلمان الأوروبي، للذود عن المخزن، الذي بات الدفاع عنه بمثابة “شبهة فساد”.

وبفضل الأموال التي كان يدفعها النظام المغربي للنواب الفاسدين، نجح البرلمان الأوروبي في الحيلولة دون منح جائزة ساخاروف إلى مرشحين من دعاة تقرير المصير في نزاع الصحراء الغربية مثل الناشطة الصحراوية في مجال حقوق الإنسان، أميناتو حيدر، وكذلك أحد وجوه الحراك في الريف ناصر الزفزافي، الذي يقضي عقوبة السجن بعشرين سنة كاملة رفقة الكثير من ناشطي الريف، ومع ذلك لم تتجرأ بروكسل على انتقاد تلك الأحكام التي لم تستند على مبررات قانونية.

ويتساءل المراقبون إن كان تغير الموقف الأوروبي من النظام المغربي بسبب فضائح الرشاوى وفضيحة التجسس “بيغاسوس” وتدهور وضع حقوق الإنسان، ستنجر عنه عقوبات مؤلمة، من قبيل وقف اتفاقيتي التبادل التجاري والصيد البحري في مياه الصحراء الغربية المحتلة، التي قضت المحكمة الأوروبية بإلغائهما.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!