-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

حقيبة وزارية للـ”الفايس بوك”!

حقيبة وزارية للـ”الفايس بوك”!
ح.م

الطريقة التي تمّت بها إقالة مدير دار العجزة في باتنة، على خلفية الصور التي تناقلتها مواقع التواصل الاجتماعي، التي تبيّن مدى التسيّب في مؤسساتنا، تجعلنا أمام أسلوب متناقض في التعامل مع الأحداث، فالأمر يوحي في ظاهره بأن المسؤولين يتجاوبون مع الحراك الشعبي الإلكتروني، ولكنه يخفي التسيّب الحقيقي الذي يجعل كبار المسؤولين ومنهم محققو وزارة التضامن، يغفلون عن هذه المهازل، ويلتقط صورها “فاعل خير” لا يتقاضى مثلهم راتبا وامتيازات، ولا نفهم في هذه الحالة، لماذا لا تُحاسب العين الغافلة عن هذه الصور البائسة التي ربما عمرها سنوات، ولا نفهم لماذا لم يحاسب مسؤولون أكبر من مدير دار العجزة بباتنة، من الذين سافرت زلاتهم وصورهم البائسة ما بين قارات الفضاء الأزرق.

وتعلم وزارة التضامن وبقية الوزارات بأن صورا أبشع تعشش منذ عقود في الكثير من دور العجزة ودور الحضانة والأيتام والمسعفين وفي المستشفيات والمدارس والجامعات، ولكن صور “فاعلي الخير” لم تلتقطها ولم تحلق بها في الفضاء الأزرق، وبقيت بعيدة عن العين وعن القلب معا، وتعلم أيضا بأن فاعل “الخير” ليس بالضرورة من الخيّرين، فقد يكون من الذين طلبوا اقتسام “الحلوى” وعندما خاب مسعاه، أحرق الأرض بما فيها، كما حدث في الكثير من المواضع، حيث لا تنكشف خيوط الجريمة إلا عندما يتخاصم أفراد العصابة فيُضرب الظالمون بالظالمين.

لقد انتشرت في السنوات الماضية الرسائل المجهولة والمكالمات العابرة، التي لا يمتلك أصحابها الجرأة على كشف الحقيقة في العلن، فيلجئون لمراسلة السلطات الأمنية بقضايا كشفت الكثير من بارونات الإجرام في الجزائر، وطالت السياسيين ورجال الأعمال، ولكن الرسائل تحوّلت إلى فيديوهات يتداولها الناس، وتجعل صاحب الزلة في حرج أمام صور متحركة تقول وتخرسه عن الرد، ويبقى تحرك المسؤولين في غالب الأحيان حسب وزن المعني بالفضيحة المصورة، فإذا كان من مقطوعي الجناحين كان مصيره، كمصير مدير دار العجزة بباتنة، وإذا كان من ذوي الجاه بقي الفيديو يسبح في الفضاء الأزرق، إلى أن يغرق أو يُتلف أو يُنسى وسط آلاف الفيديوهات التي تقول جزءا صغيرا من الواقع المؤلم.

الطريقة الاستعراضية التي تقوم بها بعض الوزارات والمديريات عندما تعلن عن إقالة هذا المدير أو متابعة ذاك قضائيا، كان يمكن أن يكون لها معنى وجدوى، لو كان سبب رد فعلها تحقيقات أجرتها، أو زيارات فجائية قامت بها، أو كانت متبوعة باستقالة المسئولين الكبار، ولكن أن نبحث في كل مرة عن “كبش فداء”، نذبحه أمام أنظار الناس، فذاك هو مداواة الداء بالداء.

أكيد أن مدير دار العجزة بباتنة أخطأ وربما ارتكب جريمة إهمال وتسيّب لا تُغتفر، ولكن الذي أخطأ أكثر هو من عيّنه في هذا المنصب ولم يراقبه في عمله، وأراد بردّ فعله السريع إخفاء سوء تقديره. وستكون لحقيبة الفايس بوك التي صارت تلعب دورا أكبر من مراكز الرقابة التي يُصرف على عمالها أجورا وامتيازات، جدوى، عندما يُصبح لكل فيديو طائر، مستقيل في وزن وزير.. وذاك أضعف الإيمان !

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
1
  • الطيب

    من يراقب من !؟ ......القاعدة التي يبدو أنه وقع عليها الإجماع هي دير رايك و اذا حكمك الكماش راك تخلصها وحدك بالثالثة و المثلوثة .......................كيما الثعلوب سارق البيض !